سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فارسين شاهين وزيرة الدولة الفلسطينية لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين ل"صوت الأمة": دور مصر تاريخي ولا غنى عنه ونعتز بوقفتها الكبيرة مع الشعب الفلسطيني في محنته وفخورون بالمساندة العربي
* غزة تعرضت لجريمة حرب متكاملة الأركان.. ودعوات التهجير هدفها إلهاء العالم عن جرائم الإبادة الجماعية * تحويل القطاع إلى "ريفيرا الشرق الأوسط" مشروط ببقاء شعبنا على أرضه.. ولدينا خطة للإغاثة والإنعاش
* نتنياهو يحاول بتصريحاته ومواقفه الاستفزازية إطالة أمد بقائه في الحكم على حساب الحل السياسي.. والصراع في فلسطين معركة من أجل البقاء والكرامة
بعد الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي الذي استمر ما يقارب ال 15 شهرا، تبرز تساؤلات جوهرية حول مستقبل القطاع، وإمكانية إعادة إعماره، والتحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني في ظل التهديدات المستمرة والمخططات التي تسعى إلى تغيير الواقع على الأرض.
في هذا السياق، تكتسب الدبلوماسية الفلسطينية أهمية كبرى في الدفاع عن الحقوق الوطنية ومواجهة الضغوط الدولية. الوزيرة الدكتورة فارسين شاهين، وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيين، تقدم لنا رؤيتها حول المرحلة المقبلة، بدءًا من جهود الإغاثة العاجلة في غزة، وصولًا إلى مستقبل الحل السياسي، والموقف الفلسطيني من التصريحات الأمريكية والمخططات الإسرائيلية التي تهدد بتهجير الفلسطينيين من أرضهم، ونظرتها للموقف العربي والمصري الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني في نيل استقلاله.
ما هي الخيارات المتاحة أمام الفلسطينيين لمواجهة الضغوط والتحديات المتزايدة؟ وكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا أكثر فاعلية في حماية حقوق الفلسطينيين ودعم إعادة إعمار غزة؟ هذه الأسئلة وغيرها نطرحها في هذا الحوار المهم مع الوزيرة الفلسطينية، في محاولة لاستكشاف ملامح المرحلة المقبلة للقضية الفلسطينية. وإلى نص الحوار.
بداية، كيف تصفين الوضع الحالي في قطاع غزة بعد الدمار الكبير الذي لحق به؟
ما جرى في قطاع غزة جريمة حرب متكاملة الأركان وإخفاق للإنسانية ولمبادئ القانون الدولي، حيث تعرض شعبنا الفلسطيني لأبشع أشكال حرب الإبادة والتهجير في غزة، في محاولة لتحويله إلى مكان غير قابل للحياة، استخدمت فيها إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، الجوع كسلاح حرب، حيث شهد القطاع تجويعا متعمدا وممنهجا وواسع النطاق، ليس بسبب شح المساعدات، بل نتيجة منع دخولها وإعاقة عمل المنظمات والطواقم الإنساني، وتفاقم معاناة المواطنين نتيجة النقص الحاد في المواد الأساسية والمستلزمات الطبية، وفرض النزوح القسري على شعبنا، حيث واصلت دولة الاحتلال فرض أجندتها العسكرية على المنطقة والعالم بديلاً للحلول السياسية والدبلوماسية باعتبارها السبيل الوحيد لوقف حرب الإبادة، ووضع الاحتلال المزيد من العراقيل أمام تلك الحلول السياسية لجعل الحديث عنها غير واقعي، من خلال مواصلة تخريب ورفض الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لوقف الحرب والداعية لحل جوهر الصراع متمثلاً في القضية الفلسطينية.
واليوم نواجه 3 تحديات رئيسية فيما يتعلق بالجانب الإغاثي في قطاع غزة، الأول هو نوعية المساعدات المقدمة ومناسبتها للاحتياجات الطارئة، أما الثاني فهي آلية إدخال المساعدات وكميتها، فيما التحدي الثالث في آلية توزيع المساعدات بشكل يلبي الاحتياجات الطارئة في كافة أرجاء القطاع، ونبذل كافة الجهود من أجل استعادة الخدمات الأساسية في قطاع غزة، المتمثلة بالكهرباء والمياه والتعليم والصحة، والتي لم تنقطع الحكومة عن تقديمها لأهلنا في القطاع ما قبل العدوان، لتخفيف معاناتهم، وتعزيز صمودهم حتى انتهاء العدوان وبدء عملية الإعمار.
