من كثرة ما صنع الرجل من مقالب وخدع في أبناء مهنته من الفنانين حتى تظن وأنت تسمع خبر وفاته أن الخبر في حد ذاته أحد مقالبه، سيفاجئك بعدها بقامته الفارعة وجسده الضخم وابتسامته لتدرك على مراحل أنك أمام خدعة ما، يجب عليك بعدها أن تتعامل مع انفعالك، وتبتسم مثله بعد أن تكون قد شربت المقلب حتى آخر قطراته، لكن للأسف الخبر ليس خدعة من حسين الإمام. آلام حادة شعر بها حسين طلبت على أثرها زوجته سحر رامي الإسعاف، لكنه توفي قبل وصولها بدقائق، الراحل سُيصلَّى على جثمانه اليوم بعد صلاة الظهر بمسجد مصطفى محمود، ثم يدفن بعدها في مقابر البساتين، على أن يكون العزاء بدار مناسبات مسجد الحامدية الشاذلية يوم الأربعاء المقبل. برنامج «صاحبة السعادة» آخر ما ظهر من خلاله حسين الإمام في حلقة أول أمس، السبت. حسين الإمام لم يكن فقط ممثلا، لكنه تخطى بموهبته مستويات عدة من تلحين لغناء لكتابة السيناريو، لم يبن شهرته في التمثيل والتأليف على أمجاد والده الراحل المخرج الكبير حسن الإمام، وكذلك الحال في المجال الموسيقي، لم يقف في دائرة الضوء الضخمة التي صنعها أخوه مودي الإمام بموسيقاه التصويرية في كثير من الأعمال الفنية، لكنه اختار أن يصنع لنفسه مجالا واسعا يحتوي مواهبه الفنية قدر المستطاع، وتخطاها بعد فترة إلى مجال آخر، وهو تقديم البرامج التليفزيونية، وبرامج المقالب كان لها الحيز الأكبر في ما قدمه في هذا المجال. ككاتب للسيناريو قدم «أشيك واد في روكسي» عام 1999 وشارك في بطولته مع عبلة كامل، وأشرف عبد الباقي، وفيلم «كذلك في الزمالك» عام 2002، وشارك في بطولته مع بسمة ولقاء الخميسي، وألَّف أيضا الموسيقى التصويرية للفيلم. ربما تكون أعماله كسيناريست ليست بكثافة ما قدمه فى مجالات أخرى تتفوق فيها الموسيقى بشكل عام. يكفي أن نعرف أن الموسيقى التصويرية لأفلام «امرأة آيلة للسقوط»، و«عتبة الستات»، و«كابوريا» من إبداعه، وشارك من خلال الأخير أحمد زكي ورغدة أداء أغنياته التي قام بتلحينها. كممثل يمكن القول إن طبيعته المرحة التي كانت تظهر في ما يقدمه من برامج انعكست على أدواره التي غلب عليها الطابع الكوميدي، يكفي فقط أن نذكر شخصية «شيرين» في مسلسل السيت كوم «6 ميدان التحرير»، أو حلوله ضيفا على مسلسل «الكبير أوي» مع مكي في شخصية صديق الأب، لكن عديدا من الأدوار المتنوعة قدمها حسين باقتدار بعضها بعيد كل البعد عن الكوميديا، منها دوره في فيلم «التوت والنبوت» وصراعه أمام شخصية فايز الناجي في الفيلم، وفيلم «السكرية»، وشخصية الموظف الفاسد الانتهازي في «حكايات الغريب»، ونفس الحال مع الدراما، حيث قدَّم شخصية رجل الأعمال الذي بنى نفسه من الصفر، وابتعد عن زوجته التي يحبها وشاركته رحلة صعوده من أجل نزوة في «كلام نسوان». حتى في مجال الأغاني قدم عدة أغان لمحمد منير كملحن، وتعد نقاطا مهمة في مجموع ما قدمه منير، منها «العال عال يا ابا»، و«جنني طول البعاد» التي كتب كلماتها أيضا، و«اخرج من البيبان». ربما لم يكن الراحل حسين الإمام في مصاف نجوم الشباك أو أحد المتصدرين لعمل فني ما كبطل أوحد، لكنه بالتأكيد مؤثر في كثير من الأعمال الفنية التي ظهرت في مصر منذ أواخر السبعينيات وحتى الآن. حسين عوَّض بالتأكيد عدم تصنيفه كنجم شباك بأن قبض بأصابعه على عدد كبير من المجالات، ترك من خلالها اسمه وبصمته التي كانت مميزة، لدرجة أنك حتى ولو لم تعرف أنها من إبداعه ستظل مميزة، لها وقع السحر على الأذن والعين. حسين الإمام المبهج رحل عن عمر يناهز ال63 عاما، تاركا ميراثا متنوعا، أضاف من خلاله أبعادا أخرى تحديدا في الموسيقى، وكما منح والده السينما المصرية حزمة من أجمل وأروع أفلامها، استمر حسين بموهبته في عديد من ألوان الفنون.