البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتفقد سير العمل بالوحدات المحلية خلال إجازة العيد    لليوم الثاني على التوالي.. تواصل عمليات ذبح أضاحي الأوقاف بإشراف بيطري متخصص    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    رئيس البرلمان الروسي يحذر من تصاعد التوتر مع ألمانيا    توافق مصري -قبرصى على ضرورة استمرار التنسيق للحد من التوترات في المنطقة    اتحاد الكرة يقرر فتح باب القيد للموسم الجديد.. الأربعاء المقبل    محافظ الدقهلية يتابع الحملات التموينية خلال عطلة العيد...وضبط 156 شيكارة دقيق بلدي وتحرير 311 مخالفة    الإسكندرية تستعد لصيف 2025 بدورات متقدمة لمنقذي الشواطئ    الثلاثاء.. قصور الثقافة تطلق 12 عرضا مسرحيا بإقليم جنوب الصعيد    وكيل صحة أسيوط يتفقد سير العمل بالمستشفيات والمركز الإقليمي لنقل الدم خلال إجازة عيد الأضحى    بعد أكل لحمة العيد.. 7 نصائح للوقاية من النقرس    متابعة للمستشفيات ضمن خطة التأمين الطبي بعيد الأضحى بشمال سيناء    عميد طب كفر الشيخ يتفقد أداء المستشفيات الجامعية خلال إجازة العيد    الزمالك يستعد للثورة.. موسم جديد بأبطال جدد وأحلام متجددة    لليوم الثانى على التوالى.. تواصل عمليات ذبح أضاحى الأوقاف بإشراف بيطرى متخصص    بعد رحيل زيزو.. من هو أغلى لاعب حاليا في الزمالك؟    كهربا يدخل حسابات حلمي طولان للمشاركة في كأس العرب    في لفتة إنسانية كريمة، الرئيس السيسي يطمئن على أحد الأئمة الحضور بخطبة عيد الأضحى (فيديو)    شعبة الدواجن: هبوط أسعار الفراخ البيضاء بنسبة 25%    خطوات الاستعلام عن نتيجة الصف الثالث الإعدادي الأزهري 2025 برقم الجلوس والاسم    الداخلية ترسم البهجة فى العيد.. رعاية شاملة للأيتام فى مشهد إنسانى مؤثر.. احتفالات وعروض وإنقاذ نهرى.. اشترت ملابس العيد وقدمت الهدايا للأطفال.. وتنفذ برامج المسئولية المجتمعية لتعزيز قيم الانتماء الوطنى.. صور    الداخلية تواصل التيسير على الراغبين فى الحصول على خدمات الإدارة العامة للجوازات والهجرة    قاوم اللصوص فطعنه أحدهم.. تفاصيل مقتل موظف أمن في 15 مايو    الكويت ترحب بقرار منظمة العمل الدولية منح فلسطين صفة "دولة مراقب"    مها الصغير: كان نفسي عبدالحليم حافظ يحبني ويغنيلي (فيديو)    إعلام فلسطينى: 34 شهيدا فى غارات إسرائيلية على عدة مناطق بغزة منذ فجر اليوم    د.عصام الروبي يوضح معنى" الكوثر ومن هو الشانئ وما معنى الأبتر"    إذاعة الجيش الإسرائيلي: العثور على جثة يُرجح أنها تعود للمسؤول العسكري البارز في حماس محمد السنوار جنوبي غزة    شهباز شريف: باكستان تسعى دائما إلى الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة    (يونهاب): عودة الاتصال بالإنترنت في كوريا الشمالية بعد انقطاع طويل مجهول السبب    النقل: تعاون مع المرور لإقرار مخالفة للمركبات التي تسير داخل حارة الأتوبيس الترددي    صحة الأقصر تعلن انتشار الفرق الطبية بمختلف الإدارات الصحية فى عيد الأضحى.. صور    لليوم الثاني.. 39 مجزر يستقبل الأضاحي في مراكز المنيا    آخر تطورات الحالة الصحية لنجل الفنان تامر حسني    زلزال يضرب إيران بقوة 4.3 على مقياس ريختر    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    خالد الغندور: 14 لاعبا سيرحلون عن الزمالك    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    وزير الري يتابع الموقف المائي خلال إجازة عيد الأضحى    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    إنفوجراف| بورصة الذهب تختتم تعاملاتها على مكاسب أسبوعية 21 دولارا    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاغتنام رمضان عليك بهذة النصائح
نشر في صوت الأمة يوم 16 - 06 - 2015

الصَّوْم مِن أقوى العبادات على تهذيبِ النفوس، والسُّموِّ بالأرواح؛ إذ فيه إعدادٌ للنفوس، وتهيئة لها على تقْوَى الله ومراقبته.
