تنص المادة 60 من الاعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30 مارس 2011 على طريقة احتساب نتيجة الاستفتاء على الدستور وهى كالاتى «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها ويُعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده على الشعب لاستفتائه فى شأنه ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء «، بينما تنص المادة 225 من الدستور الحالى على «يعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء؛ وذلك بأغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء». ومابين هاتين المادتين يظهر مايسمى الحساب الدستورى لنتيجة الاستفتاء وهى المفاجأة التى فجرها الدكتور صلاح الدين فوزى رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة المنصورة فى عدد الاهرام الصادر بتاريخ 20 ديسمبر الجارى، والذى ذكر فيه أن المقصود بالشعب فى المادة 60 من الاعلان الدستورى تعنى هيئة الناخبين والبالغ عددهم 51 مليونًا وموافقة هيئة الناخبين تكون بمعيار الاغلبية المطلقة اى مايجاوز نصف العدد المذكور، وهذا مايملى _على حدقوله_ ضرورة أن يكون مجموع الاصوات التى تقول نعم للدستور مساوية لاكثر من 50% من عدد الاصوات الكلية لهيئة الناخبين، وليس من عدد الاصوات الصحيحة التى شاركت فى الاستفتاء، وعن المادة 225 فإن المعيار الجديد سينطبق على المستقبل اعمالا لقاعدة الاثر الفورى لنفاذ القاعدة القانونية، ولانه ليس للدساتير المقترحة اثر رجعى يرتد للماضى، ورأى أن البعض يرى أن يعمل بالعرف الذى يقضى بأغلبية عدد المصوتين وليس عدد المقيد أسماؤهم إلا أنه يرى أن العرف لايعدل نصًا قائماً. يشاركه فى هذا الطرح الدكتور «محمود كبيش» عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الذى يشير إلى أن التفسير صحيح تماما ويستند إلى المادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30 مارس والذى انتخب الدكتور مرسى على أساسه ولكنه عمل على انتهاك بنوده يوميا، لأن المادة نصت على موافقة الشعب وهذا يعنى أن تكون 50 % + 1 من المقيدين فى الجداول الانتخابية، ولو أن هناك دولة قانون لتم بطلان الاجراءات، ولكن هناك اعتداء صارخًا من السلطة على القانون والدستور، فكل شىء يؤخذ ب«العافية» وب «الدراع»، لاننا نعيش فى عصر سقوط دولة القانون، حيث غاب القانون وسقط بإشراف السلطة المسئولة عن ذلك، ووجد مايسمى قانون الفوضى وهى التى يفرضها من بيده السلطة، بواسطة مصفقين له وموجهين له من جهة أخرى، مرجعًا هذه الفوضى إلى من باعوا ضمائرهم، والذين شاركوا فى صنع هذا الدستور، والتاريخ لن يرحمهم لانهم باعوا الضمير فى سبيل نفع لهم. ويقول الدكتور حسام عيسى استاذ القانون بجامعة عين شمس أن الامور تبدو من الجهة القانونية مخالفة تماما، ولكن مايحدث هو أن الامور تساق بالقوة والعافية، لان الامر خرج من القانون للسياسة، حيث العربدة التى تحدث ممن بيدهم حكم البلد، فى وقت لايوجد فيه قانون، هل حينما صدر الاعلان الدستورى كان هناك قانون «لا» لايوجد، مضيفا انه اقلع منذ فترة عن الاجابة على الاسئلة القانونية، لاننا نعيش « عصر اللاقانون»، فهل التزوير اصبح اليوم فى حكم الدكتور مرسى قانونا، وهل من يزور الاستفتاء نقول له قانون، وهذه المادة تقول كذا وتخالف كذا، فى حين الطرف الاخر لايسمع، وهل من القانون أن تحصن اللجنة العليا للانتخابات فلايطعن على قراراتها، كل الامور فى الدولة تدار «بالعافية وبلى الذراع وهذا لايحدث فى اى دولة فى العالم. فيما يؤكد المستشار نور الدين فرحات الفقيه