نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. الأرصاد تعلن موعد انكسار الموجة الحارة وأحمد مجاهد يرد على اتهامات كهربا ب«تزوير عقده»    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 25 إبريل 2024    الشعب جاب آخره، المنوفية تنضم اليوم لحملة مقاطعة الأسماك بعد ارتفاع أسعارها    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مدينة رام الله    رئيس موريتانيا يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية    شرطة لوس أنجلوس تعتقل عددا من طلاب جامعة جنوب كاليفورنيا المؤيدين لفلسطين    كلوب يعتذر لجماهير ليفربول وهذا ما قاله عن فرص الفوز بالدوري الإنجليزي    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    زوج بدرية طلبة لصدى البلد: ربيت بناتي على القديم..والفنانة: اديني في الشعبي    نقل الفنان الكويتي شعبان عباس إلى المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الرشفة ب3500 ريال وتصنيفاته ما بتخيبش، قصة شاب سعودي في مهنة تذوق القهوة    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بالمنيا.. صور    يحيى السنوار يشغل المتظاهرين أمام منزل نتنياهو.. ماذا حدث؟    طلاب مدرسة أمريكية يتهمون الإدارة بفرض رقابة على الأنشطة المؤيدة للفلسطينيين    تعديل موعد مباراة الزمالك وشبيبة سكيكدة الجزائري في بطولة أفريقيا لكرة اليد    توقعات ميتا المخيبة للآمال تضغط على سعر أسهمها    مستشار الأمن القومي الأمريكي: روسيا تطور قمرا صناعيا يحمل جهازا نوويا    بعد الصعود للمحترفين.. شمس المنصورة تشرق من جديد    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بالصاغة    صندوق التنمية الحضرية يعلن بيع 27 محلا تجاريا في مزاد علني    الليلة.. أدهم سليمان يُحيي حفل جديد بساقية الصاوي    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفتى: احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح أمر مشروع لا حرمة فيه
نشر في صوت الأمة يوم 31 - 12 - 2020

قال الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم-: "إن قضية الرسل تحتاج إلى مذاكرة وتحتاج إلى دراية وتحتاج إلى تبصر في واقع الأمر؛ تبصر في واقع التاريخ الإنساني؛ فسيدنا آدم عليه السلام لما نزل إلى الأرض جسَّد كل معاني الإنسانية منذ هذه اللحظة إلى قيام الساعة جسَّدها في قضية الطاعة لله عز وجل".

وشدد مفتي الجمهورية على أن الفتاوى التي تحرم تهنئة إخوتنا المسيحيين بميلاد السيد المسيح عليه السلام هي فتاوى قد عفَّاها الزمان ويجب ألا نلتفت إليها ونرفضها، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف يسيران على منهجية واحدة في أن تهنئة إخوتنا المسيحيين بميلاد السيد المسيح هو من أبواب البر الذي أمرنا الله به في قوله تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"، لافتًا إلى أن القرآن الكريم أعطانا الدرس بأنه احتفى بميلاد السيد المسيح عليه السلام.


جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي يعرض على فضائية صدى البلد، اليوم الخميس، مضيفًا أن دراسة تاريخ الأنبياء والرسل تعلمنا الأمل والاستبشار وعدم القنوط من رحمة الله؛ فالقنوط واليأس من رحمة الله تعالى كبيرة من الكبائر، حيث لا يجوز لأي إنسان أن يقول إن الله لا يغفر له، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم حذر الإنسان أشد التحذير من اليأس والقنوط من رحمة الله.


وأردف المفتي قائلًا: "إن الله أرسل الرسل والأنبياء حتى يستنير الناس ويمشون على الصراط المستقيم لأن البشرية يمكن أن تحدث لها هزات فتعود إلى سبيل الرشاد مرة ثانية، ولتصحيح مسار الفطرة النقية التي ولدوا عليها نتيجة التأثر بالبيئة وغيرها من المؤثرات يرسل لهم سبحانه وتعالى الرسل والأنبياء".


وعن الفرق بين النبي والرسول قال فضيلته كلاهما يوحى إليه، فالرسول مكلف ومبلغ من الله أما النبي فيوحي إليه ولكنه ليس مأمورًا بتبليغ ما أنزل الله إليه.