وفي الصَّوْم تربية على قوَّة الإرادة، وكبْح جِماح الشهوات، وأنانية النفوس؛ ليقوى صاحبُها على ترْك ما يضرُّه مِن مألوفاتِه أكْلاً وشربًا، أو متاعًا.
والصَّوْم يُنمِّي في النفوس رعايةَ الأمانة والإخلاص في العمَل، وألاَّ يُراعي فيه غيرَ وجه الله دون مداهنة أو مُجامَلة.
والصَّوْم يُمثِّل ضربًا مِن ضروب الصَّبْر، الذي هو الثبات في القِيام بالواجب في كلِّ شأن من شؤون الحياة.
ثم إنَّ للصوم أسرارًا يحسُن العِلم بها، وتتبيَّن هذه الأسرار من خلال مراتبِ الصوم الثلاث، وهي صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص.
فصوم العموم: هو كفُّ البطن والفَرْج عن قضاء الشَّهْوة.
وصَوْم الخُصُوص: يعني كفَّ النظر واللِّسان، واليد والرِّجْل، والسمع والبصر، وسائر الجوارح عن الآثام.
وصوْم خصوص الخصوص: فهو صوْم القلْب عن الهِمم الدَّنيئة.
الصوم تربيةٌ لرُوح المسلِم وأخلاقه، حتى يشعرَ الغنيُّ بحاجة الفقراء والجوْعَى، فيزداد إيمانه بالله، ويقينه بضرورة أداء حقِّ الفقراء في أمواله، بل ويَزيد على ذلك الحق عندما يشعُر بألَمِ الجوع والعطش.
ومِن الأسف أنِ استسلم بعض الناس لبعضِ العادات السيِّئة الدخيلة على شهْر رمضان، والتي تتمثَّل في طريقة الإنفاق الاستهلاكي، وهي ليستْ مِن الإسلام، فعندما يأتي شهْر رمضان، نرى أنَّ أغلبيةً من المسلِمين يرصُدون ميزانيةً أُسريَّة أكبرَ بكثير، إن لم تكن ضِعْف الميزانية في الأشْهُر العادية، وتبدأ بمضاعَفة استهلاكها، ويكون النَّهار صومًا وكسَلاً، واللَّيْل طعامًا واستهلاكًا غير عادي!
إنَّ الطعام الزائد في اللَّيْل وبإفراط، يؤدِّي إلى فقدان الكثيرِ من تلك الفوائد، بل قد ينعكِس ذلك بشكل سلْبي على صحَّة الإنسان، فإذا أكَل كثيرًا في اللَّيْل أصبح كسلانَ؛ بسبب تخمُّر الطعام في جهازِه الهضمي.
والنَّصيحة التي يُمكِن أن نوجِّهها إلى المسلمين، هي عدمُ التفريط وعدم الإفْراط في تناول الطَّعام في ليالي رمَضان، والْتزام الوسطيَّة والاعتدال؛ ذلك أنَّ أحَد أسباب الكارِثة التي حلَّت بنا اليوم هي البطَر، والإفراط في الاستهلاك والتبذير، والبُعد عن الدِّين والقِيم.
قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.. [النحل : 112]، وكلُّنا يعلم قصة قارون، كما وردتْ في القرآن الكريم [القصص : 76 - 83]، وفرعون وغيرهما مِنَ الذين جَحَدُوا نِعم الله.
فالإسراف والتبذير في الاستهلاك يُعتبَر سوءَ استخدام للموارد الاقتصادية والسِّلع، التي أنعم الله بها على العِباد؛ لينتفعوا بها، وهو عملٌ يذمُّه الإسلام ذمًّا كبيرًا، حيث وصَف الله المسرفين والمبذِّرين بأنهم إخوان الشياطين؛ لِمَا لهذا العمل من آثارٍ سيِّئة لا تقْتصر على صاحِبها الذي مارَس الإسْرافَ، بل تمتدُّ لتشملَ المجتمع والعالَم.
إنَّ للصَّوْم أبعادًا اقتصاديَّة عظيمة، منها ما يُدركها العقلُ البشري، كأثَرِه على صحَّة الإنسان مثلاً، الثروة البشريَّة، ومنها ما لا يستطيع العقلُ البشري إدراكه، فطُوبَى لِمَن اقتدى في صيامه وقيامه بمحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم.
إنَّ مِن واجب المسلِم أن يعملَ على توفيرِ ما تقوم به الحياةُ من مأكْل ومشْرَب، وملبس ومسكن... إلخ، من الضروريات؛ لصيانة دِينه ونفسِه ونَسْله، ولحِفْظ عقله وماله، كما يفترض في المسلِم أن يتجنَّب النزعة الاستهلاكية قدْرَ الإمكان، وإنْ كان هذا يختلف مِن شخص لآخَرَ، بحسب يسارِه المادِّي، وبقَدْر زُهْده في الدنيا ومباهجها، إلاَّ أنَّ هناك حدودًا لذلك على كل حال، يَنبغي مراعاتها.
