وجّه الثوار فى سوريا رسالة إلى ثوار مصر الذين يتظاهرون أمام السفارة الإسرائيلية، مطالبين بطرد السفير. وكتبوا على لافتة رفعوها «يا ثوار مصر.. ما الفرق بين السفير السورى والسفير الإسرائيلى؟! كلاهما يشرب الدم العربى». هكذا حال الثوار فى سوريا.. ينتظرون من مصر الثورة وثوارها دعمهم فى نضالهم السلمى ضد الاستبداد والفساد. فثورة 25 يناير العظيمة التى أسقطت نموذجا «فجا» للاستبداد والفساد هى التى ألهمت السوريين ليخرجوا ضد استبداد ابن الأسد. خرجوا مستلهمين سلمية الثورة المصرية وشعاراتها المتمثلة فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والشعب يريد إسقاط النظام، وإطلاق الأسماء على مليونيات الجمع. شجعهم المصريون الذين تشجعوا بالتونسيين فى الثورة على النظام. خرجوا حاملين رؤوسهم وأكفانهم فى سبيل تحرير وطنهم من الاستبداد الذى أصبح أفظع من الاحتلال الأجنبى. لكن الأسد فى سوريا كان لهم بالمرصاد، وأطلق عليهم البلطجية أو الشبيحة، وقوى الأمن وقوات الجيش المسيطرة عليها طائفته، ليقاتلوا السوريين المسالمين الذين خرجوا من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية. وأمام المجازر الفظيعة التى يرتكبها بشار الأسد يستمر الشعب السورى فى ثورته، ولم يهدأ ويخرج يوميا بالليل وبالنهار يطالب بإسقاط النظام. ولم يتعلم بشار الأسد من الأنظمة التى سقطت وتهاوت وأصبحت فى مزبلة التاريخ. لم يتعلم من زين العابدين بن على، الذى لم يجد ملاذا آمنا يهرب إليه إلا السعودية فى النهاية. لم يتعلم من حسنى مبارك، الذى ظل يعاند حتى آخر وقت، ليكون مصيره المحاكمة المذلة أمام العالم كله، وهو الذى كان يعتبر نفسه حكيما أمام قادة العالم. لم يتعلم من مصير القذافى الذى فر هاربا من بيت صموده فى العزيزية أمام جبروت شعبه الذى صبر عليه 42 عاما بينها 6 أشهر يقاتلهم بمرتزقته وكتائبه وبالدبابات والصواريخ. لم يتعلم الأسد شيئا من أول يوم خرج فيه السوريون فى الثورة عليه. لم يجر أى إصلاح يذكر، ولا يريد تسليم السلطة وينقذ نفسه وبلده من انهيار كبير.. إنه يريدها خربة كما كان يريدها من سبقوه. إنهم دائما يهددون.. إما هم والاستقرار وإما الفوضى. قالها قبله بن على، وبعده مبارك يوم 29 يناير فى خطابه الشهير بعد جمعة الغضب 28 يناير، وخطابات القذافى المتعددة.. ومع هذا سقطوا جميعا. ودون شك ما يحدث فى ربيع الثورات العربية فى ليبيا، واليمن، وسوريا، وحتى ما جرى فى البحرين التى أجهضت بشكل مريب، هو تأثر بما جرى فى ثورة 25 يناير العظيمة، ومن ثم كانت نظرة ثوار تلك الدول إلى مصر مختلفة عن النظرة إلى أى دولة أخرى. ودون شك أيضا نجاح أى ثورة على الأنظمة الفاسدة والمستبدة هو نجاح للثورة المصرية ويشد من أزرها، فمصر الثورة غير مصر مبارك.. هذا أمر واضح ولا شك فيه. من هنا أصبحت نظرة الثوار إلى مصر، فى الدول التى تناضل ضد الاستبداد، مختلفة، فهم فى انتظار دعمهم، حتى لو كان معنويا. هم يدركون أن الشعب معهم قلبا وقالبا، لكن يريدون دعم مصر الثورة، دعم الذين يديرون شؤون بلاد مصر الثورة.. وللأسف، هناك حالة صمت غريبة تجاه ما يحدث فى سوريا، مثل الحالة التى كانت تجاه ليبيا قبل انتصار الثوار وهروب القذافى. وكان يتردد بين الأوساط الحكومية أن موقف مصر غير المعلن من الثورة الليبية حرصا على المصريين الموجودين على التراب الليبى، وخوفا من تصرفات مجنونة للقذافى معهم، وهو أمر مردود عليه بالطبع، فهل كان القذافى أحرص على المصريين من الليبيين أنفسهم الذين كان يقتلهم من بيت إلى بيت ومن زنقة إلى زنقة؟ وبالطبع هناك حالة غياب من مصر الثورة الرسمية لا الشعبية، عن ثورة الشعب السورى. فالشعب المصرى يريد إسقاط كل الأنظمة الفاسدة، وعلى رأسها نظام الجزار بشار الأسد. فهل استطاع أحد أن يضبط وزير الخارجية مثلا (هل هناك أحد يعرفه؟) معلنا مساندة مصر للشعب السورى فى حقه فى ثورته التى رفع فيها شعارات الثورة المصرية، أو استطاع أحد أن يضبط عصام شرف، رئيس حكومة الثورة (!!) وهو يعلن مساندة الثورة فى سوريا أو الانحياز إلى الشعب السورى فى تحقيق مطالبه على غرار ما فعلته تركيا فى رسالة واضحة لنظام بشار الأسد؟ إذن.. لماذا الانتظار؟! يا أيها الذين تديرون البلاد، هل وصل إلى أسماعكم رسالة الشعب السورى، أم ما زلتم فى انتظار حامل الرسالة؟!