«الثوار المزيفون» يحاصرون «ليبيا الدولة» تواجه ليبيا الجديدة صعوبة كبيرة فى ترسيخ سلطة الدولة على الأرض، مع احتفاظ عدد كبير من الميليشيات التى كانت تقاتل العقيد معمر القذافى، بسلاحها، وتقسيم غالبيتها على أساس عرقى، وظهر هذا واضحا من خلال الهجوم الذى شنته كتيبة ترهونة الليبية المسلحة على مطار طرابلس الدولى وتعطيلها حركة الملاحة الجوية فيه لعدة ساعات للتنديد باختفاء قائدها، قبل أن تتمكن القوات الحكومية من طردها واستعادة السيطرة على المطار. بدأت الأحداث المؤسفة، عندما هاجمت الكتيبة مطار طرابلس فجمدت حركة الملاحة الجوية، وذلك بهدف الضغط على الحكومة لكشف قضية خطف زعيمهم أبو عجيلة الحبشى، قبل أن تتمكن السلطات من طردها وتستعيد السيطرة على الوضع. وكان قد دخل عشرات الرجال المسلحين من كتيبة الأوفياء فى مدينة ترهونة، جنوب شرق طرابلس، إلى مدرج المطار على متن آليات مسلحة ودبابة واحدة على الأقل ومنعوا إقلاع أو هبوط أى طائرة، وبعضهم أجبر مسافرين على النزول بعدما صعدوا إلى الطائرات، وأطلقوا النار فى الهواء، وأصابوا أحد موظفى المطار بجروح طفيفة، مما أثار ذعر المسافرين. المجلس الوطنى الانتقالى سمح لوزارتى الداخلية والدفاع ب«استخدام كل الوسائل الضرورية وحتى القوة» لاستعادة المطار، بعدما فشلت المفاوضات السلمية مع المهاجمين، وقال مساعد وزير الداخلية عمر الخضراوى إن قوات الأمن اجتاحت المطار بعدما فشلت المفاوضات و«باتت تسيطر فى شكل تام على المطار»، لافتا إلى اعتقال عشرات من المهاجمين ومصادرة أسلحتهم. وفى بنغازى لم يكن الوضع أفضل حالا، فقد اندلعت مواجهات مسلحة مساء الإثنين بين عناصر من الشرطة العسكرية وكتيبة فى هذه المدينة بغرب ليبيا بعد مقتل شخص عند نقطة تفتيش فى غرب المدينة. وهذه الأحداث تسير وفق السيناريو الذى طالما حذر منه مراقبون فى أثناء الثورة ضد نظام القذافى، من أن يتحول تسليح المعارضة إلى نقمة على ليبيا. وكانت السلطات الليبية قامت بدمج آلاف من الثوار السابقين، فى وزارتى الداخلية والدفاع، لكن كتائب عدة مزوّدة بأسلحة ثقيلة تطالب بدمجها من دون حلها. وتواصل بعض هذه الكتائب مراقبة الحدود أو ضمان الأمن فى مناطق عدة، لكنها لا تتردد فى استخدام السلاح لإرغام السلطات على الرضوخ لشروطها. وقد ذاقت بعض هذه الكتائب طعم سلطة السلاح وترفض التخلى عنه، الأمر الذى يثير استياء السكان المدنيين الذين تحركوا مرارا للتنديد بهؤلاء «الثوار المزيفين».