وأوضح مفتي الجمهورية أن الأنبياء والرسل هم مشاعل النور والهداية للبشرية وأما عن عددهم فهو غير معروف على وجه التحديد؛ فقد أفصح القرآن الكريم عن خمسة وعشرين رسولًا منهم خمسة من أولي العزم من الرسل هم: سيدنا نوح، وسيدنا إبراهيم، وسيدنا موسى، وسيدنا عيسى، وسيدنا محمد عليهم صلوات الله وسلامه، والمراد بأولي العزم من الرسل: المتصفون منهم بالصبر والثبات وتحمل الشدائد في سبيل إعلاء كلمة الله أكثر مما تحمل غيرهم من الأنبياء والمرسلين.

وأما عن عدم تسمية جميع الأنبياء والرسل الآخرين أو عدم ذِكر تفاصيل الأحداث التاريخية المتعلقة بهم فقال فضيلته نحن لا نحتاج لمعرفتها، فما يحتاجه التشريع أو نحتاج إليه تم ذكره، مع كامل التقدير والاحترام لجهود علماء التاريخ والآثار والتي هي من علامات السير في الأرض والتأمل فيها، فهي لها فوائد أخرى لا تفيد في تفاصيل التشريع أو في الأسوة والاقتداء كتفصيل ذِكر أسماء أهل الكهف مثلًا، فنحن نحتاج إلى المناهج أكثر من التفصيلات التاريخية.

ولفت النظر إلى أن من يلاحظ منظومة النبوة والرسالة يجد أنها بناء متكامل الأركان والمعاني فكل واحد منهم يؤدي إلى الآخر ويتكامل معه من حيث المبنى والمعنى، فكانت جميع الرسالات السماوية تدعو إلى المحبة والسلام والبناء وتهذيب النفس، وكل ذلك لا يكون إلا بالقلب السليم. وهذا ما عبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين". مؤكدًا أن رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي اللبنة الأخيرة التي أكملت الرسالات واختتمتها لكي تبقى البشرية موصولة بهذا الوحي الإلهي.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن رسل الله جميعًا أرسلهم الله بمبادئ كليه، وهي ما عبر عنها علم أصول الفقه ب "الكليات الخمس" منها: حفظ الأنفس والدين والأعراض والأموال والعقل، ولعمارة الأرض ونشر الرحمة، وهي القيم التي يشترك فيها جميع الأديان السماوية.

وأضاف أن الشرائع السماوية بمجملها منذ سيدنا آدم وحتى سيدنا محمد نجد أن الكل يدعو إلى الله والإيمان به والأخلاق الكريمة؛ فالرسالة واحدة لإدارة حركة الحياة في هذه الأرض، ولكي يؤدي الإنسان الرسالة التي خُلق من أجلها وهي عمارة الأرض، وأن الأنبياء جميعًا بعثهم الله لينشروا السلام والبناء والعمران وينيروا الطريق أمام البشرية في كل زمان ومكان.

وحول أسباب ظهور الصراعات بين بعض أتباع الأديان رغم القيم المشتركة التي جاء بها الأنبياء، أوضح فضيلة المفتي أن ذلك يرجع إلى أن بعض أتباع الأديان قد ابتعدوا عن الأخلاقيات والقيم المشتركة التي جاء بها الرسل وابتعدوا عن تعاليمهم، وفي المقابل أصبح هناك من يغذي الصراع والعنف والكراهية والمفاهيم الخاطئة حتى يصبح الجميع في صراع، مؤكدًا أن على أتباع الرسل أن يوجدوا أرضية مشتركة يسودها المحبة والتعاون والمودة والعيش المشترك.

وأكد على أن ميلاد الأنبياء هو ميلاد رحمة وسلام ومحبة للعالمين، وأن ذكرى ميلادهم هي مناسبات سعيدة على البشرية جمعاء نحتفل بها ونتذكر ما أرسلهم الله سبحانه وتعالى به من أخلاق وقيم من أجل صلاح الناس. والله سبحانه وتعالى ذكر ميلاد سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهنأ به فقال سبحانه: "وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً"، مشيرًا إلى أن سيدنا عيسى نال خصوصية خاصة ومساحة واسعة في القرآن الكريم، وتم ذكره مرات كثيرة بيحث أنه يأتي في الرتبة الثانية من حيث عدد مرات ذكره في القرآن بعد سيدنا موسى عليه السلام.


