مصطفي حافظ ضابط المخابرات المصرية في قطاع غزة -والذي تم اغتياله بطرد ناسف أرسله إليه موشي ديان في يوليو 1956 - وعمره 36 عاما فقط، سنوات عمره القليلة تضمنت إنجازات قومية في مقدمتها تأسيس الحركة الفدائية الفلسطينية لمواجهة العصابات الصهيونية التي كانت تعمل لتهجير الفلسطينيين وإرهابهم وقتلهم ونتج عن تأسيس الحركة الفدائية هجمة شرسة علي «مصطفي حافظ» قادها جنرالات إسرائيل الذين طلبوه حيا أو ميتا وطاردوه حتي نجحوا في اغتياله. خطة محكمة وضعها موشي ديان لاصطياد حافظ أو «رجل الظل» كما كان يطلق عليه وقتها، فقط استخدموا أحد الأعراب يدعي «محمد» يعمل مع جهاز المخابرات المصري وأوهموه عن طريق عمه أن هناك اتصالا بين ضابط فلسطيني وبينهم وأن الصهاينة أرسلوا إليه طردا يحمل تعليماتهم إليه وتعمدوا أن يقع الطرد في يد «محمد» الشاب الوطني الذي هرول به إلي مصطفي حافظ وروي له تفاصيل ما سمعه عن الضابط الفلسطيني، كان حافظ يجلس وعلي مسافة منه ابنه محمد الذي خرج في نفس اللحظة التي فتح فيها والده الطرد الملغم فانفجر فيه واصابه إصابات بالغة فنقل إلي مستشفي تل الزهور بغزة ثم توفي بعد 12 ساعة وسرعان ما انتشرت بشوارع غزة لافتات الحداد والمطالبة بالثأر من الصهاينة. وكما يروي أحد أفراد الأسرة فقد اجتمعت كل نساء الفصائل الفلسطينية لمواساة «درية يوسف» أرملة الشهيد التي رافقتها بشكل مستمر «فتحية» زوجة مأمون الهضيبي الذي كان مستشارا بأحد محاكم فلسطين ومرشد الإخوان المسلمين فيما بعد. وفي اليوم التالي لوفاة حافظ ودفنه في جنازة رسمية مهيبة تقدمها رموز الدولة توجه الرئيس جمال عبدالناصر إلي منزله لتقديم العزاء الخاص إلي أسرته وأمام زوجته جلس عبدالناصر وقد دمعت عيناه ثم قال: «أقسم بالله لم أستطع النوم منذ وفاته لقد خسرت الأمة البطل مصطفي حافظ»، ثم طلب من الزوجة اللجوء إليه إذا احتاجت شيئا هي وأبناؤه الخمسة «سهير وناهد وهدي ومحمد ومي». سنوات عديدة وشاقة عاشتها زوجة الشهيد في تربية أبنائها ورعايتهم وتعليمهم مبادئ والدهم وقضيته التي استشهد من أجلها واستطاعت بعد جهد تعليمهم فوصلوا إلي درجات علمية ووظيفية مميزة فقد تخرجت سهير في كلية العلوم السياسية والاقتصادية بالجامعة الأمريكية ثم نالت درجة الماجستير من جامعة أوهايو وتعمل حاليا في جامعة الدول العربية، وتخرجت «هدي» في كلية الطب بينما «محمد» يشغل منصب سفير مصر في كينيا فيما نالت مي ليسانس إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أما الابنة التي أثارت جدلا واسعا - لم ينل بالطبع من مكانة والدها - فهي «ناهد» التي هاجرت لأمريكا في السبعينيات بعد حصولها علي ليسانس علم النفس من الجامعة الأمريكية وذلك لقيام ناهد التي يطلق عليها اسم «نوني» بكتابة مقالات صنفت علي أنها تحمل توجهات لصالح إسرائيل والدولة الصهيونية. «Iwant Peace» هي آخر جملة أطلقتها ناهد «نونا» في وجه أسرتها عام 2003م عبر مكالمة هاتفية عاصفة بعدها انقطع الاتصال بينها وبينهم تماما حتي أن والدة «نوني» توصي بعدم وضع اسمها بالنعي الخاص بها أو حضورها جنازتها إذا وافتها المنية لغضبها الشديد منها.