عقدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان امس مؤتمراً صحفياً لعرض تقرير "التعذيب والقتل في ظل الجمهورية الثانية" والذي تناول بالرصد والتوثيق واقع جريمة التعذيب في مصر، فضلا عن الحالات النموذجية التي تم رصدها للتعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز وأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز، وحالات الوفاة الناجمة عن التعذيب. وقد جاء التقرير ليوكد على أن جريمة التعذيب كانت أحد العوامل الأساسية التي أدت إلى انطلاق شرارة ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011، وعلى الرغم من ذلك لم يعمد أول رئيس مدني بعد الثورة إلى القضاء على هذه الجريمة البشعة للحفاظ على كرامة المواطن المصري، أو العمل على إجراء تحقيقات موسعة في جرائم التعذيب التي حدثت خلال حكم الرئيس السابق، وبالتالي فأن الثورة لم تقض على جريمة التعذيب ولم تغير من سياسة الشرطة في التعامل مع المواطنين سواء في الأقسام أو السجون، فعمليات التعذيب والترويع في السجون كما هي، بل على العكس من ذلك فقد انتشرت بشكل كبير فى عهد الرئيس محمد مرسي يمكن القول أن مرسي قد فاق كل التوقعات، فخلال عام واحد من حكمه استطاع التفوق على الرؤساء السابقين من خلال كافة المؤشرات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، فقد استطاع أن يحطم أرقام سابقيه من حيث عدد المعتقلين، فإذا كان عدد المعتقلين قد وصل في عهد الرئيس مبارك بنحو 18000 ألف معتقل الذي بلغت فترة حكمه30 عاماً، فقد استقبلت السجون 3462 معتقلاً خلال عام، هي فترة حكم أول رئيس مدني منتخب لمصر ما بعد الثورة، وإذا أقسم الرئيس بأنه لم يصدر قرار اعتقال لأي مواطن فهو صادق، ولكنه لا يستطيع أن ينكر أن حبس النشطاء بسبب تهم سياسية، فقد تم إحالة عدد من النشطاء إلى محكمة الجنايات، بل إن الرئيس الذي أعلن من قبل إبان سباق الانتخابات الرئاسية أن عهده لن يشهد حبس أي معارض، بدأ عهده بحبس وسحل المتظاهرين ضده، واستهداف النشطاء السياسيين وقتلهم في المظاهرات ومن جانبه أكد حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان على أن التعذيب من أخطر الانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان لكونه قد يساهم بشكل أساسي في إهدار حياة الإنسان، فضلا عما يتركه من أثار نفسية واجتماعية تمتهن كرامته مما يصعب التخلص من أثاراها بسهولة، كما أن تلك الآثار قد تمتد في أغلب الحالات إن لم يكن أكثرها إلى أسر الضحايا، فضلا عما يمثله هذا من اعتداء صارخ على حق الإنسان في السلامة الجسدية وأضاف أبو سعده إلى عدم وجود نية لدي التيار الإسلامي للقضاء على جريمة التعذيب، وهو السبب الذي أدي إلى ارتفاع هذه الظاهرة إلى حد بعيد في ظل الجمهورية الثانية، حيث رصدت منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية العديد من الانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان، فقد توفي أكثر من 143 قتيل في عهد مرسي أبرزهم الشهيد محمد الجندي وسامح فوده وغيرهم، فضلا عن القبض على العديد من النشطاء بسبب قضايا سياسية والزج بهم إل ى السجون في تحدي لدولة القانون، وتعذيب المواطنين المقبوض عليهم بسبب آرائهم السياسية في نكوص على مطالب ثورة الخامس والعشرين من يناير. وأكد عصام شيحه المحامي بالنقض ونائب رئيس المنظمة أن هذا التقرير صادم للرأي العام ولحركة حقوق الإنسان، لاستمرار ممارسات التعذيب بعد ثورة الخامس والعشرين رغم نص الدستور في مادته الحادية والثلاثين على أن "الكرامة حق لكل إنسان، يكفل المجتمع والدولة احترامها وحمايتها ولا يجوز بحال إهانة أي إنسان أو ازدراؤه"، والمادة السادسة والثلاثين على أن "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه أو ترهيبه أو إكراهه أو إيذاؤه بدنيا أو معنويا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن لائقة إنسانيا وصحيا، وخاضعة للإشراف القضائي ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون، وكل قول صدر تحت وطأة أي مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه". وأضاف شيحه أن جريمة التعذيب زادت خلال هذا العام، وهو ما دفع المنظمة إلى إصدار هذا التقرير الذي اعتمد على المنهج العلمي في توثيق ورصد الحالات، مطالبا مجلس الشورى بتعديل البنية التشريعية المنظمة للحقوق والحريات العامة لضمان حماية حقوق الإنسان. وفي نهاية التقرير طالبت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان السلطات بضرورة اتخاذ العديد من التدابير الإجرائية والتشريعية التي تكفل الإعمال الكامل للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيرة من ضروب المعاملة القاسية والمهنية واللاإنسانية، فضلا عن عدد من الإجراءات الأخرى