ورغم مضى 9 سنوات على «القرار المؤامرة» الذى أصدره د.محمود أبوالعيون المرشح المحتمل لرئاسة حكومة الدكتور محمد مرسى لم يكشف النقاب بعد عن أسرار تلك العملية، ولا المتورطين فيها والتى هى من حيث الفساد والنهب العام لثروات مصر، أخطر مائة مرة من جريمة التلاعب فى البورصة التى يحاكم عليها اللصان جمال وعلاء مبارك حاليا! الجريمة التى هزت الاقتصاد واشعلت الأسعار وخفضت الدخول واصابت الاقتصاد المصرى بالكساد والتدهور والهزال، كان أهم أطرافها د.محمود أبوالعيون محافظ البنك المركزى آنذاك والذى تلقى أوامر جمال مبارك وقام بتنفيذها وارتكاب الجريمة دون اعتراض! كان سعر الدولار وقتها 3.70 وارتفع إلى 5.35 مقابل الجنيه المصرى. لغز تعويم الجنيه المصرى والعصابة التى شاركت فيها واستفادت منه على حساب الاقتصاد المصرى يجب أن يكون مطروحا أمام النائب العام من الذين اقترضوا أموالا ضخمة من البنوك، واشتروا بها دولارات قبيل أيام من صدور قرار التعويم ومن الذين جمدوا دولاراتهم لعدة أيام إلى حين صدور القرار ومن الذين علموا بالقرار قبل صدوره! وبالقطع لم يكن تسريب خبر تعويم الجنيه مجانيا فالمؤكد أن نجلى الرئيس الفاسد عقدا صفقات مع الذين تلقوا الخبر وحصلوا على نصيبهم من المليارات المسروقة. وحسب مصادر قريبة من مسرح الأحداث وقت صدور قرار التعويم، فإن رئيس وزراء مصر آنذاك- د.عاطف عبيد- ومحافظ البنك المركزى السابق محمود أبوالعيون لم يكن لديهما علم بالقرار قبل صدوره بساعات حتى مساء يوم الثلاثاء 28 يناير 2003، وقالت المصادر التى طلبت عدم ذكر اسمها إن جمال مبارك هو الذى أبلغ رئيس الوزراء بالقرار ثم ابلغ ابوالعيون بالقرار من عاطف عبيد، الذى قال له: يا «محمود إحنا قررنا تعويم الجنيه». وأكدت المصادر أن «أبوالعيون» فوجئ بالقرار وحاول أن يعلق على ما قاله عبيد وقال له «بس حضرتك القرار عايز دراسة»، ولكنه فوجئ باتصال تليفونى من جمال مبارك يأمرة بتنفيذ الأمر قائلا له «الحزب درس الموضوع بدقة - إحنا بندرسه من شهور - ومجهزين خطة كاملة لمواجهة أى آثار جانبية والدراسات اللى عملناها أكدت أن الآثار دى هتكون وقتية وهتتلاشى بعد فترة بسيطة وبعدها هنرتاح من مشاكل كتير». لينصاع أبوالعيون محافظ البنك المركزى وهو الأدرى بخطورة هذا القرار الذى سبق ان حاول جمال مبارك ان يتخذه فى عهد حكومة الجنزورى الاولى وكان ابوالعيون حاضرا ايضا الا ان قوة شخصية الجنزورى حالت دون صدوره.. وأضافت المصادر أن محمود ابوالعيون رئيس البنك المركزى السابق استجاب تماماً لكلام جمال مبارك واكد له ان رئيس مجلس الوزراء عاطف عبيد سيعلن قرار تعويم الجنيه فى مؤتمر الإيكونوميست، وقال له جمال: «قرار زى ده حساس ولازم يُعلن بسرعة وأنسب وقت يعلن فى مؤتمر اليورمنى الذى ترعاه مجلة الإيكونوميست». وبالفعل أعلن رئيس الوزراء عاطف عبيد القرار فى جلسة مغلقة لم يحضرها الصحفيون وقال: «اعتبارا من غد الأربعاء ستكون هناك سوق حرة لصرف العملات الأجنبية» وساعتها عرف المصريون، ولأول مرة أن الجنيه المصرى سيبدأ مرحلة التعويم. إن أخطر ما فى هذا القرار أنه تسرب قبل صدوره بأيام إلى عدد محدود من رجال الاعمال وأصحاب المصالح والمسئولين فى الدولة وكانت النتيجة أن قام هؤلاء باقتراض مبالغ ضخمة قُدِّرت يومها بالمليارات من البنوك بلا ضمانات وباوامر