بث مباشر.. مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي    "تراجع المستعمل لا يتوقف".. بيجو 301 موديل 2020 ب570 ألف جنيه    ابتزاز وتهديد عبر السوشيال.. ضبط عاطل استغل حلم التوظيف للإيقاع بسيدة    دار الإفتاء المصرية توقِّع بروتوكولَيْ تعاون خلال الجلسة الختامية لمؤتمر الإفتاء العالمي العاشر    "إيه الجمال ده".. ميرنا جميل تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    رئيس الوزراء ينعي الأديب المصري الكبير صنع الله إبراهيم    مجلس الصحفيين يرحب بمخرجات اجتماع الرئيس مع الهيئات الإعلامية    بالأسماء.. 21 مواطنًا يتنازلون عن الجنسية المصرية (جريدة رسمية)    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    القائمة بأعمال وزيرة البيئة تتابع آخر مستجدات العمل بمصرف المحيط بالمنيا    الرئيس اللبناني: نرفض أي تدخل خارجي ومن غير المسموح لأي جهة حمل السلاح    ترامب وبوتين يلتقيان في ألاسكا التي اشترتها أمريكا من روسيا.. فما قصتها؟    د. علي جمعة يؤم صلاة الجنازة على د. المصيلحي.. ونظيف يشارك في المراسم    إذاعة جيش الاحتلال: تقليص عدد القوات المنتشرة في قطاع غزة إلى خمسة ألوية    "عاد للتدريبات".. مصدر ليلا كورة: لا صحة لأنباء غياب رامي ربيعة 3 أسابيع    بعد صرف 800 مليون إسترليني.. هل نشهد أقوى سباق على الإطلاق للفوز بلقب الدوري الإنجليزي؟    وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين    عارضة أزياء عن أسطورة ريال مدريد السابق: «لا يستحم».. ونجم كرة القدم: انتهازية (تفاصيل)    المصري يختتم تدريباته لملاقاة طلائع الجيش في الدوري    نور وغزل تحرزان ذهبية تتابع ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 سنة بالإسكندرية    «أتعرض لحملة تشويه».. الشناوي يوجه رسالة حادة ل مسؤول الأهلي (إعلامي يكشف)    جامعة الجلالة توجه الشكر لأول مجلس أمناء بعد انتهاء بعد دورته    "ذهب مع والدته لغسل الأواني فعاد جثة".. طفل يغرق في ترعة بالمنيا    "المتحدة" تطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    فكك 6 شبكات تجسس.. قصة خداع «ثعلب المخابرات المصرية» سمير الإسكندراني للموساد الاسرائيلي    وزير التعليم العالى يفتتح معرض أخبار اليوم للتعليم    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    المسلماني: صنع الله إبراهيم كان جديراً بالترشح لجائزة نوبل    "هيلعبوا بالفلوس لعب".. 4 أبراج على موعد مع الثراء وتحول مالي كبير    أكاديمية الفنون تكشف عن موعد انطلاق «مهرجان مسرح العرائس».. بالتفاصيل    حقق إجمالي 141 مليون جنيه.. تراجع إيرادات فيلم المشروع X بعد 84 يومًا    «مصر وطني الثاني».. راغب علامة ينهي أزمته مع نقابة الموسيقيين بعد لقاء مصطفى كامل    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    هل يقام حد السرقة على أحد الزوجين إذا سرق من مال صاحبه؟.. عالم أزهري يجيب    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    أوقاف سوهاج تختتم فعاليات الأسبوع الثقافى بمسجد الحق    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    تخفيف الزحام وتوفير الأدوية.. تفاصيل اجتماع رئيس "التأمين الصحي" مع مديري الفروع    بسبب «الجبنة».. عدوى بكتيرية في فرنسا تتسبب في وفاة شخصين وتُصيب 19 آخرين    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    وزارة الزراعة: إجراء التلقيح الاصطناعي لأكثر من 47 ألف رأس ماشية    "قيد الإعداد".. الخارجية الأمريكية تقترب من تصنيف الاخوان منظمة إرهابية    وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2025    جهاز تنمية المشروعات وبنك القاهرة يوقعان عقدين جديدين بقيمة 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر    محافظ المنوفية يفاجئ مكتب صحة الباجور ويتخذ إجراءات فورية لتحسين الخدمات    اتصالان لوزير الخارجية مع نظيره الإيراني والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزيرة التخطيط تناقش مع نظيرتها الأردنية الجهود المشتركة لتحقيق التنمية الاقتصادية    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    وزير الري يتابع المشروعات التنموية في سيناء    شجرة أَرز وموسيقى    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    إخماد حريق نشب في محول كهرباء تابع لترام الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الإسلام هو الحل» ليس حلاً

تمسكت جماعة الإخوان المسلمين بشعار «الإسلام هو الحل»، وفشلت الدولة حتى الآن فى منع الشعارات الدينية التى تقوض أسس الدولة المدنية وقواعد الديمقراطية، وفضّلت مواجهتها بالطرق الأمنية المعتادة دون أن تبتكر أى جديد.