وأكد المفتي على أن التجربة المصرية تجربة فريدة فالنسيج الوطني بين جناحي مصر المسلمين والمسيحيين هو نسيج قوي ومتين لا يستطيع أحد أن يقطعه ما داموا في رباط ووحدة، ومعدن الشعب المصري يظهر دائمًا في تماسكه أمام التحديات الكبيرة التي نمر بها، وهو ما يفشل كافة المحاولات من قِبل الجماعات المتطرفة وغيرها التي تسعى للنيل من مصر.

وأضاف أن التاريخ المصري يؤكد أن كل هذه المحاولات عبر التاريخ كانت فاشلة ولم تؤثر أبدًا في الشعب المصري، وهو ما يؤكد أن الهوية المصرية الحقيقية محفوظة بترابط المصريين إلى يوم الدين.

وأشار إلى أن المصريين -مسلمين ومسيحيين- عاشوا على أرض مصر عبر التاريخ جنبًا إلى جنب؛ بيوتًا متجاورة، ومصالح مشتركة، وأهدافًا واحدة، متضامنين متحابين في سبيل الوطن، رخاءً وأمانًا، حربًا وسلامًا، حتى يئست منهم كل محاولات الوقيعة التي تتعمد نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، فهؤلاء المغرر بهم لم يقرءوا التاريخ جيِّدًا ولم يعرفوا تلاحم هذا الشعب الصامد عبر العصور ضد الوقيعة.

ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم طبَّق هو وأصحابُه الكرام مبادئ العيش السلمي المشترك في أرقى صوره، تنظيرًا وتطبيقًا في نماذج حياتهم كلها، مظهرين عدالة الإسلام وسماحته في التعامل مع المخالف في كل حال، وهذا يبرهن على رغبتهم في التعايش والحوار مع الآخر وليس الصدام والتضاد، فقد تفاعلوا مع المجتمع من غير المسلمين برغم تعرض بعض الصحابة للأذى.

وأوضح أنه عند استعراض المسيرة المباركة للنبي الأمين والصحابة الكرام نجد أنها تقدم أعلى صور التعايش، منها موافقة النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة بالذهاب للحبشة، ودعوته للبعض الآخر بالصبر على أذى المشركين مما يبرهن على أن الإسلام لم يُفرض بالقوة أو السلاح، بل دخله الغني والفقير والكبير والصغير، والقوي والضعيف؛ فكانت تركيبة فريدة من نوعها.

وأكد مفتي الجمهورية أن التجربة المصرية رائدة في تحقيق وإرساء مبادئ وقواعد المواطنة والعيش المشترك، حيث نجد الشعب المصري بجناحيه مسلميه ومسيحيه عاش ويعيش المواطنة الحقيقية دون تفرقة بين المواطن المسلم وأخيه المسيحي، وهذا يعود للمراحل الأولى من دخول الإسلام مصر فقد قام القائد الفاتح سيدنا عمرو بن العاص بإرجاع قادة المسيحيين الذين اضْطَهَدَهم الرومان، كما قام بإعمار الكنائس التي هُدِّمت، وسار على هذا النهج السلمي المتعايش العلماء المسلمون والفقهاء الكبار أصحاب المذهبية الفقهية، ولعل أبرزهم الإمام الليث بن سعد وسائر العلماء حتى وقتنا هذا.

وأشاد المفتي بمصر صاحبة أعمقِ تجربة تاريخية ناجحةٍ في التعايشِ والمشاركةِ في الوطنِ الواحدِ بينَ أبنائها، فأهلُها على مدارِ تاريخهم لم يعرفوا أيًّا من مظاهر النزاع الطائفي؛ لأنهم أهل اعتدال وسماحة واحترام للخصوصيات الثقافية والاجتماعية والحضارية، وهي سمات نبيلة وقيم راقية.

مضيفًا: ولا ريب أن مشاركتنا لشركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم وتبادل الفرحة معهم هي من قبيل السلام والتحية وحسن الجوار، وذلك مظهر من مظاهر البر والرحمة والتعامل بالرقي الإنساني الذي كان يفعله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من جاوره أو تعامل معه منهم، وعلى ذلك سار المسلمون سلفًا وخلفًا عبر تاريخهم المُشَرِّف وحضارتهم النقية وأخلاقهم النبيلة السمحة التي دخلوا بها قلوب الناس قبل أن يدخلوا بلدانهم.