ما هي خطة الحكومة الفلسطينية تجاه مستقبل قطاع غزة في الفترة المقبلة؟
بدأت الحكومة الفلسطينية بالفعل خطوات عملية في الإغاثة والتحضير لإعادة الإعمار من خلال "غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في المحافظات الجنوبية"، لإغاثة شعبنا المنكوب نتيجة حرب الإبادة والتهجير المستمرة منذ أكثر من 15 شهراً.
وتعمل الحكومة الفلسطينية من خلال خطة الإغاثة والانعاش المبكر والاستجابة الطارئة لقطاع غزة التي أعدتها لمواجهة الوضع الطارئ، وتركز على الاستجابة الطارئة في غزة خلال الستة أشهر الأولى لوقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا وأرضنا، كما تم التركيز على رفع مستوى التنسيق مع المؤسسات الإغاثية الدولية من أجل الإسراع في إدخال المساعدات الإغاثية، ووصولها بالشكل الكافي لأبناء شعبنا، وإزالة الركام عن الطرق الرئيسية، والمؤسسات الرئيسية كالمستشفيات وغيرها، وتقديم ما أمكن من الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء واتصالات، وصرف صحي للتجمعات السكانية، والايواء المؤقت للمواطنين الذي دمرت منازلهم، وتمكين الأطفال من إكمال تعليمهم.
وخطة الحكومة تمت بالتنسيق مع الجهات الأممية والدولية ذات العلاقة، لضمان أكبر دعم دولي لتنفيذ هذه الخطة، في ظل الدمار الكبير الذي خلفه العدوان الإسرائيلي، والتدمير الممنهج الذي انتهجته قوات الاحتلال في قطاع غزة.
كيف ترى الدعوات الإسرائيلية المتعددة حول التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة؟ وكيف يمكن أن تتعاملون مع الضغط الأمريكي لتنفيذ هذه التحركات؟ التهجير مرفوض وغير موجود في القاموس الفلسطيني، وبدلا من الحديث عن التهجير يجب العمل بشكل عاجل على تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية لشعبنا المنكوب في قطاع غزة. وهدف دعوات التهجير إلهاء العالم عن الإبادة الجماعية في غزة وجرائم الاحتلال والمستوطينين في الضفة ومحاولات ضمها. كما أن الترويج الإسرائيلي للتهجير يعكس غياب شريك السلام الإسرائيلي، ويؤدي إلى المزيد من دوامة العنف والحروب، بل وقد تفتح قضية التهجير جبهات أخرى وتوسع دائرة الحرب. يحاول نتنياهو بتصريحاته ومواقفه الاستفزازية إطالة أمد بقائه في الحكم على حساب الحل السياسي للصراع وأمن واستقرار المنطقة.
والمطلوب تفعيل مجلس الأمن الدولي وتحريره من الفيتو الأمريكي حتى يتحمل مسؤولياته القانونية في إنهاء الاحتلال وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
أدعى ترامب في إحدى تصريحاته "أنه سيمتلك غزة وسيحولها إلى "ريفيرا الشرق الأوسط".. فما وصفكم وردكم على هذه التصريحات؟ يمكن إعادة إعمار قطاع غزة وتحويله إلى "ريفيرا" ولكن مع بقاء شعبنا فيه، ونحن عبرنا عن تخوفاتنا من إقدام حكومة الاحتلال باستغلال ما طرحه الرئيس ترامب بتنفيذه بقوة الاحتلال.
ونثمن عالياً مواقف الدول التي رفضت دعوات التهجير والضم، ونحذر من مخاطرها وتداعياتها الكارثية على ساحة الصراع ودول المنطقة والعالم، والتي أكدت على تمسكها بحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة وفي مقدمتها تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدسالشرقية تطبيقاً لمبدأ حل الدولتين. كما نطالب الدول التي لم تصدر موقفها من تلك الدعوات أن تبادر للإعلان عن مواقف رافضة للتهجير والضم، بما ينسجم مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وكيف تنظرون إلى الموقف المصري والعربي الرافض لمخططات التهجير بأي شكل من الأشكال؟
فخورون بالموقف العربي الرافض للتهجير، ونعرب عن بالغ تقديرنا لموقف مصر الشقيقة الرافض لتهجير شعبنا من غزة، ورفض الظلم على الشعب الفلسطيني، وكذلك موقف مصر التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية في المحافل كافة، وصولا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، ونيل شعبنا حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير. نؤكد اعتزازنا بعمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين والشعبين، والوقفة الكبيرة التي تقفها مصر، رئيسا وحكومة وشعبا مع الشعب الفلسطيني في محنته وبخاصة تواصل تدفق المساعدات الإنسانية، والحرص على إرسال وسائل الايواء ومعدات ازالة الركام واعادة الاعمار.
