كتب - طارق الحريري: تلعب المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات دورا هاما فى الحرب الحديثة، وهى عبارة عن صواريخ تطلق من قواذف فى منصات صغيرة أو متوسطة محملة على عربات أو حامل أرضى ثلاثى تطلق فى اتجاه الدبابات المهاجمة. ورغم أن هذه الصواريخ قد أنتجت منذ بداية خمسينيات القرن الماضى فإن الخبراء العسكريين لم يلتفتوا إليها ويدركوا أهميتها إلا بعد أن حقق بها الجنود المصريون نتائج هائلة فى تدمير الدبابات الإسرائيلية فى حرب أكتوبر سنة 1973، ومن ثم حرصت الدول المنتجة لهذه النوعية على تصنيع أجيال جديدة أكثر تطورا وذات قدرات أكبر على إصابة الأهداف، ومن بين هذه الصواريخ يشتهر على مستوى العالم الصاروخ الكورنيت الذى طور منه الروس جيلا جديدا فائق القدرة على تتبع الدبابات، ويمكنه أيضا إصابة الهليكوبترات والطائرات المنخفضة وإن كان مصمما أساسا لتدمير الدبابات. ويصنف نظام «Kornet» على أنه من أقوى المنظومات التى تطلق من مسافة تزيد على خمسة كيلومترات، وهى المسافة القصوى للأنواع الأخرى، وتفوق سرعته سرعة الصوت، كما أنه يستخدم عدة رؤوس شديدة الانفجار لتمكين القائم بالاشتباك من التعامل مع مجموعة أكبر من الأهداف التى تشكل تهديدا فى أثناء المعركة مقارنة بالأنواع المنتجة فى الدول الأخرى، ويعتمد نظام الدفع على الوقود الصلب بمخرجين للعادم بكل جانبى الصاروخ، مما يوفر له ميزة الدوران حول نفسه عند الانطلاق نحو الهدف وبالتالى يزيد من استقرار الصاروخ خلال الطيران، وذلك بالاعتماد على زعانف فى المقدمة والمؤخرة تنفتح مباشرة بعد خروج الصاروخ من القاذف. الأهداف بداية كمهمة أساسية يستهدف الصاروخ جميع أنواع الدبابات مهما بلغت درجة تحصينها بالإضافة إلى المهام الفرعية التالية: * الطائرات دون طيار وتدميرها بشكل كامل فى الجو. * الطائرات الهليكوبتر وإسقاطها بما فيها من طاقم. * يمكن استخدامه ضد الطائرات الحربية عند طيرانها فى مستويات منخفضة، وإن كان هذا يحتاج إلى دقة عالية من الرامى وسرعة بديهة. * يطلق على تجمعات والأماكن التى يتحصن فيها جنود العدو خلال المعركة. * يمكنه اختراق التحصينات الميدانية فى المناطق البرية. بداية قوية ونجاح مؤكد بداية من عام 1998 اتجهت مؤسسة الصناعات العسكرية الروسية المتخصصة فى صناعة الصواريخ لإنتاج مقذوفات موجهة مضادة للدبابات جديدة من طراز «Kornet-E» بنيت نظرية عملها على نظام شعاع ليزر مركب أعطى نتائج هائلة فى الاختبارات السابقة لعمل خطوط الإنتاج، وأثبت فى معارك حزب الله عام 2006 قدرات لافتة فى تدمير الدبابة الإسرائيلية الميركافا التى كانت تصنف كأقوى الدبابات فى العالم، وكذا فى معارك حماس الأخيرة. وإضافة إلى الإمكانية العالية فى إصابة الأهداف بدقة فإنه يتميز أيضا بقدرة متفردة فى التغلب على التشويش، وتعد نسخة «كورنت-EM» نظاما جديدا متعدد المهام، كما أنه غير مكلف مقارنة بالأنظمة الأخرى التى تنتجها الكثير من الدول، لذلك اتجهت مصر إلى الحصول على النسخة الأحدث منه فى الصفقة الأخيرة المبرمة مع حكومة روسيا