إنَّ الإنسان أهمُّ بكثيرٍ من أي نموذج أو نظرية أو تفسير، هذا ما اكتشَفه علماء الاقتصاد أخيرًا، فالإنسانُ هو الذي يقرِّر مستوى رفاهِه، ودرجة ثرائه، وكل الأمر متوقِّف على قراره وسلوكه، فبإمكانه - إنْ أراد - أن يكونَ معتدلَ الاستهلاك، فيُصبح حجْم الوفْر لديه بما يُمكِّنه أن يصبح ثريًّا، وبإمكانه - إنْ كان نهمَ الاستهلاك كما هو حالُ الفرْد في أغلب المجتمع الغربي - أن يأكلَ ثروته.
وبعد أنْ كان علماءُ الاقتصاد مُصرِّين على أنَّ الدولة وسياساتها هي العنصرُ الأهمُّ في العملية الإنتاجيَّة، عادوا ليقرِّروا أنَّ المستهلِك والمنتج هم أسيادُ اللُّعْبة.
فيومَ يُربِّي المجتمع عاداتِ الاستهلاك، ويُهذِّبها ويوجِّهها، فإنَّ عملية ترشيد واسعة ستؤدِّي إلى انتفاع هذا المجتمع بخيراته على أكملِ وجه.
وهكذا فمِفْتاح حلِّ الأزمات الحقيقي إنَّما يكمُن في التربية الاستهلاكية، وهو مفهومٌ حديث نسبيًّا على المجتمعات الغربيَّة، التي جعلتْ من الحريَّة المطلقَة بلا ضوابط إلِهًا يُعبَد من دون الله، فلقد كان هناك مَن يعتبر هذا النمطَ مِن التربية اعتداءً غير مبرَّر على حق المستهلِك في أن يستهلك ما يشاء، وقتَما يشاء وكيفَما يشاء، ولكن اكتشف العديدُ من المجتمعات أنَّ تدليل المستهلك إلى هذا الحدِّ باهظ الثمن، وأنَّها إذا استطاعتْ أن تلبيه اليوم، فقد لا تستطيع ذلك في الغَدِ.
ولذلك عادتْ مفردات التدبير والتوفير، وحُسْن التصرُّف في المال، تشقُّ طريقها إلى الدِّراساتِ الاقتصادية الحديثة.
ووجَدْنا من الاقتصاديِّين مَنْ يقول: لقد تحدَّثْنا كثيرًا عن قوانين الاقتصاد، ورسمْنا المزيد من المنحنيات والمعادلات، ولكنَّنا نَسِينا المتغير الأكبر، الذي يقرِّر صلاحيةَ أو عدمَ صلاحية كلِّ ما تحدثْنا عنه، وتوقعْناه وهو الإنسان.
إنَّ رمضان هو محاولةٌ لصياغة نمطٍ استهلاكي رشيد، وعملية تدريب مكثَّفة، تستغرِق شهرًا واحدًا، تُفهم الإنسانَ أنَّ بإمكانه أن يعيش بإلْغاء الاستهلاك؛ استهلاك بعض المفردات في حياته اليومية، ولساعات طويلة كلَّ يوم، إنَّه محاولةٌ تربوية لكسْر (النَّهم الاستهلاكي الذي أجمَع علماءُ النفْس المعاصرون أنَّه حالةٌ مَرضيَّة، وأنَّ مجال علاجه في عِلم النفس، وليس في علم الاقتصاد)، وإنْ كان يصيب بتأثيراته أوضاعَ الاقتصاد وأحواله.
إنَّ رمضان مناسبةٌ للمسلمِين؛ ليتذكَّروا بأنَّ الجسَد والعقل يعملان بكفاءةٍ تامَّة خلالَ ساعات الصيام، وأنَّ إمكان تحمُّلِ الجوع والعطَش لفترات طويلة، والبقاء في حالةٍ ذِهنية أكثر صفاءً، وحالة جسديَّة، أكثر انتعاشًا وخِفَّة.
وهذا الاكتشاف الذي يتكرَّر مع كلِّ قدوم للشَّهْر المبارك هو الخلاص مِن الوقوع في الدَّيَّانة الاستهلاكية، التي أصيبتْ بها بعضُ المجتمعات، والتي أصبح فيها (السّوبر ماركت) هو مكان عبادتها الجديد، على حدِّ تعبير الدكتور جمال حمدان في مؤلفه "مصر - دراسة في عبقرية المكان".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.