سعر الذهب اليوم الجمعة 23 مايو 2025..عيار 18 بدون مصنعية ب4040 جنيهًا    محافظ القاهرة يشيد بالدور التوعوي لجمعية محبي الأشجار بفوائدها وتشجيع زراعتها    زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يضرب المغرب    مؤسسة دولية تطالب بتحرك العالم لإنهاء الحرب فى قطاع غزة وإدخال المساعدات    رويترز تنشر عن صورة مغلوطة واجه ترامب بها رئيس جنوب أفريقيا    سكاى: لولاه ما فاز ليفربول بلقب الدورى الإنجليزي    ترامب يفرض 25% رسوم جمركية على شركة أبل    نهائى كأس مصر للكرة النسائية.. الأهلى يتعادل سلبيا مع دجلة ويتجه لأشواط إصافية    الفرص المهدرة بالجولة السابعة من المرحلة النهائية لدورى nile    انقلاب ميكروباص بالمنيا وتليفزيون "اليوم السابع" يرصد التفاصيل.. فيديو    رئيس البعثة الطبية بالحج: ندوات صحية لضيوف الرحمن قبل المناسك    ندوة توعوية موسعة لهيئة التأمين الصحي الشامل مع القطاع الطبي الخاص بأسوان    وزير الشؤون النيابية يهنئ وزيرة البيئة بأمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    توجيهات بسرعة الانتهاء من تطوير شارع «سوهاج- أسيوط» بنهاية الشهر الجاري    استراتيجية الزمالك في تدعيم حراسة المرمى.. وموقف أبو جبل بعد جلسة ميدو (خاص)    المشاط: الاستقرار الاقتصادي ضرورة لدفع النمو لكنه لا يكفي بدون إصلاحات لتمكين القطاع الخاص    انتهاء الاختبارات العملية والشفوية لطلاب كلية العلوم الرياضية    علم الوثائق والأرشيف.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    صفاء الطوخي: أمينة خليل راقية وذكية.. والسعدني يمتلك قماشة فنية مميزة    المجمعات الاستهلاكية تستقبل المواطنين اليوم الجمعة حتى هذا الموعد    لبحث الاستعدادات النهائية لانطلاق المنظومة.. قيادات «التأمين الشامل» في زيارة ميدانية لأسوان    حصيلة «تجارة المخدرات».. ضبط 5 متهمين بغسل 60 مليون جنيه في المنيا    بدون خبرة.. "الكهرباء" تُعلن عن تعيينات جديدة -(تفاصيل)    بينها عيد الأضحى 2025.. 13 يوما إجازة تنتظر الموظفين الشهر المقبل (تفاصيل)    قصور الثقافة تعرض مسرحية تك تك بوم على مسرح الأنفوشي    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    أخبار الطقس في السعودية اليوم الجمعة 23 مايو 2025    منها «استقبال القبلة وإخفاء آلة الذبح».. «الإفتاء» توضح آداب ذبح الأضحية    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    "فيفا" يعلن استمرار إيقاف القيد عن 7 أندية مصرية.. ورفع العقوبة عن الزمالك بعد تسوية النزاعات    غدًا.. جلسة عامة لمناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام "الشيوخ"    استمرار تدفق الأقماح المحلية لشون وصوامع الشرقية    انطلاق قافلة الواعظات للسيدات بمساجد مدينة طلخا في الدقهلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم فى مصر 23-5-2025    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    أرني سلوت ينتقد ألكسندر أرنولد بسبب تراجع مستواه في التدريبات    وفد الصحة العالمية يزور معهد تيودور بلهارس لتعزيز التعاون    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    المشروع x ل كريم عبد العزيز يتجاوز ال8 ملايين جنيه فى يومى عرض    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    الهلال يفاوض أوسيمين    جامعة القاهرة تعلن عن النشر الدولى لأول دراسة بحثية مصرية كاملة بالطب الدقيق    مصادر عسكرية يمينة: مقتل وإصابة العشرات فى انفجارات في صنعاء وسط تكتّم الحوثيين    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    أسرة طائرة الأهلى سيدات تكرم تانيا بوكان بعد انتهاء مسيرتها مع القلعة الحمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درس مهاتير محمد الذي يكاد يضيع
نشر في التغيير الإلكترونية يوم 07 - 09 - 2011

عندما قرأت موعد المحاضرة التي سيلقيها رئيس وزراء ماليزيا السابق في مصرن دونت الموعد في أجندتي ووضعتها أمامي حتى لا يضيع وسط الكثير من المشاغل والانشغالات، وكنت أعاود تذكير نفسي بالموعد الذي حرصت أن أجلس قبل حلوله أمام شاشة التلفاز بأكثر من ربع ساعة خشية أن يفوتني من حديث الرجل شيء.
الرجل معروف في العالم كله، وهو معروف نسبياً في عالم العرب والمسلمين.
