مثل التى تشتعل النار فى بيتها ويذبح أبناؤها أمامها، وبينما العصابة التى نهبت وسرقت ودمرت كنوز أهلها تواصل الحصار والقتل والحرق بدماء باردة، وتطلق الرصاص الحى والغازات القاتلة، وتفقأ عيون أغلى أبنائها، عقابا على أنهم تجرؤوا على استعادة شرف وكرامة وحرمة بلدهم وأهلهم.. تزداد قسوة المشهد بحفنة من أبنائها الذين ارتضى الثوار أن يستأمنوهم على ثورتهم، تبدو مواقفهم محيرة ومربكة، وسياساتهم متخبطة، والحقائق دامغة، ومحاولات الفهم تصطدم بوقائع دامغة.. أمناء على الثورة أم متآمرون عليها.. لديهم شجاعة وأمانة المقاتلين الشرفاء.. أم أن مخاوف البعض من كبارهم ممن صاحبوا حكم العصابة يخشون مصير من تم القبض عليهم من رؤوس ورموز العصابة الذين ما زالوا قادرين على تحريك خلاياهم السرطانية المندسة فى كل شبر من أرض الوطن.. مَن يعطى قرارات الهجوم والقتل وإهدار الدماء وسحل الشباب من الجنسين؟.. مَن يدير مخطط تشويه صورة الثورة وتكفير الناس بها؟.. مَن يسمح بعد مشهد وحدة ملايين المصريين الذى تجلى فى 25 يناير بتقسيمهم على ميادين وتفريقهم شيعا وأحزابا وطوائف متناحرة ويطلق العنان لإعلام فاسد ومضلل يعمّق الفرقة والصراع والتشويه؟! لماذا تتأخر الأحكام العادلة والناجزة للقتلة والمحرضين والممولين؟ (عدم صدور أحكام فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء قد يستفيد منها الدفاع عن المتهمين «الأهرام» 12/26) هل هناك شركاء ولو بالصمت والتسويف من القيادات العسكرية؟! الصفوف الثانية والثالثة من جيش احترف صناعة النصر والدفاع عن الشرف والكرامة والسيادة المصرية هل يرضى أن يقتل ويسحل، وتنتهك كرامة وشرف وشباب وبنات من أهله؟.. أثق أن القلة المعدودة الخارجة عن أخلاق وشرف الكرامة المصرية والعسكرية التى أصدرت أوامر الهجوم، ومن نفذوا الجرائم المضادة للإنسانية وللشرف وللخلق والضمير، فى مقابلهم هناك آلاف المقاتلين النبلاء من أصحاب الشرف والكرامة لا بد روعهم وفَاق جميع احتمالهم جرائم الترويع والسحل والقتل وإهدار دماء وكرامة وفقء عيون شباب منهم وفتيات فى مقام إخوتهم، وأثق أنهم يعرفون ويفرقون ولا تنطلى عليهم فتنة وفرقة الخلط المتعمد بين الثوار وميليشيات النظام القديم الذين نطلق عليهم البلطجية، والذين يمثلون فى النهاية جريمة أخرى من جرائم الخيانة العظمى للنظام الساقط بإفساد وتدمير قيم وحياة ومستقبل قطاعات عريضة من الشباب، ينضم إليهم جريمة أطفال الشوارع، الطفولة البريئة التى حُرمت مقومات الحياة الإنسانية، رغم كل ما تم الحصول عليه من أموال دعم ومعونات بالعملة الصعبة باسم رفع مستويات معيشتهم، ناهيك بما يعانيه الاقتصاد والصناعة والزراعة والاستثمار، وكل ما ينسب زورا إلى الثورة، ويغض البصر عمدا عن تدمير وإفساد النظام الساقط. كيف نطفئ النيران؟.. كيف نحمى الثورة ونوقف مخططات القضاء عليها ونستعيد لها زهوها ونصرها الذى أبهر العالم بها؟.. كيف نصحح المسار ونتجه إلى البوصلة التى تحقق أهدافها؟.. أظن أنها الهموم الشاغلة لأغلب المصريين، وسط محاولات الخروج من المأزق والكمائن التى نصبت للثورة، ولفتنى ما تردد كثيرا عن فكرة الخروج الآمن لكبار قيادات الجيش، وأن تحمى من مصير كبار قيادات العصابة، لتسارع بتسليم الحكم وتأمين قيام أركان الدولة المدنية الديمقراطية. أثق أنه لا يوجد تأمين وخروج آمن بصك ووثيقة أعظم من حماية الثورة، وتنفيذ ما جاء فى البيان الأول للمجلس العسكرى.. احترام الإرادة الشعبية وتحقيق مطالب الثورة، بالإضافة إلى ضرورة إعلان المسكوت عنه، أو ما يكتفى بالإشارة إليه فى تحذيرات غامضة عن مخططات لإسقاط الثورة وحرق مصر كلها. ينتظر المصريون من المشير طنطاوى خطاب اعتذار وانتماء ووضوح رؤية وإصرار على حماية الثورة وقطع جميع ألسنة التطاول عليها، ووقف