والحقيقة أن إصرار الإخوان على التمسك بشعار «الإسلام هو الحل» يعكس إصرارا على التمسك بشعار، ليس فقط مناقضاً لقواعد الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة، إنما أيضا مراوغ ووهمى، ويعرف كثير من الإخوان أنه لا معنى له فى الواقع ويخدع الناخب المصرى، ويعمق كل الجوانب والقيم السلبية التى شهدها فى العقود الأخيرة من تغييب للعقل وتسطيح للحلول.
وقد طرح الإخوان هذا الشعار منذ انتخابات عام 1987 دون أى مراجعة لما يقرب من ربع قرن، انهارت فيها نظم شيوعية، وتغيرت خريطة العالم، وبقى الإخوان المسلمون مثل الحزب الوطنى ثابتين فى المكان يتحدثون نفس اللغة والخطاب، وعاجزين عن المراجعة وتقديم الجديد.
والحقيقة أن تمسك الإخوان بهذا الشعار كشف عن أزمة عميقة فى فكرهم وفى أداء النظام السياسى على السواء، فاعتبار «الإسلام هو الحل» شعاراً سياسياً وليس دينياً أمر لا علاقة له بالواقع، ويمثل إصراراً على تحدى القوانين المنظمة للعملية الانتخابية بطرح شعار دينى وتمييزى بامتياز، متناسين أن القوانين يجب أن تُحترم حتى لو لم تعجب الإخوان وحتى لو كانت الحكومة أول من يخالفها.
صحيح أن الحكم لم يتعود مواجهة الإخوان عبر موقف مبدئى يقول فيه إن مصر دولة مدنية، وإن الانتخابات تنظمها قواعد قانونية ترفض استخدام الشعارات الدينية، ومن حقها أن تشطب أى مرشح لا يلتزم بهذا الشعار، ولكن بما أن «إخوان الحزب الوطنى» يستخدمون أيضا شعارات دينية،
وبما أن اللجنة العليا للانتخابات متخبطة وبلا صلاحيات تذكر، فإن الحكم فى مصر ليس لديه مشروع سياسى قادر على مواجهة الإخوان بالسياسة وليس الأمن، ولم يعتد أن يدافع عن قيمة عليا أو قانون واستسهل الحل الأمنى حتى حوّل الإخوان من تنظيم دينى منافس إلى جماعة من الضحايا والشهداء، فحصلوا على نصيبهم من العملية السياسية مرتين: مرة من قوتهم الحقيقية، ومرة أخرى نتيجة ضعف الآخرين وإفلاسهم.
والحقيقة أن مسؤولية الحكم الحالى عن صعود الإخوان كأكبر تيار معارض مؤكدة، فلأول مرة فى تاريخ مصر الحديث تتم مواجهة الإخوان بالأمن فقط، فقد واجه الوفد فى الثلاثينيات والأربعينيات الإخوان بالسياسة وجعلهم فى وضع أضعف منه بكثير، بل إن الإخوان فشلوا طوال تلك الحقبة فى أن يحصلوا على مقعد واحد فى كل برلمانات ما قبل الثورة،
كما استبعد عبدالناصر جناحاً من الإخوان من الحياة السياسية وواجهه بقسوة، ولكنه دمج تياراً آخر فى مؤسسات الدولة وفى تنظيماته السياسية، وظلت شعبيته الجارفة عاملاً رئيسياً وراء تهميشهم وليست فقط الإجراءات الأمنية، وكذلك فعل الرئيس السادات الذى واجههم بالأمن والسياسة، ونسج معهم علاقة مركبة.
وفى الحقب الثلاث كانت هناك مشاريع سياسية حاضرة خصمت من رصيد الإخوان الشعبى والسياسى، وجعلته فى مرتبه أضعف بكثير من مشروع الوفد الليبرالى وعبدالناصر التحررى. أما الآن فلم يقدم الحكم الحالى أى فكرة ملهمة للناس ولم يدافع عن إصلاح سياسى حقيقى أو تنمية اقتصادية يشعر بها أغلب المواطنين، فكان «الإسلام هو الحل» بديلا وهميا أقنع بعض البسطاء بأن مشكلتهم سيحلها شعار فضفاض لا معنى له فى السياسة.
