لم أستغرب من مدى الانحطاط الذى وصلت إليه جرائم «الإخوان» حين يحاولون نسف أبراج الكهرباء لنشر الظلام فى أرجاء مصر، وحين يضعون القنابل البدائية بجوار المدارس بحثًا عن انتقام وضيع من أطفال أبرياء!! لم أستغرب لأن تاريخ الجماعة هو مسلسل متصل الحلقات من مثل هذه الجرائم التى يتفننون فى البحث عن غطاء زائف لها باسم الدين البرىء مما فعلوا ومما يفعلون!! كانوا فى البداية يرتكبون هذه الجرائم وغيرها، مثل اغتيال الساسة والقضاة، ثم يدّعون البراءة، وينشدون أسطوانتهم المشروخة بأن هذه الجرائم قد تمت دون علم القيادة، وأن مَن ارتكبوها ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين!! ثم يكتشف الناس أن كل هذا ليس إلا أكاذيب صارخة، وأن المرشد نفسه هو الذى يقود التنظيم السرى الذى يرتكب هذه الجرائم، وهو الذى يعطى التعليمات، أو يمنح الموافقة، ثم يدّعى البراءة ويغسل يديه من دماء ضحايا إرهاب الإخوان. فى الستينيات من القرن الماضى تغيّر الموقف، وأصبح العنف هو الحاكم فى الجماعة الإرهابية، وساد فكر سيد قطب التكفيرى واستباحته لدماء كل المسلمين باعتبارهم من أهل الجاهلية، وكانت مؤامرة 1965 كاشفة لهذا المسار الذى حاول بعض قادة الإخوان مقاومته، لكنه ساد فى النهاية واستولى تمامًا على الجماعة منذ عشرين عامًا حتى وقف المرشد بديع يفخر بأنه بديع القطبى، وتم إقصاء كل صوت يحذّر من عاقبة هذا الجنون الإرهابى. يروى اللواء فؤاد علام كيف كلّف باصطحاب سيد قطب من سجنه إلى حيث كان مقررًا تنفيذ حكم الإعدام فيه، وكيف بادره سيد قطب بإبداء الأسف لأن أتباعه لم ينجحوا فى تنفيذ عملية نسف القناطر الخيرية، معتقدًا أنهم لو فعلوا ذلك لما كانت هذه هى نهايته!! كان المخطط فى مؤامرة 65 هو نسف محطات الكهرباء والمياه والصرف الصحى وغيرها من المؤسسات الحيوية، وعندما بوغتت الجماعة باكتشاف أمرها وبدأت حملة الاغتيالات، ذهبت القيادات إلى سيد قطب حيث كان يقضى إجازة صيف فى رأس البر، وهناك أصدر فتواه بنسف القناطر الخيرية لإغراق الدلتا باعتبارها أرض كفر مثل مصر كلها، وحتى تنشغل الحكومة فلا تستكمل حملة الاعتقالات ضد الإخوان، ولا تقترب من زعيم المؤامرة المنحطة، وبالفعل تم إعداد خطة نسف القناطر وتوفير المتفجرات والأسلحة، لكن المجموعة تم ضبطها قبل أن تنفذ جريمتها!! كما تم ضبط مجموعة أخرى كانت تخطط لنسف مطار القاهرة فى نفس الوقت!! ليس غريبًا على من أرادوا (قبل خمسين سنة) نسف القناطر الخيرية وإغراق الدلتا أن يسعوا اليوم لنسف أبراج الكهرباء أو وضع القنابل بجوار مدارس الأطفال!! وليس غريبًا على مَن جعلوا الأفكار المهووسة لسيد قطب منهاجًا للجماعة، أن يرفعوا اليوم شعار «آسفين يا بن لادن»!!.. إنهم جميعًا يسيرون فى نفس الطريق، كلهم خرجوا من عباءة فكر إرهابى يكفّر المجتمع ويدعو للعنف!! وليس مستغربًا أن نرى هذا التحالف الذى يضم شذاذ الآفاق وهم يسعون لتحويل مصر إلى ساحة لإرهابهم، ثم يتخلّون عن ورقة التوت التى كانت تستر عوراتهم، ويظهرون على حقيقتهم.. مجرد أداة لتنفيذ مخططات أمريكا وحلفائها وأذنابها لضرب مصر وحصار ثورتها. مشكلة «الإخوان» الآن أنهم يخوضون معركتهم الأخيرة ضد الشعب بأكمله، ويخوضونها وقد زالت كل الأقنعة ليظهروا على حقيقتهم، مجرد عصابة من الخوارج، تمارس الإرهاب وتخون الوطن، تواجه احتقار الشعب لها بأن تزرع القنابل فى مدارس الأطفال!!