الاتحادية. وقد أعلنت وكالة الأنباء «نوفوستى» أنه أصبح فى طريقه إلى القاهرة، ومن المعروف أنه يمكن إطلاق هذا الصاروخ من منصة يدوية أو من عربة قتال، لكن التصميم الرئيسى هو الاستخدام من العربات، والنسخة الأحدث من الصاروخ كشف عنها النقاب خلال معرض موسكو الجوى فى أغسطس من عام 2011، وأطلق عليها «Kornet-EM» مخصصة للمنصات المتحركة والعربات متعددة المهام أو غيرها من المركبات، كما يمكن إطلاقها من فوق حامل ثلاثى الأذرع يمكن إدارته عن بُعد بالريموت كنترول. وتتميز هذه النسخة بمدى مضاعف من 150 إلى 8000 متر للنوع المضاد للدروع ذى الرأس الحربى الترادفى، ومدى أقصى من 150 إلى 10000 متر للنوع المضاد للمبانى والدشم والخنادق الميدانية، وهو يحمل رأسا حربيا من متفجرات الوقود الجوى. الصاروخ يعمل بالليزر مع تقنية التتبع الآلى للهدف من خلال وحدة الإطلاق، مما يجعله قابلا للاستغناء عن العامل البشرى فى أثناء عملية التوجيه، وتطبيق مفهوم «أطلق وانسَ». مميزات غير مسبوقة 1- يتميز هذا الصاروخ بسرعة عالية تتجاوز سرعة الصوت مما يؤدى إلى تقليل الوقت المستغرق من لحظة الإطلاق إلى لحظة إصابة الهدف، ويترتب على هذا وقت أقصر لبقاء الرامى فى مكان الإطلاق وبالتالى زيادة عنصر الأمان للضارب، بالإضافة إلى ميزة أن السرعة العالية تساعد على زيادة نسبة اختراق الصاروخ للهدف، وخصوصا المدرع وبالمثل التحصينات. 2- يعمل نظام الرصد والتوجيه الخاص بالصاروخ بالليزر بنظام آلى يعتمد على تسليط حزمة من الليزر على الهدف المراد استهدافه ليقوم بعد ذلك الصاروخ بركوب هذه الحزمة عن طريق مستشعر خلفى فى الصاروخ يتتبع الحزمة إلى أن يصيب الصاروخ الهدف، مما يعنى أن طاقم هذا الهدف لن يكتشف عملية استهدافه حتى لو كان مجهزا بمنظومة تحذير ضد الليزر. وهذه الميزة التكتيكية تفاجئ العدو تماما وتوفر الحماية للرامى على عكس غير القادرة على منع ارتداد حزمة الليزر من جسم الهدف، مما ينبه المستشعرات الليزرية فى الدبابة. 3- يتوافر لهذا الصاروخ مدى كبير للغاية يصل إلى 10 كيلومترات، وهو يعتبر بذلك من أكبر المديات لسلاح مضاد للدبابات على مستوى العالم سواء فى النهار أو الليل، وهى ميزة فائقة للرامى توفر له عنصر الأمان والاستمرار فى أرض المعركة دون مخاطر. 4- التفرد بميزة تعدد الرؤوس الحربية للصاروخ يساعد على تنفيذ المهام المختلفة لمجموعة واسعة ومتنوعة من الأهداف، وهى ميزة تندر فى المنظومات الأخرى، بالإضافة إلى أن إطلاق صاروخين منفصلين على الهدف فى وقت واحد يقلل من إمكانية الاعتراض. 5- يمتلك هذا الصاروخ قدرة اختراق عالية جدا تبلغ ما بين 1100-1300 ملم فى الدروع المتجانسة، مما يجعله مؤثرا بشكل فعال على أغلب الدروع الثقيلة الحديثة، وهذا ما أثبتت صحته العمليات فى العراق ولبنان ضد الإبرامز الأمريكية والميركافا الإسرائيلية، وهما من أسمك الدروع على مستوى العالم. 6- يوفر الرأس الحربى الترادفى قدرة على اختراق كل أنواع الدروع بما فيها التفاعلية أو الردية، وهذه ميزة كبرى ضد كل أساليب الحماية فى الدبابات الحديثة.