منتهى الجرأة والتشاطر، الذى هو ادعاء الشطارة، أن تحاول ما تسمى اللجنة التنسيقية لدعم أحمد شفيق مرشحا، القفز فوق معطيات المشهد الراهن لتتحدث عن اجتماعات ولجان وحملات توقيعات داعمة لترشيح سيادة الشفيق، صفى الرئيس المخلوع وخليله. الملايين فى ميدان التحرير يزأرون بالهتاف مطالبين بمحاكمة مبارك وأعوانه لتطهير البلاد من بقايا سمومهم، ومع احترامى للسادة جنرالات الحرب الإلكترونية المضادة للثورة على كافة المواقع والمنتديات، فإن ميدان التحرير هو مصر، كما أن ميدان القائد إبراهيم فى الاسكندرية، والأربعين فى السويس، وما شابهها فى مختلف المحافظات هى مصر أيضا.. مصر الحقيقية وليست «مصر القطامية هايتس». ومن ثم يصبح فكاهيا للغاية أن يهتم أحد بنشر أخبار من عينة «مليونية تطالب بعودة مبارك» أو «حملة دعم شفيق مرشحا رئاسيا» خصوصا أننا الآن أقرب ما نكون لاستدعاء الرئيس المتنحى للمحاكمة فى اتهامات بجرائم جنائية وسياسية ومالية، كما أن صفيه رئيس الوزراء المخلوع حاضر فى تحقيقات تجرى حاليا بشأن فساد وانحرافات فى وزارة الطيران عندما كان على رأسها. وعليه فإنه يمكن اعتبار الإلحاح على هذه النوعية من الأخبار والتسريبات محاولة للإيحاء بأن هناك مشروعا حقيقيا للمطالبة بشفيق رئيسا من ناحية، ونوعا من التغطية على المحاكمات والتحقيقات التى طالت اسم شفيق من ناحية أخرى.. وباختصار يمكنك اعتبارها عملية هروب من المساءلة والمحاكمة فى قارب فخيم اسمه «الترشح للانتخابات الرئاسية» وأغلب الظن أن هذا هو المطلوب من الترويج لمثل هذه الحملات. ولو كان هؤلاء جادين حقا فى فكرة ترشيح شفيق للانتخابات الرئاسية فإننى أدعوهم لامتلاك الشجاعة والنزول فى واحدة من مليونيات ميدان التحرير المقدسة رافعين لافتات تطالب به رئيسا ليقيسوا حجم شعبيته على نحو حقيقى، ويعلموا إذا ما كان الشعب المصرى يأخذ حملاتهم بجدية أم يعتبرها نكتة على شاكلة «ارجع يا ريس احنا كنا بنهزر». وحتى لا يعتبر البعض هذه السطور مصادرة على حق أحد فى ترشيح نفسه لرئاسة مصر، فإننى مع حق أحمد شفيق أو أى شفيق آخر فى ترشيح نفسه لأى منصب يراه، لكن قبل ذلك عليه أن يبرئ ذمته أمام محكمة الشعب أولا، ويبرئ ساحته أمام القضاء فى الاتهامات الخاصة بالفساد المالى. إن جمعة الأمس رفعت شعار «التطهير والمحاكمة» وأظن أنه عند الحديث عن المحاكمات الخاصة بموقعة الجمل ومجزرة الشهداء فى الميدان فإن اسم رئيس الحكومة فى ذلك الوقت سيكون حاضرا، جنبا إلى جنب مع وزير الداخلية وقيادات الأمن، وقبلهم حسنى مبارك. وحتى يتم ذلك فإنه من الأوفق أن نتعامل مع مثل هذه الحملات باعتبارها فاصلا كوميديا، مقصود منه الترفيه بما أننا ملوك النكتة جريدة الشروق.