في عام 2006 مع بداية الاعتصام للتضامن مع حركة القضاة نظم عدد من القوي الوطنية مظاهرة ضخمة بالطبول والأعلام بدأت في شبرا وسارت حتي نادي القضاة.. وعندما وصلت إلي مشارف النادي كان في الانتظار مجموعة من حزب الغد ومعهم كمية ضخمة من لافتات الحزب رفعوها في مقدمة المظاهرة وكأنهم كانوا من المشاركين من البداية! · منظمة أمريكية مشبوهه تمول للحملة موقعًا اليكترونيا ومحطة تليفزيونية علي شبكة الانترنت في الوقت الذي كانت المعارضة المصرية تقصر نشاطها على ما يمكن أن نسميه "معارضة البيانات "بالاضافة إلي بعض المقالات النارية التي تنشر في الصحف من آن لآخر أوتوزع علي شبكة الإنترنت متعللين بأن المجتمع في حالة انحسار بعد التضييق الأمني الذي منعهم من النزول للشارع. خرج د.أيمن نور من السجن في مفاجأة لا تتناسب مع التشدد الحكومي المسبق ولم يكن هناك ما يبرر هذا الافراج إلا ما تردد بقوة عن الصفقة التي أبرمها نور مع النظام برعاية وضغط أمريكي. هكذا بدا المشهد ساكنا ومحبطا تقريبا عندما فاجأ أيمن نور الجميع بقنبلته شديدة الانفجار الذي ستمتد أثارها ليس إلي الحزب أو المؤسسة الحاكمة كما قد يتبادر إلي الذهن.. عفواً شظايا قنبلة نور ضحاياها سيكونون مجموعات المعارضة الوطنية الذين تورطوا لأسباب مختلفة في الدخول إلي حملة «ما يحكمش» وهذا ما يؤكده المراقبون رصداً لعدة مشاهد سابقة ومواكبة لإعلان هذه الحملة يأتي علي رأسها الميراث التاريخي من الشك والريبة المتبادل بين نور وبين من دخلوا تحت رايته في هذا التجمع الجديد، الذي يحمل كل عوامل الانهيار داخله من أول يوم ونرصد ذلك فيما يلي: أولا: أغلب القوي المشاركة موجودة بالفعل في «ائتلاف المصريون من أجل التغيير» الذي اعتبره الكثيرون وعلي رأسهم «كفاية» استراتيجية العمل المستقبلي للوصول إلي تغيير سلمي للسطة في مصر ويحمل بيانه التأسيسي أفكاراً أكثر تقدما من حيث تحديد خطوات عمل والتمسك بفترة انتقالية وغيرها من التفصيلات التي غفلها خطاب «كفاية» الذي اقتصر علي رفض التمديد والتوريث، الاشكالية أن الحملة بشكلها الراهن هي محاولة استنساخ لكيان جديد يحمل نفس الوجوه تقريبا وهذا ما يعتبر في أدبيات السياسة إعلان وفاة للكيان السابق «ائتلاف المصريون من أجل التغيير» وهذا يفسر تيار الرفض للانخراط في هذه الحملة داخل ائتلاف المصريون ومن داخل كفاية أيضا. ثانيا: عند الدعوة للانضمام تعمد نور أن يوهم كل طرف بأن الأطراف الأخري شاركت وهو ما يحمل في فحواه تهديدا ضمنيا لمن يرفض المشاركة بأنه سيكون معزولا وحيدا في الشارع السياسي، وطبعا سرعان ما بدأ انكشاف ذلك في الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية كبداية للتصدع والانهيار. ثالثا: كل طرف مشارك اتفق مع نور علي بعض اشتراطات وعلي رأسها تحديد الموقف من أمريكا فالأغلبية من المشاركين ترفض التعامل مع الخارج وخاصة أمريكا في حين أن نور وتياره لايرون ذلك أو علي الاقل ليس بهذا الحسم.. وهذا عامل آخر للاختلاف والتفجير. رابعا: قصة التمويل الأجنبي تأتي علي رأس القنابل الموقوتة الموضوعة تحت كراسي المشاركين لما تمثله من حساسية لدي الجماهير.. والثابت أن نور استقبل وفدا من مؤسسة فريدوم هاوس «Freedom House» قبل يوم واحد من إعلان الحملة وهي مؤسسة تمويل أمريكية غير بعيدة عن أيدي المخابرات الأمريكية.. طبعا د.نور حر أن يستقبل من يشاء ولكن ما أزعج المشاركين هي الأموال التي أنفقت علي إنشاء موقع إلكتروني ومحطة تليفزيونية تبث 6 ساعات يوميا علي شبكة الإنترنت، ونسبت الأموال إلي هذه المنظمة المشبوهة وهو ما سيجعل أعضاء الحركات المشاركة ينقلبون علي قادتهم الذين لن يستطيعوا تبرير هذه الأموال التي ظهرت مبكرا في الحملة. خامسا: ما يثار حول د.