كيف تنظرون إلى مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
نطالب الادارة الامريكية والوسطاء بمواصلة الجهود لدعم المساعي لتثبيت وقف إطلاق النار واستدامته، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، وتولي الحكومة الفلسطينية مهامها في قطاع غزة، والتركيز على تحقيق السلام وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967. ونجدد التأكيد على أن تحقيق السلام والاستقرار لن يتم إلا من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
ونثمن عاليا الجهود التي بذلها الاشقاء في مصر وقطر طيلة الفترة الماضية، لتحقيق الاتفاق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولا ننسى الجهود التي بذلتها السعودية والأردن.
من وجهة نظركم، كيف يمكن إعادة إحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين؟
حل الدولتين هو الحل الوحيد الذي يحظى بإجماع دولي ومطروح على الطاولة، وبات واضحاً أن الحكومة الإسرائيلية تختلق المبررات والذرائع لاستمرار العنف لإفشال أية فرصة لتطبيق الإجماع الدولي الحاصل على حل الدولتين.
ترفض إسرائيل علنا حل الدولتين وجميع قرارات الشرعية الدولية وتستخف بالإجماع الدولي وتقوم على الأرض بتقويض أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية ولا تطرح أية بدائل منطقية لحل الدولتين، بل تتبنى الخيار العسكري في التعامل مع قضية الشعب الفلسطيني.
من جانبنا نواصل العمل وتنسيق الجهود مع كافة الدول العربية الشقيقة لاعتماد رؤية السلام العربية في القمة العربية الطارئة القادمة التي ستعقد في القاهرة، ومن خلال الجهود المبذولة في التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين والحصول على المزيد من الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، وعقد المؤتمر الدولي للسلام منتصف هذا العام، برئاسة مشتركة من المملكة العربية السعودية وفرنسا.
هناك مؤتمر مرتقب في مصر بالتعاون مع الأممالمتحدة لدعم إعادة إعمار قطاع غزة، كيف تنظرون إلى هذا المؤتمر؟
التنسيق الفلسطيني المصري متواصل وعلى أعلى المستويات، وهناك شراكة حقيقية بين البلدين الشقيقين بما يؤدي لسرعة إطلاق خطة الاعمار الكبرى وتوفير مقومات صمود وبقاء شعبنا في ارض وطنه.
في ظل التحديات التي يواجهها الفلسطينيون، كيف يمكن ضمان عدم تكرار سيناريو الدمار مستقبلاً؟
تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدسالشرقية، ونيل شعبنا الفلسطيني لحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، بما فيها حقه في العودة وفقاً للقرار (194)، ومبادرة السلام العربية، هو المدخل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، والأولوية الآن هي استدامة وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات وانسحاب قوات الاحتلال بالكامل من قطاع غزة، وتولي الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية مسؤولياتها كاملة على القطاع، ووقف جميع الأعمال الأحادية ووقف الاستيطان ومحاولات ضم الارض الفلسطينية في الضفة .
ونؤكد مجدداً أن القضية الفلسطينية هي قضية عادلة، وغياب العدالة والمساءلة طوال العقود الماضية شجع الاحتلال على ارتكاب أبشع الجرائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني، المطلوب فرض عقوبات دولية رادعة على دولة الاحتلال لإجبارها على وقف عدوانها والاعتراف بحقوق شعبنا. آن الأوان أن يقوم المجتمع الدولي بحماية منظومة العدالة الدولية من خلال المساءلة والمحاسبة والكف عن اعتبار إسرائيل دولة فوق القانون.
نحيي صمود وتضحيات أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجدهم خاصة في قطاع غزة والمخيمات التي هي من أولوياتنا الوطنية وتحدي المقدسيين للإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية، ويجب علينا أن نتكاتف ونتوحد كشعب فلسطيني تحت قيادتنا الشرعية وفق برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وإدارة شؤوننا بعناية وعدم السماح بحرف بوصلتنا وأهدافنا الوطنية حتى نصل بر الأمان بالرغم مما يتعرض له شعبنا في كل أنحاء فلسطين، لكن بصبر شعبنا سنتجاوز هذه التحديات.
والمطلوب من المجتمع الدولي وأكثر من أي وقت مضى وقف سياسة الكيل بمكيالين، والخروج من دائرة التعامل التقليدي غير المؤثر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وانتهاكات وجرائم الاحتلال والمستوطنين، والتحلي بالشجاعة والجرأة من خلال تنفيذ قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة وفرض العقوبات على دولة الاحتلال، واعتماد آليات ملزمة لإنهاء الاحتلال وتنفيذ حل الدولتين.