إن كارثة هذا الشعار أنه ظهر فى حقبة النظم الشمولية والشيوعية التى رفعت شعارات عامة وأحادية على طريقة «الاشتراكية هى الحل»، وتعالت عن التفاصيل المعاشة التى كان ينخر فيها السوس، والمشكلات الاجتماعية والسياسية الكثيرة التى حاولت أن تخفيها شعارات الاشتراكية والثورة، والأمر نفسه، تكرر مع نظم إسلامية كثيرة ارتاحت أيضا لليافطة الأيديولوجية المرفوعة، وتجاهلت الواقع والتفاصيل حتى جاء الوقت الذى تخلت فيه حتى عن اليافطة لصالح الكرسى.
وتبدو تجربة إخوان السودان دليلا واضحا على حجم الفشل الذى تحقق على يد حكم إخوانى كان له بريق وهو فى المعارضة ولكن حين وصل للحكم مارس ممارسات أعتى النظم الديكتاتورية تحت اسم الجهاد والحكم الإسلامى، حتى أوصل السودان إلى الانقسام.
إن البعض لايزال يتصور تحت تأثير السياق الحالى الذى غيب فيه العقل عن المجتمع المصرى أن هناك حكماً إسلامياً نقياً خالياً من أهواء البشر، ويختلف عما سمى «النظم المادية»، وهو رأى فيه جهل بالدين والسياسة معا، لأن هذا الحكم سيطبقه بشر وليس ملائكة، وبالتالى هم فى قلب السياسة بمعناها النسبى وأحيانا المراوغ وليس الدينى والمقدس، وهو ما يستلزم رقابة قانونية على الممارسة السياسية، تدعم الإنجاز السياسى والاقتصادى لا الشعارات الفضفاضة والوهمية.
لا يوجد أى حزب سياسى فى أى بلد ديمقراطى يدخل معركة انتخابية، تاركا كل الشعارات السياسية والاقتصادية، ويتمسك بشعار عام وفضفاض ليس له أرجل فى الواقع مثلما فعل الإخوان مع شعار «الإسلام هو الحل»، ومعهم تجارب الفشل فى الفكر الإنسانى كله سواء كانت دينية أو شيوعية أو قومية.
هل «الإسلام هو الحل» يتضمن تجربة السودان «الإسلامية»، أم تجربة طاليان الأفغانية، أم هو إسلام تجارب النجاح على يد أحزاب ذات مرجعية ثقافية وحضارية إسلامية وتبنت برامج سياسية مدنية وديمقراطية ليست لها علاقة بالإخوان، مثل حزب العدالة والتنمية فى المغرب وتركيا، أو تجربة ماليزيا الملهمة؟!
إن مصر مليئة بمشكلات اجتماعية وسياسية لا حصر لها، وكان يمكن للإخوان أن يبتكروا شعارا سياسيا يعبر عن هذه المشاكل، ولكنهم تمسكوا بشعار لم يغيروه منذ ربع قرن, تحدوا به الدولة, التى حتى لو كانت لا تحترم القوانين, فهو ليس مبرراً لأن يفعلوا مثلها، وأثبتوا أنهم واقفون فى مكانهم مثل «إخوان الحزب الوطنى» لا يتغيرون.
صحيح أن هناك فى داخل الإخوان من يمكن وصفهم بالإصلاحيين، وهناك شباب داخل الجماعة ومعهم قله من السياسيين المدربين يقرون همسا أو فى أحاديث خاصة، بأن هذا الشعار غير مفيد فى الانتخابات، ومع ذلك لايزال هناك عقل غير سياسى مسيطر على الجماعة، مُصر على فرضه بصورة أضرت ضررا فادحا ليس فقط بالإخوان وإنما بعملية التطور الديمقراطى ومجمل العملية السياسية.
لقد أصبح مستقبل الجماعة مرتهناً بإصلاح النظام السياسى القائم، وهم بالتأكيد ليسوا من بين القوى القادرة على إصلاحه، ولذا سيستكملون بهدوء مسيرتهم على مدار 80 عاما ويتركون مصيرهم فى أيدى غيرهم، أما هم فقد اكتفوا «بإنجازهم» الكبير وتمسكوا بشعار لا علاقة له بالعقل ولا السياسة ولا الانتخابات، ولا حتى قدسية الدين
.
بقلم د. عمرو الشوبكى - المصرى اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.