استحوذ الحزب الوطني على البرلمان في أكبر عملية تزوير شهدتها مصر كما يؤكد كثير من الخبراء والمتابعين، الأمر الذي زاد الموقف تعقيدا فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة بعدما أصبحت مغلقة على مرشح الحزب الوطني وعدد من مرشحي الأحزاب الموالية للوطني، ولذلك كان حوار "الدستور الأصلي" مع الدكتور عمرو هاشم ربيع – خبير الشؤون البرلمانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية شديد الأهمية لتقييم الوضع السياسي في الشهور القادمة.. كيف ترى المشهد ككل على الساحة السياسية الآن؟ المشهد الآن أكثر من سيء، فنحن نرى برلمان يمثل هيئة برلمانية للحزب الوطني، ونظام يصر على التزوير وخلط الأوراق، المناخ الآن شبيه تماما بمناخ 5 سبتمبر 1981 بفارق وحيد هو عزل القوى السياسية بدلا من اعتقالها، وهناك فرض للسيطرة وهو ما يجعل الصورة قاتمة للغاية وغير مبشرة بالمرة، فهناك سلطة مطلقة للنظام، يقابلها تيار ديني خارج من الانتخابات بلا شيء، نتيجته خطأه بالمشاركة في الانتخابات من الأصل، لأن المقاطعة كانت ستجني بلا شك مكاسب لأجندة الإصلاح إلا أنها لم تحدث. ما مدى شرعية ودستورية البرلمان المصري 2010؟ البرلمان – إن جاز التعبير – لا يمت للشرعية بصلة، كما أنه بعيد كل البعد عن الدستورية، فكيف له أن يكون شرعيا في حين أنه افتقد أهم قواعد الشرعية التي تتمثل في النزاهة؟! كما أن عدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري وأحكام الإدارية العليا أبطلت الانتخابات من الأساس، ما نراه الآن ما هو إلا هيئة برلمانية للحزب الوطني وليس برلمانا يجمع بين مختلف التيارات بالمعنى السياسي المفهوم. هل شرعية اللجنة العليا للانتخابات تعني شرعية النتيجة؟ إطلاقا، فليس بالضرورة أن تصح النتيجة بصحة اللجنة، لأن النتيجة ارتبتط ارتباطا وثيقا بصوت المواطن الذي يوضع في مكانه الذي يريده هو، كما أنه يرتبط بخلو صناديق الاقتراع من التزوير، أو تسويد البطاقات الذي حدث بشكل موسع أبطل البرلمان، لأن تزوير إرادة الشعب تبطل المجلس كلية. ما معنى تزوير النظام للانتخابات بهذا الشكل الفج؟ التزوير الذي شاهدناه بجميع أشكاله والأحداث التي جرت حوله يعد تمهيدا للانتخابات الرئاسية 2011 وإعداد للمناخ كي تكون عملية الانتخابات الرئاسية عبارة عن استفتاء وليس عملية انتخابية. إلى أي حد وضعنا السياسي حرج؟ في الحقيقة وضع مصر حرج لدرجة صعبة، سواء داخليا أو خارجيا، ففي الخارج، أصبحت صورة مصر بعد الانتخابات أكثر من سيئة، تتمثل في شعب مقهور ونظام مزور فاقد للشرعية، يستند إلى البطش الأمني، أما في الداخل، فالشعب يشعر بالقهر الحقيقي لأننا في مواجهة نظام يصر على الهيمنة على السلطة بأي ثمن ويمنع الشعب من أبسط حقوقه بالتعبير عن رأيه في إطار من الحماية المشروعة له. كيف يمكن تغيير الحياة السياسية في مصر؟ للأسف تغيير الحياة السياسية في مصر سيأتي بشكل درامي، لأنه يعتمد جملة وتفصيلا على خروج الرئيس مبارك من الحياة السياسية تماما، وحتى هذا الاحتمال، تواجهه بعض العقبات، لأن خروج الرئيس سيتبعه خطوة من ثلاث: إما أن يأتي رئيس مدني وهو الاحتمال الوحيد المطلوب، وإما أن يحدث توريث سياسي بالدم – أي يتم نقل السلطة لجمال مبارك – وهو احتمال له نفس سوء الوضع الحالي إن لم يكن أكثر، أو الاحتمال الأخير الذي يتمثل في التوريث العسكري بمعنى نقل السلطة إلى رئيس عسكري وهو احتمال أقل سوء من توريث الدم ولكنه يظل سيء. ما مدى مسؤولية الشعب عن الوضع القائم، وكيف يمكن توعية الجماهير؟ الشعب غير مسؤول عما يحدث لسبب سخيف، إنه غير مفعل سياسي من الأساس، كما أنه محاصر بحالة خوف من بطش الأمن، وكذلك حالة انعدام وعي سياسي، ولكي يصل الشعب إلى الحد الأدنى من الوعي نحتاج إلى (هز) أركان الدولة المركزية، ليستوعب الشعب أن النظام ليس هو ولي نعمته الذي يطعمه ويسقيه ويوفر له الحياة – غير الكريمة أساسا. ما مدى نزاهة جهات الرقابة على الانتخابات في مصر، وكيف ترى منظمات المجتمع المدني؟ لنا أن نقول أن جهات الرقابة غير محايدة بالمرة، وعلى رأسها اللجنة العليا للانتخابات، وأكبر دليل على ذلك أن اللجنة العليا لم تنفذ أحكام القانون الخاصة بالانتخابات والتي تبطل المجلس كما سبق القول، مما يدل على عدم النزاهة، أما عن منظمات المجتمع المدني، فهي منظمات مقهورة لأنها منعت من ممارسة حقها في الإشراف على الانتخابات أو مراقبتها. من وجهة نظرك، ما البديل للحزب الوطني؟ البديل الوحيد للحزب الحاكم هو وجود نظام مدني يقضي على الحالة البشعة لتحكم النظام في مصر بهذا الشكل وانفراده بالسلطة دون غيره، ولا يوجد حل آخر من شأنه أن يكون بديل مناسب للحزب الحاكم الفاسد الذي أفسد الحياة السياسية سوى الحكم المدني الذي ننشده. هل مصر على شفا ثورة أم أنها نائمة؟ لا أظن، لأن الشعب الآن مغيب وأنا أتحدث عن الغالبية العظمى من الشعب (المسيسة) في حين أن الثورة تحتاج لشعب واعي لما حوله، وما دونها بضع آلاف على أقصى تقدير لا يقوى على القيام بثورة لتصحيح الوضع الحالي الذي نرجو تصحيحه. الدستور الاصلى