مباشرة من ابوالعيون وقاموا بتحويلها إلى دولارات وبعد ان صدر قرار التعويم ارتفع سعر الدولار بنسبة اقتربت من 50 % فقاموا ببيع الدولارات بسعرها الجديد وقد حقق هؤلاء أرباحا خيالية فى بضعة ايام، ويستطيع النائب العام د. عبدالمجيد محمود أن يطلب هذه الملفات لكى يكتشف عمليات التلاعب التى تمت ما بين البنوك ورجال الأعمال ومجلس الوزراء. إذا كان قرار تعويم الجنيه قد حقق مكاسب كبيرة لعدد من الاشخاص ليس من الصعب معرفة أسمائهم فقد ترتبت عليه نتائج اقتصادية غاية فى السوء حيث ارتفع رصيد الديون المصرية.. كما ارتفعت قيمة الواردات.. وزادت قيمة خدمة الديون بالضرورة وارتفعت اسعار السلع المستوردة وكل هذه النتائج السيئة دفع الاقتصاد المصرى ثمنها مقابل بعض المكاسب التى حققها بعض الاشخاص وكان هذا هو اول نتائج الزواج الباطل بين السلطة ورجال الأعمال. وبالطبع حقق الذين عرفوا بهذا القرار قبل إعلانه ارباحا طائلة على وجه اليقين هناك 6 أشخاص علموا بالقرار قبل إعلانه بفترة ليست قصيرة أولهم بالطبع «جمال مبارك» الذى يعد الأب الروحى لقرار التعويم، ومعه شقيقه «علاء» والمجموعة الاقتصادية بالحزب الوطنى وكانت تضم د.يوسف بطرس غالى ومحمود محيى الدين وأحمد عز ووزير المالية آنذاك مدحت حسانين. وبالطبع كل واحد من هؤلاء الستة له شلته وأصدقاؤه المقربون جداً وعددهم لا يقل عن 30 شخصاً، بالإضافة إلى أصدقاء عاديين لا يقل عددهم عن 200 شخص، من المؤكد أن كل هؤلاء علموا بالقرار أو على الأقل الأصدقاء المقربين أى الثلاثين شخصاً المقربين جداً من الأشخاص الستة الذين عرفوا بالقرار قبل صدوره». وتشير مصادر رفيعة إلى ان من استفاد بهذا القرار هم ياسر الملوانى العضو المنتدب لشركة هيرمس للأوراق المالية وطارق عامر نائب رئيس بنك مصر وأحمد البردعى رئيس بنك القاهرة السابق. وحسب مصادر مصرفية فإن أكثر من استفادوا من ارتفاع سعر الدولار هم من كانوا يمتلكون مبالغ ضخمة بالدولار بحكم عملهم فى الاستيراد والتصدير وعلى رأسهم ياسين منصور شقيق وزير النقل السابق محمد منصور، وجلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات وأحمد الوكيل أحد كبار مصدرى الأرز، وخالد أبوإسماعيل رئيس اتحاد الغرف التجارية - آنذاك. وطبقاً لبيانات البنك المركزى فإن قيمة القروض بالعملة الأجنبية خلال العام الذى تم فيه تعويم الجنيه (2002/2003) زادت بمقدار 5.4 مليار دولار مقارنة بالعام السابق، (2001/ 2002) فزادت القروض الأجنبية الممنوحة للقطاع الخاص العامل بقطاع الصناعة بما قيمته 5 مليارات جنيه عام 2002 ليصل إلي.9 مليار جنيه عام 2002 / 2003، كما ارتفعت القروض الممنوحة لرجال التجارة من 2.9 مليار جنيه إلى 6.11 مليار جنيه ولرجال الأعمال العاملين بقطاع الخدمات من 5.61 مليار جنيه إلى 7 مليارات جنيه بينما ارتفعت القروض العائلية من 7.2 مليار جنيه إلى 9.2 مليار جنيه. وهكذا زادت القروض التى منحتها البنوك بالعملة الأجنبية بمقدار 61 ملياراً و200 مليون جنيه وهو ما يعادل 5.4 مليار دولار، وهذه المليارات حققت لمن حصل عليها أرباحاً تعادل 5.7 مليار جنيه بسبب زيادة سعر الدولار فى مساء يوم الثلاثاء 28 يناير 3002 من 3.5 قرشا إلى 535 قرشاً يوم الخميس 30 يناير 2003 أي بعد 24 ساعة فقط من تعويم الجنيه هذا المحتوى نشر بعدد 605 بتاريخ 16/7/2012