أخذت أفكر وأفكر وأفكر فى سبب سوء سمعتنا فى سوق العمل. ماخبيش عليكو، سمعتنا بقت وحشة قوى قوى قوى فى مصر وبراها، ما عدا طبعا العباقرة منا. يا ترى ما هى جذور علاقتنا السيئة بالعمل؟ بعد تفكير مش كتير، أعتقد أن السبب أنه فى طفولتنا لم يعلمنا أحد قيمة العمل. لم يدربنا أحد على إعطاء العمل حقه كى يعطينا بدوره حقوقنا. ببساطة لم تتم تربيتنا على تقديس العمل. العمل عند أغلبنا تأدية واجب علشان نقبض المرتب آخر الشهر. وبالتالى القلة القليلة المندسة اللى بتقدس العمل اكتسبت ده من خلال أسرتها، سلو بيتها يعنى، أو من خلال فطرتها، مولودة جيناتها كده. والقلة دى أغلبيتها هاجرت وسابتنا قاعدين.. قال إيه فاكرين نفسنا بنشتغل، وإحنا أصلا مانعرفش يعنى إيه شغل. فإذا كان متوسط زمن العمل الفعلى للموظف المصرى فى المؤسسات الحكومية 27 دقيقة يوميا، فيبقى يا بلاش!!!! طب ده بالنسبة لجيلنا وجيل أهالينا. بالنسبة بقى لأولادنا، ناويين لهم على إيه؟ يعنى هيبقى الوضع كما هو عليه، ولا هنحاول ننقذ ما يمكن إنقاذه؟ أعتقد أننا لو فعلا عايزين بلدنا تتقدم، ولو مش عايزين نكبر نلاقى أولادنا ماقدامهمش غير حلين مالهمش تالت، يا إما البطالة يا إما الهجرة، يبقى لازم نيجى على نفسنا شوية. ماعلش، مضطرة أصدمكم. إحنا يا جيلى مضطرين نشتغل بجد -وأمرنا لله- علشان نشرح لأولادنا قيمة العمل عمليا مش نظريا. يعنى لازم نقدس عملنا علشان ولادنا يتعلموا تقديس العمل. لازم نحترم مواعيدنا علشان أولادنا يتعلموا احترام المواعيد. لازم نثابر علشان أولادنا يتعلموا المثابرة لغاية ما ينجحوا فى المهمة المطلوبة منهم. يعنى مش يبقوا بيعملوا حاجة -حتى ولو لعبة- وتبقى صعبة شوية فأول حاجة نقولها «ماعلش يا حبيبى.. دى صعبة عليك.. مش مهم بقى.. شوفلك حاجة أسهل». لأ. مافيش حاجة اسمها يشوفوا حاجة أسهل. المفروض نشجعهم لحد ما ينجحوا فى الصعب علشان يعملوا اللى أصعب منه. وطبعا مافيش حاجة اسمها نعمل لأولادنا الواجب علشان المُدرسة ماتزعلش منهم. اللى مايعملوش الواجب يتعاقبوا علشان يتعلموا يعملوا واجباتهم بعد كده. لأننا لما يكبروا مش هنقدر نروح معاهم الشغل ونعملهم شغلهم نيابة عنهم. اللى بنزرعه فى أولادنا وهم تلاميذ ها يحصدوا ثماره لما يدخلوا سوق العمل. العمل.. اللى هو عبادة. زى ما بنعلم أولادنا يصلوا ويصوموا لازم نعلمهم يشتغلوا.