فارقنا الحبيب والغالي الوالد والإنسان الطيب والحنون أمير الكتابة الساخرة وابن البلد عمنا «محمود السعدني» الذي لن نوفيه حقه مهما كتبنا وسطرنا الكتب والمقالات لأنه من جيل يعرف المعاملة بالأصول ودون أن يلف أو يدور.. جيل كان يعشق أمنا العظيمة مصر.. جيل لم يعش علي النقائص وقلة الأدب!! جيل كان يسعد بكل موهبة في أي مجال.. جيل كان لايحب التفاخر والظهور.. جيل كان يحترم الصغير قبل الكبير.. جيل لم يعشق البكش أوالدجل.. جيل لم يسمح بإهانة كرامته وكان حريصا علي سمعته كان «السعدني» من جيل العظماء في بلاط صاحبة الجلالة التي تسلل إلي بلاطها الآن بعض المنافقين والدلالة.. ومن حظي انني اقتربت منه فوجدت فيه الوالد والأنسان.. كان يحنو علي كل من يحبه ويسأل عنه إذا غاب ولو «ساعة» وكان ذكيا ولماحا ويتفحص من يقترب منه فاذا فاز في امتحان المقابلة يسمح له بالدخول في دوار «السعدني» ليكون من أفراد القبيلة «السعدنية» وكأنه أحد أفراد أسرته.. في جلساته كان يجمع الأحبة ومن كل صنف أو لون وحتي من يختلفون معه في الرؤي والأفكار.. كان منتدي.. السعدني.. يضم المشاهير.. تجد البساطة والشياكة والأصالة.. تستمع إلي المناقشات وتستوعب ما يحدث من أحداث ممن يتواجد من الكبار.. «والسعدني» كان «عمدة» الكلام.. إذا تكلم صمت الجميع وإذا تحدث بالسخرية المحببة تنطلق الضحكات من القلب فتدمع العيون من فرط البهجة.. ومآدب «السعدني» كان يقدم فيها أطباق الود رغم ما تحتويه من الطعام.. لم يكن بخيلا وكان كريما وكان يسعد بقدوم الأحبة وآه لو شاهدتم مدي اعتزازه بمن كان يقدرهم حتي لو كانوا من رؤساء الوزارات أو الوزراء وبمجرد أن يتحدث مثلا مع الدكتور.. كمال الجنزوري بكلمة.. ياعمنا.. ويدعوه للقدوم إلي نادي الصحفيين كان يلبي الدعوة ولا يعتذر ويفاجأ الدكتور «الجنزوري» بكوكبة من المشاهير ويحلي الكلام ويطول السهر وما أحلي النقاش بحضور الوزراء والكتاب والأدباء والفنانين وكبار المسئولين.. كنت تجد في صالون السعدني عمرو موسي وزكريا عزمي وإسماعيل سلام وأسامة الباز ومصطفي الفقي والاستاذ «هيكل» والمستشار عدلي حسين واللواء عبدالحليم موسي واللواء حسن ابو باشا والوزير علي والي والمهندس حسب الله الكفراوي والمذيع الراحل أحمد فراج ومكرم محمد أحمد وخيري شلبي وطبعا صديقه الحميم الفلاح الأصيل ابراهيم نافع ورسام الكاريكاتير الشهير «طوغان» والزعيم عادل إمام وشقيقه عمدة ليالي الحلمية صلاح السعدني والمهندس فهيم ريان واللواء رضا عبدالعزيز واللواء حسن حميدة والكابتن محمود الجوهري ومحمود الخطيب وعمدة الأباظية الراحل مصطفي أباظة وكان يدعو أيضا النابهين من الضباط الشرفاء ومنهم سامح الكيلاني اللواء الآن بادارة المخدرات والذي أحبه لأنه رفض «رشوة» كانت بالملايين وكان ضابطا صغيرا.. الأسماء لاحصر لها لأن «السعدني» كان قطعة أصيلة من الأرض المصرية وكان حريصا علي أن تكون مجالسه معبرة عن جموع هذا الوطن الغالي والعزيز.. والسعدني لايستطيع أحد أن يجاريه في صداقاته مع الكبار ولو كانوا من الملوك والأمراء والرؤساء لكونه من النبهاء ولم يكن إمعة أو بردعة أو صاحب منفعة.