على طريقة سلاطين آل عثمان، الذين كانوا يعطلون حال مدن بأكملها من أجل الاحتفال بزفاف أحد الأمراء أو السلطانات، ويسخرون المدينة وموردها وأهلها وخدماتها لحسابه، شهدت مدينة أسوان الأسبوع الجاري حفل زفاف محمود الحاذق، ابن شقيق رجل الأعمال عماد الحاذق، على عروسته جنان، نجلة رجل الأعمال هشام شتا، وسط حضور كوكبة من نجوم المجتمع من مختلف المجالات. في 3 ليالي مشابهة لأفراح السلاطين المِلاح، احتفلت عائلتا الحاذق وشتا، بحفل زفاف اثنين من أبنائهما، واستمر العُرس لمدة تجاوزت ال 3 أيام، تسببت في شل حركة محافظة سياسية بحجم محافظة أسوان، فتوقفت المواصلات وأغلق الكورنيش وتوقفت المراكب عن الإقلاع وكلما حل أصحاب حفل الزفاف بمكان أثري حرم على الفقراء والمواطنين البسطاء الاقتراب منه. لماذا أسوان؟
العائلتان اختارا محافظة أسوان ليقيما بها الحفل، لما تضمه من معابد ومواقع أثرية، استغلوها أسوأ استغلال دون النظر إلى القيمة الأثرية لتلك المعابد وأثر فعلتهم تلطك على طرد السياحة الأجنبية، فأقيم العُرس في 3 أماكن مهمة في أسوان، وهي معبد فيلة فى اليوم الأول، وفى اليوم الثانى انعقد فى إحدى المدن بغرب أسوان بعد أن تم إعداد مسرح وساحة خاصة للفرح، أما فى اليوم الأخير فقد عُقد عُرس أخر لهما بأحد أكبر الفنادق بمحافظة أسوان. أما عن الكواليس التى عاشتها محافظة أسوان وأهلها الطيبين قبل عقد القران وإقامة العُرس الخيالى للعروسين، فقد كانت مؤلمة على الجميع، فقد سخرت محافظة أسوان كل خدماتها تقريباً لمدة دامت شهر ونصف للاستعداد للعُرس، حيث تم إغلاق معظم الشوارع الرئيسية للمدينة السياحية بداعي سفلتة الشوارع وإعادة رصفها ودهان الأعمدة وتزيين الشوارع، حتى وصل الأمر إلى أن أغلقت المحافظة بالكامل لمدة استمرت 45 يوم تقريباً استعدادا للعُرس الخيالى الكبير الذي احتضنته أحد أكبر المُدن السياحية فى مصر. كان الأمر مستفزاً بعض الشي، وتسائل البعض «انتو ولاد مين فى مصر عشان تعملوا كدةه أسوان»، والعجيب في الأمر ليس فقط هو أنه تم استئجار أحد المعابد الأثرية الكبيرة فى مصر لإقامة العُرس فيه، وإنما لتسخير محافظة بالكامل لمدة تجاوزت الشهر ونصف للاستعداد لإقامة عُرس، وكأنهم استأجروا المدينة بالكامل وليس معبد فيلة فقط، فقد تعطلت الكثير من مصالح أهل المدينة حتى انتهاء العُرس. في محافظة أسوان التي تعد إحدى أكبر المدن السياحية في العالم وليس مصر فقط، يعد التروسيكل المواصلة الرئيسية التي تقل المواطنين من مكان لآخر، وعلى الرغم من سوء شكلها وتشوييها لمظهر المدينة العام إلا أنه المواصلة العامة الوحيدة أمام المواطنين، وبمجرد الاستعداد لهذا الحفل اختفت هذه السيارات من المحافظة ووقع المواطنون في ورطة عظيمة، واضطروا إلى ركوب التاكسي مما كبدهم مبالغ كبيرة. المواصلة الرئيسية التى تقل الناس من مكان لأخر على الرغم من سوء شكلها هي التروسكيل، فلماذا صبت أجهزة محافظة أسوان التنفيذية ومسئولى المحافظة اهتماماً بتجهيز المحافظة من أجل عُرس أحد رجال الأعمال، ولم تهتم حتى يتحسين شكل وسائل النقل الداخلية للمحافظة والاهتمام بمظهرها كمدينة عالمية وتحسين خدماتها لتدعيم وتنشيط السياحة.