· أحمد شفيق: إذا تكررت جمعة الشيخ القرضاوي سنتخذ اجراءات · القرضاوي ليس الخوميني .. والإخوان لايسيطرون علي الميدان في الأيام القليلة الماضية حضرت أكثر من جلسة واجتماع مع أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يحكم مصر الآن، ومع الدكتور أحمد شفيق الذي يترأس الحكومة .. أخطر ما لفت انتباهي وأثار اهتمامي هو تركيز عدد كبير من الكتاب والمثقفين من أساتذتنا علي «فزاعة» الإخوان المسلمين، قال الأستاذ يوسف القعيد لرئيس الحكومة أحمد شفيق: صلاة الجمعة في ميدان التحرير أثارت فزعي وأشعرتني بأن الإخوان سيطروا.. وقالت الأستاذة فريدة النقاش رئيس تحرير الأهالي: هناك اتجاه قوي داخل الحكم الآن لمجاملة جماعة الإخوان المسلمين، رغم أننا نعرف تاريخهم وأفكارهم المتعلقة بالمرأة والأقباط والتي ستعيدنا إلي الخلف، وأضافت: جماعة دينية كانوا يسمونها بالأمس «محظورة» أصبحت هي الوحيدة الممثلة في لجنة إعداد الدستور.. ودخل الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين علي الخط وقال للدكتور أحمد شفيق : لقد سلمتم البلد للإخوان المسلمين.. أما الروائي الكبير الأستاذ جمال الغيطاني فقد كان أكثر حدة وانفعالا.. وتساءل غاضبا: من الذي سمح للشيخ القرضاوي أن يأتي من قطر إلي مصر بطريقة أشبه بعودة الخوميني إلي إيران؟! وأمام هذا الهجوم المكثف والعنيف اضطر رئيس الحكومة الدكتور أحمد شفيق إلي ركوب الموجة وقال بحدة: طبعا إذا تكرر ما حدث في صلاة الجمعة في ميدان التحرير فسوف نتخذ إجراءات. لا أعرف ما هي الإجراءات التي يمكن أن يتخذها رئيس الحكومة في مواجهة الإخوان إذا ما تكررت صلاة الجمعة في الميدان، ولكن الذي أعرفه جيداً أن لغة التهديد انتهت بعد 25 يناير وأن أية إجراءات ضد أي تيار يجب أن تكون قانونية، وأن رئيس الحكومة ليس لديه السلطة الكافية لاتخاذ إجراءات ضد الإخوان، فالوضع تغير تماما.. نختلف مع الإخوان المسلمين سياسيا وفكريا ولكننا نتضامن معهم في الاعتقالات التعسفية والمحاكمات العسكرية وإجراءات التضييق التي يتعرضون لها، لا أريد أن يقع المثقفون المصريون في نفس الخطأ الذي وقع فيه النظام الفاسد والمستبد.. لقد استخدم نظام مبارك فزاعة الإخوان المسلمين لوأد الحرية واغتيال الديمقراطية ورفع شعار: إما جمال وإما الإخوان.. أي أنه من الأفضل أن يحكم مبارك وابنه والحزب الوطني حتي لو بالتزوير والاستبداد، لأن البديل هو وصول الإخوان المسلمين إلي الحكم.. هذه الفزاعة (أي تخويف المجتمع الدولي والمحلي داخل مصر من الإخوان) استخدمها النظام بمهارة فائقة كمبرر للتزوير والاستبداد، وبالتالي يجب ألا يستخدمها المثقفون المصريون الآن لتخويف الكثيرين من أن الإخوان ركبوا الثورة وسيطروا عليها، لأن المنتصر الوحيد في هذه الفزاعة الآن هو نظام مبارك السابق الذي يسعده أن يروج البعض أن الثورة التي أطاحت به هي ثورة الإخوان المسلمين وهي ليست كذلك.. نحن أمام ثورة شعبية شاملة بلا قيادة.. المتظاهرون لا علاقة لهم بالأحزاب أو القوي السياسية أو الجماعات الدينية.. ليس من مصلحة الشعب إثارة قضية الإخوان المسلمين بنفس طريقة (الفزاعة) القديمة التي استعملها نظام مبارك كثيرا.. الإخوان جزء من الثورة، ولكنهم لايمثلون «الثورة» ومنصة يوم الجمعة التي اعتلاها الشيخ يوسف القرضاوي لم تكن منصة إخوانية، فقد صعد إليها السياسي الناصري حمدين صباحي وعضو مجلس الشعب السابق جمال زهران وصعد كاتب هذه السطور وألقينا جميعا كلماتنا.. قلت لأساتذتنا وزملائنا من الكتاب والمثقفين المستنيرين: إذا كنتم حريصين علي عدم سيطرة