لا شك فى أن الإعلام والصحافة مغرمان بتتويه الحقيقة وصناعة متهمين بالشبهات ثم الانقسام بين مدافع ومهاجم، وهو ما يحدث الآن فى قضية اتهام البرتغالى مانويل جوزيه المدير الفنى للأهلى، بتهريب اللاعب أحمد حسن (كوكا) والحصول على عمولة من بيعه لناد برتغالى مغمور، فالأهلى أعلن مساندته للمدرب فى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يشهِّر بسمعته، والصحفيون بين مدافع عن الرجل لأنه مدرب الأهلى قبل أن يكون بريئا، ومهاجم إما لاعتباره نجما وأخباره الأكثر قراءة ومتابعة وإما للانتقام، لتاريخه فى إهانة الصحفيين واتهامه لهم بضحالة الفكر والانحياز إلى الأندية المنافسة وليس أفضل من هذه القضية ليثأروا من البرتغالى ويرحّلوه عن البلاد بفضيحة تلصق به ما حَيىَ. وإذا كنت على قناعة ببراءة جوزيه وذكرت من قبل أسبابى وأهمها أن النادى الذى سرق اللاعب أفقر من أن يدفع بقشيش على المشاريب فى قهوة بلدى فى حى شعبى، فإن هذا لا يمنع من وجود متهم فى هذه القضية يتم التعتيم عليه وإبعاده عن الأنظار لأن حمايته أهم من سمعة جوزيه، إنها سمعة إدارة الأهلى نفسها ووجود مسؤولين فاسدين داخل الجهاز الإدارى للنادى كانوا وراء تهريب اللاعب، وهذه هى الحقيقة التى يتغاضى الجميع عن بحثها والحديث عنها إما عمدا وإما جهلا وإما حرصا على صورة الإدارة أمام الرأى العام. والقصة بدأت عندما تطوع أحد أعضاء مجلس إدارة النادى الأهلى القريب من الكابتن حسن حمدى وعُرِف مؤخرا بهجومه الشرس على المجلس القومى للرياضة ورئيسه السابق المهندس حسن صقر بسبب إصدار لائحة السنوات الثمانى والتى تحرم أى عضو من دخول مجلس الإدارة لأكثر من دورتين، حيث رشح العضو أحد أصدقائه، يعمل فى التسويق الرياضى للعمل فى مركز المعلومات والإحصاء لقطاع الناشئين، وخلال وقت قصير تقرّب هذا الموظف الجديد من مانويل جوزيه، ويقال إنه كان وراء توقيع جوزيه مع شركة «فودافون»، وهى المشكلة التى أوقعت إدارة الأهلى فى أزمة مع شركة «اتصالات» وانتهت بفسخ المدرب البرتغالى عقدَه مع «فودافون» والتوقيع مع «اتصالات» ب2.5 مليون جنيه بزيادة 250 ألف جنيه على الشركة الأخرى وهو الموضوع الذى استفز حسن حمدى وشعر بأن هناك تلاعبا وابتزازا وعنّف المدرب والوسيط. المهم أن هذا الموظف استغل موقعه والمعلومات التى تحت يديه عن لاعبى الأهلى وبدأ مشروع تهريب اللاعبين وكان أحمد حسن (كوكا) أول المشاريع، ولكن قبل أن يستقر اللاعب فى البرتغال كانت الرائحة قد فاحت فى القاهرة وفتحت الإدارة تحقيقا ولكن الموظف أقسم بالنفى حتى استطاع حسن حمدى أن يضع يديه على مستندات تؤكد تورط الموظف فى مساعدة الناشئ على السفر إلى البرتغال، ومن بين المستندات سفر الموظف إلى البرتغال وثبوت ذلك من مصلحة الجوازات. ولأن حسن حمدى إدارى ذكى يعلم خطورة الإعلان عن هذه الكارثة فقد تمت إقالة الموظف بالاتفاق على تقديم استقالته والابتعاد فى صمت ولكن زملاء اللاعب الذين كانوا يأملون فى الهروب مثل زميلهم تحدثوا، ليذيع صيت القصة ويقفز على الأحداث اسم مانويل جوزيه لعلاقته بالموظف وظهور اسم نجله فى المفاوضات ليترك الجميع أصل القصة ويمسكوا فى رقبة المدرب البرتغالى، والطريف أنه بدلا من أن تخرج إدارة الأهلى ببيان تكشف فيه المتورطين الحقيقيين فى تهريب اللاعب، أصدر مدير عام النادى تصريحا على الموقع الرسمى يعلن فيه ثقة الإدارة بجوزيه ومساندتها له فى أى إجراء قانونى ينوى اتخاذه. إن المتهم الرئيسى فى هذه الواقعة هو إدارة النادى بتراخيها وتسيبها، وعضو المجلس بتغليب علاقاته الخاصة وصداقاته على المصلحة العامة، ثم إدارة النادى مرة أخرى بتركها الإعلام يأكل فى لحم مانويل جوزيه دون أن تقدم الفاعل الأصلى.