حين تضيع الكلمة ولايعد لها صدي.. حين نفقد رجاء الرجا.. حين تصبح أحوال البشر في أقصي حالات الردي.. حين تتجمد الدموع في الأجفان ويجلل الأمل بالأكفان ولايبقي من الإنسان سوي بقايا إنسان.. يتقوقع في داخله يائسا حزينا صامتا.. عاجزا.فالنفس البشرية تتأرجح بين حالات من التفاؤل واليأس والحب والكره والحزن والفرح والرضا والسخط.. وحين يفقد الإنسان كل هذه الصفات لم يعد بعد إنسانا وهذا حال المواطن المصري الآن.. نكتب دون مجيب.. نصرخ بأعلي صوت دون أن يسمعنا أحد.. نستغيث دون مغيث.. نستجير ومن ذا الذي يجيرنا فقضيتنا ليس لها حل والفساد يتوغل في كل أجهزة الدولة ويسيطر عليها حين أمسكت القلم لأكتب نصحني بعض الاصدقاء المقربين لاتكتبي ياسيدتي في السياسة.. فهناك خطوط حمراء لاتقتربي منها، حتي تكوني سالمة، يكفي أن تكتبي في الفن والخير والجمال لأن هذا يناسبك تماما، وعجبت من هذا القول.. كيف أكتب عن الفن والخير والجمال وهم غير موجودين أساسا في هذا البؤس وخيمة الحزن التي تتسح يوما بعد يوم حتي امتلأنا بالسواد .. كيف لفنان أن يبدع وهو لايري غير البشاعة والقبح والقمامة التي تغمر البلد.. كيف لعامل أن يتقن عمله وقوته لايكفي لمتطلبات حياته الأساسية من مأكل ومشرب وعلاج .. كيف لأم أن تربي أبناءها علي الفضيلة وهم لايرون حولهم إلا الرذيلة.. وكيف لا أكتب في السياسة والسياسة تدخل في كل شيء في حياتنا من رغيف الخبز وحليب الاطفال والتلوث والتعليم والخ.. الخ. وأنا لا ألوم الحكومات وحدها علي ما نحن فيه من بؤس الآن، فالحكومات لم تهبط من السماء وإنما هي نتيجة وضع شعبي مختل :وغير واع.. ففرعون لن يقول «أنا ربكم الأعلي» إلا إذا رأي حوله عبيدا يطيعونه. فأمام بيتي في المعادي أطنان من الزبالة وحين أريد أن أصف العنوان لأحد أقول له عند الزبالة وأدخل يمين. وكتبنا الكثير عن القنبلة الموقوتة والتي تسمي العشوائيات والتي تضم فصيلا من البشر هم أخطر من التتار خليط من السفاحين والمجرمين غاب عنهم الضمير بغياب رغيف الخبز فأصبحوا يأكلون بعضهم البعض وغدا سيأكلون من هم خارج حدودهم، لذلك أطلق عليهم اسم القنبلة الموقوتة وأحذر منها لأنها ستنفجر لا محالة. .. كنت وقبل سنوات حين أزور تلك العشوائيات والتي يسكنها الكثير من الفقراء المعدمين أجدهم مساكين ولاحول ولاقوة لهم ولكن الآن أراهم قد تغولوا بفعل الظلم والاهمال والتنكر لهم تخلصوا من آدميتهم وأصبحوا وحوشا لاتقبل الترويض ويكمن في جحورهم كل أنواع الرذيلة والفسق وزنا المحارم والعهر وهم حاقدون علي من هم خارج حدودهم والحقد يولد الدمار. .. اللهم ما كتبت اللهم فأشهد ولتكن رسالتي هذه إلي الله لأنني فقدت الأمل في أن تصل كلماتي إلي مسامع البشر. أخاف علي مصر كما أخاف علي وليدي ويسري في شراييني دمها كنهر من لهيب. أريد لها الفخر والعزة والشموخ وهل من سامع أو قارئ مجيب. أم القاسم