وأضاف أن التاريخ الإسلامي لمصر أثبت أن سيدنا عمرو بن العاص لما دخل مصر وجد الرومان قد هدموا الكنائس ونفوا القيادات الدينية للمسيحيين، فعمل على إعادتهم إلى مناصبهم وعمارة ما كان قد دمِّر من كنائسهم، فيرشدنا التراث إلى فتوى الإمام الليث بن سعد عندما سأله الحاكم حينها عن حكم عمارة الكنائس في مصر، فقال: "إن الكنائس حادثة في الإسلام -أي بنيت في عهد المسلمين في مصر- وإنها من عمارة الأرض".

وأشار المفتي إلى أن مصر على المستوى التشريعي منذ دستور عام 1923م وحتى دستور عام 2014م قد أكدت على المساواة بين كافة المصريين، فهم جميعًا سواسية أمام القانون والدستور ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وهو ما أدَّى إلى تمازج النسيج الوطني المصري وتماسكه.

وقال مفتي الجمهورية: إن النسيج المجتمعي المصري لم يميز بين مواطن وآخر، في منظومة متناغمة تحقق العيش المشترك الذي تحيطه المحبة والتسامح والسلام، مشيرًا إلى أنه تم تتويج هذا التاريخ الطويل بافتتاح مسجد الفتاح العليم وكنيسة ميلاد المسيح في نفس اليوم برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وبحضور أكبر قيادتين دينيتين في مصر، وهي رسالة واضحة على أن المصريين جميعًا على قلب رجل واحد.

ولفت النظر إلى أن دار الإفتاء المصرية قامت بدراسة رصدت مجموعة كبيرة من الفتاوى على الشبكة العنكبوتية، تم اختيار (5500) منها كعينة للدراسة؛ نظرًا لأن العديد منها يحمل نفس الموضوع، كالسؤال عن حكم تهنئة المسيحيين بعيدهم، أو حكم بناء الكنائس، وصنفت الفتاوى إلى موضوعات عامة تضم تحتها موضوعات خاصة مرتبطة بالموضوع أو مرتبطة بالحكم الشرعي، وأظهرت الدراسة أن 70% من فتاوى المتطرفين تحرم التعامل مع المسيحيين وأن 20% منها مكروه و10% فقط تبيح التعاملات، وهو ما يؤدي إلى هدم مبدأ التعايش والسلم المجتمعي، ويخالف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد استقبل وفد نصارى نجران في المسجد وسمح لهم بالصلاة فيه.
وأردف قائلًا: وهذه الدراسة وإن كانت تدل على عقلية متشددة ومتطرفة؛ ففي الوقت نفسه تتنافى تمامًا مع ما جاءت به نصوص الشريعة الإسلامية الصريحة والصحيحة من الحث على حسن المعاملة والعيش المشترك والتعامل معهم بالبر والقسط؛ انطلاقًا من المبدأ القرآني: "لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".

وأضاف أن غالبية هذه الأحكام التي خلصت إليها الدراسة تصطدم مع نصوص الشرع الشريف في التعامل مع غير المسلمين المسالمين المشاركين في الوطن فضلًا عن تجاهلها المصلحة العامة للأمة، وقد رددنا عليها وفندناها بما ثبت من أحكام شرعية ثابتة.

وأكد مفتي الجمهورية أن هذا الفعل يندرج تحت باب الإحسان الذي أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعًا دون تفريق، مذكرًا بقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، وقوله تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾.

واستند فضيلة المفتي إلى النص القرآني الصريح الذي يؤكد أن الله تبارك وتعالى لم ينهَنا عن بر غير المسلمين، ووصلهم، وإهدائهم، وقبول الهدية منهم، وما إلى ذلك من أشكال البر بهم، وهو قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.
وقال فضيلة مفتي الجمهورية: "إن من ظنَّ انحصار رحمته صلى الله عليه وسلم في المسلمين خاصة فقد ضَيَّق واسعًا؛ لأن سعة رحمته كما كانت مع المسلمين، فقد كانت أيضًا في إقالة عثرات غير المسلمين والصفح عن جفائهم وغلظتهم، وذلك وصف مقرر ومعروف من خُلقه الكريم".

وختم حواره قائلًا: "إن احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح هو أمر مشروع لا حرمة فيه؛ لأنه تعبير عن الفرح به، كما أنَّ فيه تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من توقير وتقدير وتبجيل للسيد المسيح وأمه السيدة مريم عليهما السلام".

وتقدم بالتهنئة الخالصة إلى الإخوة المسيحيين في مصر وفي العالم أجمع بميلاد السيد المسيح عليه السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.