فى فبراير الماضى نشبت أزمة بين البرلمان ونادى القضاة على خلفية مهاجمة البرلمان للنائب العام والمطالبة بإقالته بسبب التباطؤ فى محاكمات رموز النظام السابق، حيث عقد الزند وقتها مؤتمرا صحفيا شن فيه هجوما على البرلمان دفاعا عن النائب العام والسلطة القضائية، واليوم وبعد أن خصص البرلمان جلسة أول من أمس كاملة للتعليق على الحكم الذى أصدره المستشار أحمد رفعت ضد مبارك ورموز نظامه، وشن هجوما عنيفا على السلطة القضائية، فهل ننتظر أزمة جديدة بين النادى والبرلمان؟ المستشار عبد الله فتحى، وكيل نادى القضاة، قال إن مجلس إدارة النادى يبحث الآن ما وصفه بالهجمة على القضاء، خصوصا من جانب مجلس الشعب، مشيرا إلى أن اجتماعات مجلس الإدارة مستمرة، وتدور النقاشات بين الأعضاء حول كيفية إيقاف هذه الهجمة التى اعتاد البرلمان عليها، مضيفا أن النادى يناقش الأمر للتوصل إلى صيغة مناسبة للرد المناسب سواء إذا كان هذا من خلال بيان يصدره مجلس إدارة النادى أو عقد مؤتمر صحفى، كما سبق أن عقد النادى مؤتمرا خلال الفترة القليلة الماضية ضد تجاوزات البرلمان على النائب العام والنيابة العامة، على حد قوله. فتحى وصف ما فعله البرلمان بأنه تدخل فى شؤون القضاء وتعرض للأحكام وانتقادها، وهذا مُجرم قانونا، خصوصا أن المحاكمة قائمة، فما انتهى هو الجولة الأولى من جولات المحاكمة وتتبقى جولات أخرى، مضيفا أن ما يفعله البرلمان هو إهدار مبدأ الفصل بين السلطات، ذلك المبدأ الذى يقتضى من كل سلطة أن تهتم بشؤونها دون تدخل فى سلطة أخرى، خصوصا إذا كانت السلطة القضائية، حيث إن مبدأ الفصل هذا تقرر خصيصا لحماية السلطة القضائية. «لا يجوز للبرلمان أو لغيره أن يتناول بسوء السلطة القضائية، نحن نستطيع أن نلتمس العذر لعامة الناس لعدم إدراكها بالقانون، لكن أن يفعل أعضاء السلطة التشريعية ذلك فهذا أمر غير مفهوم ليس له تفسير سوى إثارة الرأى العام وزيادة سخونة الأحداث فى الشارع»، هكذا علق المستشار محمد عيد سالم، الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى، مضيفا أن البرلمان من المفترض أن يكون الأكثر إدراكا فى مسألة الفصل بين السلطات والأحكام القضائية، وهذه نظريات عالمية لا يجوز التعليق عليها إلا من خلال المراحل القانونية المحددة بالقانون وهى الطعن. سالم أضاف أن ما يفعله البرلمان يجعل الناس تفقد الثقة فى القضاء وبالتالى تلجأ إلى أخذ حقها «بالذراع»، وتابع «أنا أتفهم أن يعلق على الأحكام الفقهاء القانونيون فى كتبهم والمحامون فى مجلاتهم، لكن أن يأتى أشخاص ليست لديهم خبرة قانونية ويهاجمون القضاء فى التليفزيون والجرائد فهذه كارثة، حيث يتم التأثير على العامة وهذا أمر فى منتهى الخطورة». سالم أشار إلى أن تناول البرلمان على مدار جلسة كاملة للحكم القضائى فى ظل حالة الاحتقان الموجودة بين الناس هو نوع من الفتنة، وكأنه -أى البرلمان- يشارك فى جريمة أن «يسخن» الناس البسطاء ويؤثر عليهم. المستشار عزت عجوة، رئيس نادى قضاة الإسكندرية، قال إنه ليس من حق البرلمان أن يتناول عمل السلطة القضائية، فضلا عن أنه استخدم أسلوبا غير لائق فى الحديث عن القضاء والتعليق على الحكم، وهذا لا يليق بسلطة من سلطات الدولة ولا يجوز ومن غير المقبول أن يقرع سمع أى مواطن مصرى هذا الحديث والخوض فى أعمال السلطة القضائية، فضلا عن أنه تدخل من السلطة التشريعية وافتئات على السلطة القضائية واختصاصاتها وأعمالها. عجوة أضاف، لا بد للبرلمان أن يتوقف عن الهجوم على السلطة القضائية لأنها تتضمن إساءة إلى سلطات الدولة، كما أن أى حكم ليس من المفترض أن يلقى قبولا عاما، وطبيعى أن لا يرضى كل الأطراف، ولكن لا يجوز مهما كان الحكم والاختلاف عليه أن يكون التعبير بهذا الشكل الذى تناوله البرلمان.