حتى الآن لم يتحرك أحد فى الاعتداء على المتظاهرين السلميين فى ميدان العباسية فى موقعة الجمل الثانية. لا وزارة الداخلية.. التى حدثت الاعتداءات فى وجود بعض ضباطها وقوات الأمن المركزى.. فى الوقت الذى كان فيه وزير الداخلية منصور عيسوى مشغولا باحتفال جماعة الإخوان بإعلان حزبهم «الحرية والعدالة» رسميا. ... ولا الحكومة ورئيسها الدكتور عصام شرف الذى اكتفى بالكتابة على صفحته على «فيسبوك» أنه طالب وزير الصحة بتوفير الرعاية والاحتياطات الممكنة فى المناطق المحيطة بالاشتباكات فى منطقة العباسية.. وكفى الله المسؤولين شر الحديث عن موقعة الجمل الثانية. وإن كانت الحكومة قد عقدت اجتماعا ممثلا فى اللجنة الوزارية لإدارة الأزمات.. وإن تطرقوا إلى أمور مهمة بالقطع طالب بها الثوار منذ اليوم الأول للثورة من ملاحقة الفاسدين سياسيا وإبعاد جميع أركان النظام السابق من مواقع المسؤولية فى جميع أجهزة الدولة. ... ولا وزارة العدل.. فلم يتحرك وزير العدل الذى بدا خافتا هذه الأيام ولا ينطق إلا قليلا بعد أن كان فى الوزارة السابقة أكثر الوزراء حضورا وتحدثا عن الثورة وفساد النظام السابق.. وكان أكثر ثورية من معتصمى ميدان التحرير.. لكنه الآن صامت ويبدو أن رصيده الثورى قد نفد.. فلم يشكل لجنة لتقصى الحقائق أو إجراء تحقيق مستقل.. أو ندب قاضى تحقيق.. إنما حالة من الصمت الغريب! ... ولا النائب العام الذى يمثل الادعاء والاتهام العمومى عن الأمة.. فهو ضميرها.. لكن لم يتحرك.. ولا أعرف إذا كان هو النائب عن عموم الناس فى الادعاء.. فلماذا ينتظر أن يأتيه بلاغ لكى يتحرك؟! .. ولا حتى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى سمع ورأى الاتهامات التى نالته من هذه الموقعة من أنه هو الفاعل والمحرض، ومع هذا لم يصدر بيان عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. ولم يظهر اللواء الفنجرى بإصبعه «الشهيرة» أو اللواء الروينى بتخويناته للثوار وشباب «6 أبريل»! الكل فجأة أصبح «محايدا» .. .. لسان حالهم يقول «إننا ليس لنا علاقة بما حدث، فهى خناقة بين مصريين وبعضهم بغض النظر عن كونهم متظاهرين سلميين أو بلطجية«، رغم أن ما حدث تم بفعل فاعل معروف لأطراف عدة. .. إنه يذكرنا ب«الحياد» الذى كان سائدا فى يوم موقعة الجمل الأولى 2 فبراير.. بل إن القوات المسلحة التى كانت تحمى مداخل ميدان التحرير تصرفت بشكل حيادى بين الطرفين.. بل إنها فى أوقات كانت تترك مسافات لبلطجية النظام يستطيعون من خلالها مهاجمة المتظاهرين. ولم يتخل عن الحياد إلا ضابط واحد من ناحية مدخل طلعت حرب -وأنا كنت موجودا فى نفس المكان وقتها- وعلى مسؤوليته الشخصية أطلق رصاصا فى الهواء لإبعاد البلطجية عن الميدان. إنه «الحياد» يا أخى! .. عموما الوحيد الذى تخلى عن الحياد فى موقعة الجمل الثانية هو المجلس القومى لحقوق الإنسان رغم تحفظى الشخصى على بعض أعضائه وعلى رأسهم حازم منير ومحمد صبحى باعتبارهم فلولا من النظام السابق، وانضم إليهم أيضا على السلمى، أحد فلول حزب الوفد الذى أصبح فجأة نائبا لرئيس حكومة الثورة للحوار والديمقراطية.. وهو الذى كان ضد الثورة مع رئيسه فى الوفد السيد البدوى (ودعوكم مما يقولونه الآن). فقد شكل المجلس بعثة لتقصى الحقائق التقت جميع الأطراف واطلعت على شهادات شهود العيان وعاينت موقع الأحداث فى ميدانى العباسية والتحرير.. ووضعت تقريرا مهما كاشفا فاضحا لما حدث فى موقعة «الجمل2» فى العباسية. وتوصل التقرير إلى أن الاعتداء على المتظاهرين سلميا بهجمات منسقة من جانب عناصر وصفت تارة بأنها لجان شعبية وأخرى بأهالى حى العباسية، شملت إلقاء الحجارة واستخدام السيوف والأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف والسلاح النارى.. وجرى كل ذلك على مرأى ومسمع من قوات الجيش والشرطة ولم يتحرك أى منهم لمنع تلك الاعتداءات بدعوى «الحياد»! .. فهل تقوم السلطات المختصة بفتح تحقيق بعد ذلك التقرير الهام لمعرفة من المسؤول عن موقعة العباسية أو موقعة «الجمل2»؟ .. أشك فى ذلك.