ينتظر الجميع بفارغ الصبر عودة الساحرة أيقونة البهجة والحزن والجمال ، شريهان عروس البحور ونجمة الفوازير وأسطورة الاستعراض ، التى تستطيع تجسيد أقسى معانى الحزن ، وأجمل أوقات الفرح. سنوات طويلة تلهف الجمهور على رؤيتها أو سماع صوتها أو معرفة أخبارها منذ غابت عنه بسبب مرضها الأخير ، ورغم قسوة هذا المرض النادر الذى اختار شخصية نادرة ، إلا أنها عودت جمهورها على تجاوز كل المحن ، وعلى قهر كل الظروف التى سبقت ومرت عليها وكانت كل المؤشرات المنطقية توحى بأنها النهاية وأنها لن تعود ، لكنها الساحرة التى اجتازت وقهرت المنطق وكل توقعات الأطباء.
لا تنكر شريهان أنها تجاوزت الخمسين كما كتبت بعض الأقلام التى تشكك فى قدرتها على العودة بنفس القوة التى كانت عليها، وأكدت خلال حفل أقامه العدل جروب لإعلان عودتها للمسرح فى عمل استعراضى ضخم أن عمرها تجاوز ألف عام ، من كثرة ما مر عليها من احزان وأزمات وصراعات بين الموت والحياة ، فهى بالفعل بطلة اسطورية استطاعت أن تهزم ألاما تفوق قدرة البشر.
بدأت أزماتها وأوجاعها منذ سن مبكرة، أزمتها الأسرية مع أسرة والدها، ووفاة شقيقها الموسيقار عمر خورشيد الذى كان سندها فى الحياة، ثم وفاة والدتها، والحوادث التى تعرضت لها، ثم مرضها النادر.
طوال مراحل حياتها تجرعت شريهان أنواعا من الوجع والألم، دخلت فى حرب مع كل مسببات الحزن، لكنها كانت دائما تخرج منتصرة، لا تستسلم، تقاوم كل المعوقات حتى تعود لجمهورها أفضل مما كانت.
ساندها الجمهور وانتظر عودتها بعدما أصيبت فى حادث مروع عام 1990 وانكسر ظهرها وعمودها الفقرى ،وهى فى أوج شهرتها ونجوميتها، وظلت لسنوات عاجزة عن الحركة ، لكنها هزمت العجز وعادت أقوى، لتحقق نجاحا وحبا أكبر وقامت ببطولة الفوازير وقدمت مسرحية شارع محمد على وعددا من الافلام.
ثم عادت النجمة لتصارع الألم عندما اختارها مرض نادر من بين ملايين البشر ، فأصيبت عام 2002 بسرطان الغدد اللعابية أحد أشرس أنواع السرطان، لتخوض النجمة معركة جديدة تتحدى فيها الألم ، وتجرى عشرات الجراحات وتغيب عن جمهورها لمدة 15 عام كاملة، ولأنها تتحدى كل التوقعات، أنجبت ابنتها الثانية "تالية القرآن" خلال فترة مرضها، وظلت صلبة صامدة رغم الضعف والألم، يساندها ويقويها دعوات الأباء والأمهات وحب جمهور لم ينسى محبوبته يوما، تقترب أكثر إلى الله وتزيدها الأزمة نضجا وإرادة وإيمان.
استعانت على المرض بعادات وعبادات تقربت بها إلى الله طوال سنوات المحنة ، مناجاة وقراءة قرآن وتبرعات للفقراء وموائد رحمن وزيارات فى الخفاء لأداء العمرة ،فاستجاب الله دعاءها وخرجت من محنتها.
استطاعت شركة العدل جروب اقناعها بالعودة فى عمل فنى ضخم بعد انتصارها على المرض ، وبالطبع كانت النجمة تشتاق للوقوف على المسرح واحتضان جمهورها الذى لم تغب عنها يوما.
لم تغب شريهان عن الأحداث وظهرت للمرة الأولى بعد غياب بين الجماهير فى ثورة 25 يناير، بينما عارضت حكم الإخوان وتبرعت بمنزلها لحملة تمرد، وطالبت مرسى بالتنحى، وكان التواصل مع جمهورها عبر وسائل التواصل الاجتماعى أكبر مصدر قوة لها، ترد على كل الرسائل ،ويشجعها هذا التواصل على مواصلة التحدى.
تعرف شريهان حجم ارتباط الجمهور بها وانتظاره لما ستقدمه بعدما هزمت الألم فى جولة جديدة ، فتستعد بكل قوتها للعودة من جديد ، ولأنها نجمة خارقة اختارت الطريق الصعب لتكافئ جمهورها بجرعات بهجة وإبهار مكثفة بعد طول غياب ، لذلك تعاقدت مع العدل جروب على مشروع مسرحى استعراضى ضخم.
ورغم صعوبة التجربة التى تتطلب قدرات وتدريبات ولياقة خاصة ، ورغم الأصوات التى تحاول إحباطها متعللة بالسن والحالة الصحية ، إلا أنها كعادتها تستطيع أن تتحدى المنطق والوجع ، وتنتصر حتى على توقعات الأطباء بحب جمهورها وتعلقه بها.
تقضى أغلب وقتها الحالى فى الاستعداد للعودة ، وتحرص على كل التفاصيل والاستعدادات مهما كلفها ذلك من جهد ووقت ، فالعودة بعد 15 عاما يجب أن تليق بنجمة اعتاد جمهورها أن يراها متألقة متفردة دائما.
ومع تأخر عرض الأعمال التى ينتظرها جمهور شريهان ثارت شائعات بالتراجع عن الفكرة وهو ما نفاه الدكتور مدحت العدل، المنتج السينمائي، فى تصريحات صحفية ، مؤكدا عدم التراجع عن فكرة "عودة الفنانة شريهان إلى المسرح" من خلال 13 عرضا جديدا، قائلا: "الفكرة لم يتم التراجع عنها مطلقا، وانتهينا من بعض هذه العروض ".
وأكد تخفيض عدد العروض إلى 4 مسرحيات مشيرا إلى المجهود الخرافى الذى يحتاجه تقديم العرض الواحد قائلا :" سيعرف الجميع عند مشاهدته لماذا كنا نستحق أن نأخذ كل هذا الوقت لتقديمه".
وأضاف العدل : "انتهينا بالفعل من تصوير مسرحية (كوكو شانيل)، لكننا حتى الآن لم نحدد موعدا للعرض، لكن أقول للجميع تأكدوا أنكم ستشاهدون عروضا لا تقل عن ما يقدم في (بروداوي)، إن لم يكن أفضل".
وكانت شريهان تعاقدت مع شركة العدل جروب بعد غياب 15 عامًا عن الوسط الفني ، وكان من المقرر أن تقدم 13 مسرحية استعراضية مصورة عن شخصيات نسائية أثّرت في التاريخ، من بينهنّ: الممثلة والمغنية الأمريكية مارلين مونرو ، ومصممة الأزياء الفرنسية كوكو شانيل، وماري، وكولن، ورابعة العدوية، وحتشبسوت، وأنديرا غاندي .
وينتظر الجميع عودة الساحرة قاهرة المرض والحزن لتشبعه بجرعات سعادة وأمل وحياة وبهجة ، فمتى يحين اللقاء ؟