الدستورى أن هذه المادة تخالف مبادئ القانون وتبطل الدستور بأكمله، لأنها تشترط لاقرار الدستور الجديد موافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء مما يعنى بطلانه إذا جرت الموافقة عليه بأغلبية قليلة. ويضيف فرحات قائلا إن هناك مبدأ قانونيا بأن النصوص لا تسرى إلا من تاريخ نفاذها أما قبل ذلك فتكون مجرد مشروع، وليست نصا نافذا ولا تسرى إلا على الوقائع اللاحقة على نفاذها، وأشار إلى أن المادة 225 من مشروع الدستور تحدد النسبة التى يكون بها الدستور نافذا وحددت أغلبية لذا فهى تخالف المبادئ القانونية العامة لأنه لا يجوز لمادة دستورية لم تدخل حيز النفاذ بعد أن تنظم واقعة متزامنة مع نفاذها فى حين أنه لا يعمل بالنصوص إلا بعد نفاذها، بمعنى أن الموافقين على الدستور ليس من حقهم مسبقا تحديد نسبة الموافقة، والمادة المعمول بها هى المادة 60 من الإعلان الدستورى التى تنص على أن الدستور يعتبر نافذا من تاريخ موافقة الشعب عليه والمدلول القانونى لكلمة الشعب هو المقيدون فى جداول الانتخابات ويصل عددهم الى 51 مليون مواطن، والتفسير الصحيح لهذه المادة 60 أن الجمعية الانتخابية تعتبر صحيحة على مستوى الجمهورية بحضور ما يزيد على نصف عدد المقيدين أى 26 مليون مواطن ولا يعتبر الدستور نافذا إلا بموافقتهم والقول بغير ذلك ينتهى لبطلان الاستفتاء، وعن المادة 225 اشار أن أى عدد ولو مليون مواطن سيقر الدستور سيجعلون الدستور نافذا على 85 مليونا، وهذا لا يقبله عقل، ممايعتبر معه المادة 225 تبطل الدستور بأكلمه. ويرى عصام الاسلامبولى الفقيه القانونى أن الدعوة للاستفتاء يجب أن تشمل على نصاب للحضور للادلاء بالاستفتاء وتنص على 50 % + 1 مما لهم حق التصويت، وبعد الانتهاء من الدستور يجب أن يطرح للحوار المجتمعى لمدة شهرين أو ثلاثة شهور، ولكن غياب دولة القانون والنظام هو مايضعنا دائما فى تلك الحيرة والتخبط الذى نعيشه، فلايعقل أن يسلق الدستور فى منتصف الليل، وان يطرح للاستفتاء بسرعة، وان تحاصر المحكمة الدستورية فلاتستطيع أن تصدر احكامها، والطعن على تلك الاجراءات سهل لانها اجراءات معيبة دستوريا، ومن وضعوا هذا الدستور تغافلوا عن عمد حيث إن لمعظمهم مصالح معينة فمنهم من عين وزيرا ومحافظا ورؤساء مجالس ادارات، وآخرين يبحثون عن «الحسنة» الجديدة مثل مجلس الشورى، ومجالس المحافظات ومجالس حقوق الانسان، ومن هذا فهم يعتمدون على دستور باطل من حيث المبدأ، فبعيدا عن كم القضايا المرفوعة على التأسيسية التى وضعت الدستور وبطلانها، فإن الدستور بهذا يعد باطلا ايضا قبل أن يولد. فيما يشير المستشار أمير رمزى أن الإعلان الدستورى الذى اصدره المجلس العسكرى، هو الذى يحدد علاقة الرئيس بمؤسسات الدولة لحين اقرار الدستور الجديد والذى يقضى بالغاء الاعلانات الدستورية فور التصويت عليه، والمادة 60 تشير صراحة إلى أن موافقة الشعب هى الاساس لاقرار ذلك الدستور، وجرى العرف الدستورى على أن النتيجة باغلبية ال50 % + 1 من نسبة المصوتين، لكن هذا العرف لايكون ذا فائدة طالما وجد نص دستورى قائم وهو مايذهب إلى أن هذه النسبة تكون من المقيدين فى الجداول، وهذا يؤدى بنا إلى أن الدستور لايوجد توافق عليه من القوى السياسية وهو ما أثر على نسبة الحضور التى قدرها الكثيرون بأنها لن تتجاوز ال30 % من المقيدين اى انها لن تنال النصاب القانونى مما يهدد عمليه التصويت بأكملها، ووجود المادة 225 فى الدستور لاتعنى أن يحتسب التصويت على الحاضرين ولكنها يعمل بها لاحقا لا أن يعمل بها على الدستور الحالى. نشر بتاريخ 24/12/2012 العدد 628