الإخوان علي الميدان فلماذا لا تأتوا وتشاركوا حتي لاتتركوا الساحة للإخوان.. قلت لهم أيضا: شباب الثورة علي درجة كبيرة من الوعي لدرجة أنهم رفضوا أية شعارات في الميدان تعبر عن توجهات دينية أو سياسية.. لم ترتفع لافته واحدة مكتوب عليها شعار الإخوان: الإسلام هو الحل.. بالعكس كان الهتاف الأساسي في الميدان هو: مدنية.. مدنية.. أي المطالبة بأن تكوين الدولة مدنية وليست دينية.. من جانبه قال الزميل حمدي رزق رئيس تحرير مجلة المصور المستقيل موجها كلامه إلي رئيس الحكومة الدكتور أحمد شفيق: لماذا لاتذهب إلي ميدان التحرير وتقف وسط المتظاهرين لتؤكد لهم أن مهمة الحكومة هي تحقيق مطالب الثورة فاعترض الكاتب الكبير الاستاذ محمد سلماوي وقال: لو نزلت الحكومة ميدان التحرير لفتك بها المتظاهرون فقلت معترضا: المتظاهرون ليسوا وحوشا وأقصي ما سيفعلونه أنهم سيعترضون علي وجودهم فقط.. شباب الثورة علي درجة كبيرة من الوعي والتحضر.. الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد والزميل سيد علي اعترضا بشدة علي وجود محاكم تفتيش جديدة في اشارة إلي أن مجموعة من المتظاهرين وضعوا اسميهما في قوائم سموها «قوائم العار» أما رئيس مجلس إدارة جريدة الجمهورية علي هاشم فقد طالب برحيل قيادات المؤسسات الصحفية القومية وقال إن الذين يطالبوننا بذلك لديهم مبررات قوية ومقنعة. وأضاف: لقد قدمت استقالتي إلي القوات المسلحة بالفعل ولم يتم البت فيها.. وهنا تساءل الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام قائلا: إذا أردنا أن نقدم استقالاتنا فلمن نقدمها؟ فرد عليه رئيس الحكومة الدكتور أحمد شفيق قائلا: ما هي الجهة التي كنتم تقدمون لها هذه الاستقالات قبل الثورة؟! فرد بعض رؤساء التحرير في صوت واحد: المجلس الأعلي للصحافة ولم يعد موجوداً بعد حل مجلسي الشعب والشوري؟!.. تحمس حمدي رزق لتقديم الاستقالات بينما رفض الزميل عبدالله كمال رئيس تحرير روزاليوسف وقال: لن أقدم استقالتي.. سأظل في مكاني حتي تبت في أمري السلطة الشرعية التي عينتني. هذه هي المواقف والأراء ووجهات النظر المختلفة التي أبداها البعض في الاجتماعات المغلقة والتي رأيت أن ألخصها للقارئ.. ومنها أنطلق إلي قضية الصحف القومية التي غضب مني بعض رؤساء تحريرها لأنني أثرتها أمام أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة في الحوار المهم والخطير الذي أجرته الزميلة المتألقة مني الشاذلي علي قناة دريم.. هذه وجهة نظري التي أجزم أنها تستند إلي المنطق والعقل والواقع. ليس مقبولا ولا منطقيا أن الذين عبروا عن نظام مبارك هم أنفسهم الذين يعبرون الآن عن الثورة التي أطاحت بالنظام السابق.. كيف تعبر عن النظام ثم تعبر عن الثورة التي أطاحت بهذا النظام؟! الأمر منطقي وليس فيه إساءة إلي أحد وكان يجب علي رؤساء التحرير الذين عبروا عن النظام السابق أن يقدموا استقالاتهم علي الفور بعد نجاح الثورة.. لقد فوجئت بأن أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة هم الأكثر شدة وصرامة من موقفي حيث أيدوني وهاجموا رؤساء تحرير الصحف القومية الذين غيروا من مواقفهم وانتقلوا من تأييد مبارك إلي تأييد الثورة وطالبوهم بالاستقالة والرحيل لأن القانون الذي جاء بهم لم يعد موجودا بعد حل مجلسي الشعب والشوري.. لا نمارس استبدادا من نوع آخر ولا نطالب بإقصاء أحد.. فقط نقول لهم لا يمكن أن تجمعوا بين النظام والثورة التي أطاحت به.. لقد دخلنا عهد المصارحة والشفافية بعد 25 يناير ولم يعد مقبولا أن نعود إلي أساليب الاخفاء والتعتيم والمناورة القديمة.