ولد عام 1925م درس الطب وتخرج طبيباً في جامعة الملاي في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وتم تعيينه وزيراً للتعليم ثم نائباً لرئيس الوزراء، وفي العام نفسه الذي تولى فيه الرئيس مبارك حكم مصر تولى الدكتور مهاتير محمد رئاسة الحكومة في ماليزيا، عام 1981، وظل في موقعه عشرين سنة، وصلت ماليزيا خلالها ذرى لم تصل إليها دولة إسلامية أخرى، حتى اقترب نصيب الفرد الماليزي من الدخل القومي إلى 10 آلاف دولار سنوياً، وحقق السلام الداخلي من خلال سياسات إنتاجية وتنموية، ورفض تطبيق وصفات البنك والصندوق الدوليين على اقتصاد بلاده، وتحدى الصلف الأمريكي، وأسمع أمريكا وإسرائيل ما لم تسمعه من أي حاكم عربي.
وبعدما أحس أن ماليزيا على الطريق الصحيح، وقد حققت ما حققته من تقدم ورقي في عهده خرج على الناس وقال: (وقتي انتهى، لن أتولى أي مسؤوليات رسمية بعد 31 أكتوبر 2003، لأنه من المهم أن يتولى قيادة ماليزيا جيل جديد بفكر جديد)، وترك الدكتور المفكر مهاتير محمد الموقع الذي لا يتركه أحد، ويتشبث به الكثيرون سواء حققوا شيئاً لشعوبهم أو لم يحققوا، باقون إلى أن توافيهم المنية، يقفون بكل ما أوتوا من قوة وتسلط ضد فكرة التغيير.
وهو صاحب تجربة ثرية ومتعددة المستويات والاتجاهات، وهو فضلاً عن ذلك كله صاحب انجاز ضخم في ماليزيا الدولة التي انتقلت في عهده الذي لم يزد عن 22 عاماً من موقع متدني على خريطة العالم إلى موقع أكثر تقدماً وتأثيراً، وكان المثير في تجربة الرجل أنه قرر الانسحاب من السلطة وهو في قمة مجده، وبعد أن استطاع نقل بلاده إلى مرحلة جديدة متقدمة من النهضة الاقتصادية.
وبعد أن أثبت للعالم إمكانية قيام دولة إسلامية بالنهوض اقتصادياً بالاعتماد على شعبها والوحدة والتآلف بين جميع أفراده بمختلف ديانتهم وأعراقهم.
لم تكن خلطة مهاتير محمد خلطة سرية، بل وصفها وشرحها وفصلها في الكثير من مؤلفاته، وهي تقوم على ركائز ومحددات أساسية، على رأسها أولوية العمل على وحدة الشعب، حيث ينقسم سكان ماليزيا إلى السكان الأصليين وهم المالايا، الذين يمثلون أكثر من نصف السكان، وقسم آخر من الصينيين، والهنود وأقليات أخرى، كما توجد الديانة الأساسية وهي الإسلام، بالإضافة لديانات أخرى مثل البوذية والهندوسية. ولقد نص الدستور الماليزي على أن: "الدين الرسمي للدولة هو الإسلام مع ضمان الحقوق الدينية للأقليات الدينية الأخرى".
وضعت خلطة مهاتير محمد العلنية هدف تصنيع ماليزيا وتحديثها وإدخال التكنولوجيا إليها في مقدمة أهداف خطة التنمية الطموحة التي دأب على تنفيذها بصبر وتصميم كبيرين، وانطلقت ماليزيا في عهده إلى جذب الاستثمار نحو ماليزيا، وتوجيه الأنظار إليها، ثم، وهذا هو المهم في درس مهاتير محمد، اختارت ماليزيا في عهده الديمقراطية كأسلوب للحكم، وكان هذا هو التحدي الكبير الذي واجه التجربة الماليزية وقد حققت بشهادة الجميع شوطا كبيراً في التقدم على الطريق الديمقراطي.
ولذلك كان أول ما حرص الرجل على أن يوجهه إلى مصر هو كلامه البليغ عن الديمقراطية، فأشار في بداية محاضرته إلى أهمية أن تتبنى مصر الآن النموذج الديمقراطي في بناء الدولة، وأعترف أني توقفت طويلاً أمام حديث الرجل عن الديمقراطية باعتبارها نموذج للحكم معروف ومجرب، ولكن لفتني أنه أشار إلى أن الديمقراطية ليست الطريق الأسهل للحكم، فالاستبداد نموذج أكثر سهولة لحكم أي دولة.
وقبل أن أعيد التفكير في كلام الرجل راح يؤكد على ما يراه ضرورياً لتحقيق النموذج الديمقراطي، الذي ينبني على أساس استخدام سلطة التصويت، وهي سلطة تنصيب الحكومات عن طريق صناديق الانتخابات، أو عن طريق الاقتراع بحجب الثقة أو منحها في البرلمان، وفي المقابل يجب الإقرار بمبدأ أن الحكومات لا تأتي بالعنف، ولا يكون بقاءها في السلطة عبر العنف.