مخططات تشويهها والادعاء عليها.. خطابا يليق ويرقى إلى كرامة وشرف ومسؤولية المقاتل والأب وابن المبادئ والحضارة المصرية.. خطاب اعتذار عظيم وإعلان يوم 25 يناير عيدا قوميا من أغلى أعياد النصر والكرامة المصرية. لقد كانت قرارات الإفراج عن علاء عبد الفتاح ووقف تنفيذ العقوبة على 90 من المحكوم عليهم عسكريا، ونرجو أن يستكمل قرار المشير بالإفراج عن جميع المقبوض عليهم.. مثارا للرضا، وفسرت فى إطار خطوات على طريق التصحيح، يستكملها المسارعة بتأمين خطوات قيام الدولة الديمقراطية بكل ما يحقق التمثيل لجميع الأطياف والقوى السياسية والأغلبية الشعبية.. وإعادة تشغيل 1500 مصنع وتسليم 70 ألف وحدة سكنية، وصرف 70 مليون جنيه تعويضات لأسر الشهداء والمصابين.. بعد الاعتذار، الذى تأخر، وتباطأ وبدا كأن هناك قوى أكبر تمنعه. مواصلة إطفاء النار التى لم تتوقف مخططات إشعالها لإحراق الثورة ومصر كلها -الثأر والقصاص العادل لدم الشهيد ولجميع المصابين- واحترام حقوق الأسر التى قدمت للثورة وللكرامة وللتحرير والحرية أنبل أبناء مصر، والتصدى لإعلام منحرف، يقود تضليل البوصلة الوطنية وتقسيم المصريين والدفاع عن الاستبداد والعبودية والاستذلال والإفقار والتجويع، وكل ما مارسه النظام الساقط على الملايين من المصريين.. وتضييق الهوة بين الشعب وجيشه، ليظل فى ضميره كما كان دائما رمزا للسيادة والكرامة والعزة وإرساء وحماية قيام أركان الدولة الديمقراطية المدنية.. يقدم الخروج الآمن للقيادات التى تظن أنها ما زالت فى مرمى انتقام الثورة بأعظم صكوك التأمين التى يحققها العودة إلى حماية الثورة ووضوح الرؤية والموقف والقرار والدعم إلى جانب الثوار والثورة، وإثبات أن ضمانات الأمان ليست حوائط أسمنتية عازلة، لم يستطع أن يقيمها النظام السابق، ولكنها كانت موجودة وبأشر وأحط الأجهزة والممارسات القمعية.. لا يحتاج الثوار إلى جدران عازلة بل يحتاجون إلى الاحترام والثقة والاطمئنان على ثورتهم وبلدهم ورؤية المسارات السياسية والاجتماعية تصحح وتعزل القيادات الفاسدة التى ما زالت تدير مؤامرة حرق الثورة. ما حدث فى مجلس الشعب يجب أن تقدم تفاصيله إلى أجهزة التحقيق المستقلة، لتحديد المسؤول عن فتح الأبواب الخلفية للمجلس، وإدخال ميليشيات شباب مغيب ومضيع كان يستخدم فى جرائم تزوير الانتخابات وضرب المعارضين والمعارضات قبل الثورة، المسؤول أيضا عن عدم استخدام سيارات الإطفاء الخاصة بالمجلس، وترك النار تأكل ما تم ترميمه، بسبب حرائق حدثت قبل ثلاث أو أربع سنوات، وتكلفت مليارا و35 مليون جنيه من لحم المصريين الحى، ومن أموال وميزانيات فقرائهم ومرضاهم وملايين العاطلين من أبنائهم! بالإضافة إلى عزل وحساب جميع التيارات التى أساءت إلى كرامة وشرف العسكرية وكرامة وشرف كل مصرى ومصرية. إنها بعض الخواطر والرؤى التى تداعت إلى رأسى وأنا أتلقى دعوة للانضمام إلى المجلس الاستشارى، أن أضم جبهة جديدة لمسار انتمائى ودفاعى وإيمانى بأجمل وأنبل بشر وأرض شرفت بالانتماء إليهم.. إن لم أستطع أن أؤدى ما أؤمن به سأعود عاجلة إلى موقعى الأصيل، وسط بشر تعلمت منه أن الموت بكرامة أشرف من الحياة المستذلة المهانة التى ما زال يدافع عنها عبيد النظام السابق. **** ■ الزميل العزيز والكاتب المحترم الأستاذ وائل قنديل.. فى عموده اليومى فى صحيفة «الشروق» دعانى أن آخذ الاستشارى للاجتماع فى منزل الابنة العزيزة هند بدوى، لتقديم واجب رد الاعتبار إليها.. أعدك بتحقيق الدعوة، إن لم يكن بالمجلس فشخصى المتواضع لها ول د.غادة وعزة هلال، وكل من شرفت أو لم أشرف بالتعرف واللقاء من فتيات مصر الرائعات المناضلات وكل شركاء وشريكات صناعة الثورة المعجزة، بالإضافة إلى رد الاعتبار الأكبر بدعمهم ومنع حلقة جديدة من حلقات إهدار دمائهم ودماء الثورة.