لفورد الأمريكية تجربة فريدة في تجميع السيارات في مصر حيث كان للشركة مصنعا في الإسكندرية بدأ العمل في ثلاثينيات القرن الماضي لتجميع الشاحنات والجرارات وعدد قليل من سيارات الركوب. وفي عام 1950 تم إفتتاح المصنع الجديد للشركة وهو المصنع الذي قام بدور كبير في تزويد السوق المحلي وبعض الأسواق المجاورة بسيارات الركوب الصغيرة وعربات النقل والجرارات الزراعية من طراز فوردسن. كان إفتتاح المصنع حدثا هاما بالنسبة لشركة فورد العالمية حتي أن هنري فورد الثاني رئيس فورد حينذاك قام بتوجيه التهنئة للعاملين بالمصنع من خلال رسالة ننشر صورة منها في هذا المقال خاصة وأن المصنع كان الوحيد في الشرق الأدني لتجميع السيارات. في بداية عمل المصنع الجديد كان الإنتاج ضعيفا يتراوح بين 10-12 سيارة مجمعة يوميا، وكان عدد العمال لا يتجاوز 150 عاملا تمتعوا بمرتبات مجزية ومزايا نادرا ما كانت تتوافر لعمال الشركات والمؤسسات الأخري. وصل حجم الإنتاج خلال العام الأول إلي 2278 وحدة بين عربات وجرارات زراعية علاوة علي الوحدات الأخري التي صنعت لحساب الحكومة والجيش إضافة لقطع الغيار وتغيير الموتورات. وبعد الثورة إستمر عمل المصنع وتشجيعا له قررت الحكومة في البداية ألا يسري قرارمنع تصدير السيارات وقطع الغيارعلي إنتاجه الجديد بشرط أن تكون الخامات و قطع الغيار مستوردة بحساب التصدير وألا تكون داخلا فيها أجزاء مستوردة أصلا بالدولار كما قررت لجنة الإستيراد والتصدير في الحكومة المصرية ألا يسري قرارالمنع علي ما يستورد من الجنيه الإسترليني. إستمر مصنع فورد في العمل بالإسكندرية حتي عام 1966 حيث بدأت المشاكل مع إنشاء فورد لمصنع لها في إسرائيل. ونظرا للمقاطعة العربية للشركات التي تتعامل مع الدولة العبرية حينذاك توقف المصنع. وزاد الطين بلة مع إندلاع حرب 1967 والتي أدت إلي توتر حاد في العلاقات المصرية الأمريكية. وبدا في الأأفق أن فورد لن تقوم لها قائمة في مصر بعد هذا التاريخ. ولكن عادت الشركة للعمل مرة أخري بداية من عام 1976 من خلال شركة رجب للأستيراد والتصدير والتي صارت وكيلا لفورد في مصر منذ ذلك التاريخ وساعد علي رواج فورد في تلك الفترة التقارب المصري الأمريكي الذي أعقب حرب أكتوبر عام 1973. وفي العام التالي، أقامت شركة سيارات فورد مصر حفلا بنادي سبورتنج لتوقيع إتفاقية إنشاء أول مصنع لإنتاج لوريات ومحركات الديزل فورد بمصر. ولم يكن الأمر في واقع الأمر يتعلق بإنشاء مصنع جديد بل تشغيل مصنع الشركة القديم بعد تطويره. وحظي هذا الإحتفال بدعم رسمي واضح حيث حضره عبد التواب هديب محافظ الإسكندرية في ذلك الوقت وحمدي عبد المحسن وكيل الوزارة والسكرتير العام المساعد لمحافظة الإسكندرية وروبرت تشيس القنصل العام الأمريكي بالإسكندرية وأرو كروز مدير المكتب الإقليمي لفورد في الشرق الأوسط. حضر اللقاء بطبيعة الحال نيكولاس اوروسوف رئيس مجلس إدارة شركة سيارات فورد مصر والعاملين بها. تم خلال اللقاء تكريم العاملين بالشركة خلال الأعوام الخمسة والعشرين السابقة وتسليمهم شهادات تقدير موقعة من هنري فورد الثاني رئيس فورد. والواضح أنه كانت لفورد خطط طموحة للغاية فيما يتعلق بمصر خاصة وأن المصنع الجديد الذي كانت الشركة تنوي إنشاؤه بلغت طاقته الإجمالية حوالي 100 ألف محرك سنويا علاوة علي إنتاج لوريات فورد متوسطة الحجم. وكان من المنتظر أن يتم الإنتهاء من هذا المصنع في غضون عامين. وبلغ رأسمال المشروع حوالي 30 مليون دولار ساهمت مصر بنسبة 40% منها و30% لفورد والباقي طرح للإكتتاب للمواطنين المصريين. كان من المتوقع أن يوفر المصنع 17 ألف فرصة عمل داخل المصنع علاوة علي تنشيط الصناعات المغذية لنحو 16صناعة مختلفة. وبلغ حجم الإستثمارات الإجمالية للشمروع نحو 150 مليون دولار توقع البعض ان ترتفع نتيجة التوسعات الجديدة. وكان المشروع هو الأكبر حتي هذا التاريخ في ظل سياسة الإنفتاح الإقتصادي. وقع الإتفاق من الجانب المصري الدكتور عبد المنعم القسيوني نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والإقتصادية ووزير التخطيط وعن الجانب الأمريكي أدكسيون وليامز رئيس شركة فورد في منطقة الشرق الأوسط. وشهد التوقيع زكريا توفيق عبد الفتاح وزير التجارة والدكتور حامد السايح وزير الإقتصاد والدكتور صلاح حامدوزير الماليه وهيرمان أيليتس سفير الولاياتالمتحدة بالقاهرة وجمال الناظر نائب رئيس هيئة الإستثمار. حينها تم أيضا الإتفاق علي إنشاء شركة في مصر كمركز أقليمي للتوزيع في الشرق الأوسط وهو ما لم يتحقق. شريف علي