ما يعني أن يكون المجتمع كله، بكل قواه السياسية والاجتماعية على استعداد لتقبل الهزيمة عبر صناديق الانتخابات، قبل أن يكون مستعداً للفرح بالفوز فيها، ذلك أن الذين يرفضون الهزيمة سوف يلجئون إلى وسائل أخرى للبقاء في السلطة، أو الحصول عليها عن طريق العنف والفساد والغش والتزوير.
وكان من أجمل ما قال أنه: "يجب عليك تقبل أنك لن تبقى في السلطة إلى ما لا نهاية، ولا يجوز أن يفوز الحزب الحاكم بنسبة 99 % من الأصوات في الانتخابات، لأنه يجب أن يكون هناك معارضة حقيقة في المجتمع، معارضة تلعب دورها في إبقاء الحكومة على المسار الصحيح، وصحيح أن المعارضة يمكن أن تكون غير منطقية في بعض الأحيان ولكن هذه هي الديمقراطية، وهي كما تأتي بالحكومات يمكنها أن تخلعها، وتأتي بغيرها.
حديث الرجل بديهي، ويكاد لا يكون فيه جديداً، ولكن قيمته الحقيقية أن ما يقوله هو حصاد تجربة واقعية، تحقق فيها الكثير، على أرض الواقع، فهي ليست نظريات، ولا هي مجرد أفكار معلقة في الهواء، بل هي خبرة رجل وتجربة دولة يجب أن تكون تحت أعيننا في مصر ونحن نحاول أن نؤسس لمصر الجديدة بعد ثورة هي الأنبل في تاريخ ثوراتنا على مدار التاريخ.
تذكرت كل هذا اليوم وأنا أتابع الخطوات التي اتخذت على مسار المرحلة الانتقالية، وأكاد أقول أننا صفقنا لكلمات مهاتير محمد، واستقبلناه بحفاوة تليق بنا وبه، ولكننا لا زلنا بعيدين عن فهم الدرس الذي جاء يلقيه في وعينا.
لا يبدو لي أن القائمين اليوم على أمر المرحلة الانتقالية في مصر وعوا الدرس المهاتيري جيداً، ويبدو لي أن درس ماليزيا ضاع منا، أو أننا ابتعدنا عنه كثيراً، وبقي في وعي أولي الأمر اليوم درس الحزب الوطني المنحل، درس تفصيل القوانين على مقاسات صغيره، وبأهداف لا قيمة لها، ولغايات لا تبشر بخير.
كل القوانين المتعلقة بتشكيل نظام سياسي ديمقراطي معيبة، ولا يوجد قانون واحد صدر على طريق تحقيق نموذج ديمقراطي حقيقي في مصر، وانظر ملياً في قوانين تنظيم الأحزاب وقانون مباشرة الحقوق السياسية ومن بعدهما قانون الانتخابات تجد فيها روائح ترزية القوانين على طريقة الحزب الوطني المنحل أكثر مما تتبدى فيها روح ثورة 25 يناير.
وأستطيع أن أبشر القوى السياسية وعلى رأسها القوى الإسلامية بأن القراءة المتأنية لمجموعة القوانين التي صدرت وآخرها قانون الانتخابات الذي أعلن عن بنوده وطريقة تقسيمه للدوائر الانتخابية وحسبة برما التي أتى بها، كل هذا له نتيجة منطقية واحدة هي تشتيت وتقليص التمثيل النسبي للقوى الفاعلة في المجتمع، وظني أن القوى الإسلامية الأكثر تنظيماً وتأثيراً في الشارع المصري اليوم ستكون هي أكبر الخاسرين من تفويت مثل هذه القوانين بدون تعديل يضمن عدم إنتاج نظام الحزب الوطني من جديد بمسميات ووجوه جديدة تتبع السياسات نفسها.
من يقرأ القوانين التي صدرت المتعلقة بتشكيل النظام السياسي القادم بتمعن وروية، على أساس تغليب الصالح العام فوق أي مصالح مرحلية ومؤقتة سوف يتأكد له أن ساحة البرلمان القادم لن تشهد تمثيلاً حقيقياً للأحزاب السياسية، سواء القديم منها أو الجديد، بل ستشهد تشرذماً وانقساماً جديداً بين القوى الوطنية والإسلامية لن يكون المستفيد منه غير بقايا نظام الرئيس المخلوع.
والنتيجة برلمان ضعيف وقوى مبعثرة، متشككة وغير قادرة على بناء مصر المستقبل، وحينها ستكون المحصلة النهائية لثورة يناير هي إزاحة دولة جمال مبارك من السلطة وبقاء دولة أبيه قائمة بوجوه جديدة أشد نفاقاً ووبالاً على مصر.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
محيط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.