حسن نافعة وهو شخصية علمية وسياسية تحظي بكل احترام وتقدير، إلا أنه لايجد غضاضة في حضور مأدبة طعام في السفارة الأمريكية في نفس أسبوع إطلاق الحملة اعتمادا علي رأيه المعلن بأنه يعادي إسرائيل وليس أمريكا.. أيضا هو حر في رأيه الشخصي ولكن هل يقبل أعضاء كفاية والعمل والكرامة والاشتراكيون د.نافعة منسقا لهذه الحملة أو حتي منسقا للجنتها التحضيرية وهو ما أعلن بالفعل أي أن التمسك بنافعة منسقا الذي يستمر حتي الآن يعتبر سببا آخر لنسف الاتفاق بين الفرقاء داخل هذه الحملة. بعيدا عن التوقعات أو آراء المراقبين نرصد علي أرض الواقع ما يحدث فعلا داخل التنظيمات المشاركة من مظاهر الرفض والضغط علي قيادتهم للخروج من هذه الحملة اعتراضا علي كل ما سبق. في حركة «كفاية» واجه د.عبدالحليم قنديل منسق الحركة التيار الرافض للاشتراك في هذه الحملة بأنها ليست إلا حملة فعاليات داخل إطار ائتلاف المصريين من أجل التغيير مؤكدا أنه اشترط علي نور ذلك وأن نور وافق علي اعتبار الحملة جزءا من الائتلاف هذا ما قاله قنديل ولكن ما حدث في اجتماع اللجنة التحضيرية لحملة «ما يحكمش» أنهم رفضوا هذا تماما! وقنديل مازال مصراً علي أنه يسعي إلي استيعاب الحركة من الداخل وتوجيهها إلي الاتجاه الصحيح وهو ما اعتبره تيار في كفاية بأنه اعتراف ضمني بانحراف هذه الحملة ويجب الانسحاب الفوري منها وقد تبدي هذا واضحا في عدم حضور بعض الأعضاء المؤثرين في اجتماع اللجنة التنسيقية والبعض الآخر فضل الصمت وعدم المشاركة مما ينذر بعواقب سيئة ستشهدها كفاية إذا استمرت في هذه الحملة. حزب العمل أيضا يحمل أعضاؤه كل الرفض وتمثل هذا في ارسال ضياء الصاوي مسئول الشباب ممثلا للحزب في الحملة بدلاً من أحد القيادات العليا للحزب، المفارقة أن نور رفض اعتماد ضياء وأعطي الكلمة بعد ذلك ل«د.صلاح عبدالمتعال» الذي قال إنه لا مانع من التعامل مع أمريكا التي يشترك معها في أبحاث علمية بالجامعة، طبعا هذا أثار المزيد من الغضب في مستويات الحزب لأن زعيمهم مجدي حسين القابع في السجن لن يرضيه هذا كما أن هذه الواقعة أثبتت أن د. أيمن نور يتدخل حتي في تحديد ممثلي الشركاء! حزب الكرامة الذي تمت فيه مناقشة الاشتراك من عدمه كان الاتجاه العام مع الرفض حتي أن المهندس محمد سامي وكيل المؤسسين كان شديد التحفظ ورفض مبدئيا التعامل مع اشخاص ملوثين بالتعامل مع أمريكا أو التمويل الاجنبي وطبعا سامي ليس وحده في هذا الرفض فحتي حمدين صباحي لم يحضر الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية للحملة رغم أنه عقد بمقر حزب الكرامة. أما الاشتراكيون الثوريون فهم بحكم المبادئ الايديولوجية لايمكن قبولهم التعامل مع أمريكا رغم أنهم كتنظيم يبدو شديد التماسك ويتكتم اسراره إلا أن ذلك لم يمنع من رصد عدم وجود كمال خليل أو تامر وجيه أو غيرهما من قيادات المنظمة مثل ما هو معتاد واكتفوا بارسال يحيي فكري ربما كخطوة لجس النبض. الإخوان المسلمون كالعادة لايمكن أن يصدر عنهم رأي واحد فهم تنظيم كبير تتباين فيه الرؤي والتوجهات ولكن محمد البلتاجي الممثل الرسمي للحركة في هذه الحملة أصر علي كتابة البيان التأسيسي الذي اتفق علي أن يكون باسم«رسالة الحملة» حتي يحاول أن يتلافي الانتقادات التي توجه للحملة من داخل الإخوان فيما يتعلق بأمريكا.. وينتظر أن يأتي البيان مشتملا علي كل صور الرفض لأمريكا والتمويل وغيرها من المسائل التي تثير حساسية المعارضة. يبقي أخيراً أن نقول إن في الاجتماع التحضيري الأخير طالب بعض المشاركين رفع كلمة «مايحكمش» التي وزعت كاسم وشعار للحملة ووعد نور بتنفيذ ذلك ولكن يبقي أن الموضوع ليس في الاسم أو الشعار ولكن المضمون أن حلم توحيد المعارضة المصرية تحول في هذه الحملة إلي كابوس مزعج ينذر بكثير من الخلافات داخل الجماعة المعارضة.