لم تكن الزيارة التى تقوم بها الآن المناضلة الجزائيرية المعروفة جميلة بوحريد إلى مصر هى الأولى، حيث سبق وزارت مصر فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. عندما زارت " بوحريد " القاهرة " فى ستينات القرن الماضى عام 1962 ومعها المناضلة زهرة أبو ظريف، أبرزت وسائل الإعلام وقتها تفاصيل الزيارة مؤكدين أن" المجاهدتين الجزائرتين جميلة بوحيرد و زهرة أبو ظريف، حظيا بأستقبالا شعبياً وكان فى إستقبالهم الدكتورة حكمة أبو زيد وزيرة الشئؤن الاجتماعية وصلاح الدسوقى محافظ القاهرة و الكثير من الفتيات الذين يحملون الورود و الياسمين و الكثير من الصحفيين و الإعلاميين، وعند نزولها من الطائرة علت الهتافات و كان فى إنتظارها الرئيس جمال عبد الناصر.
وكأن الزمن يكرر نفسه فبعدها بعشرات السنسن تكرر " بوحريد" الزيارة إلى مصر حيث قالت منى جمال عبدالناصر، نجلة الزعيم الراحل، إنها شاركت في تكريم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد لتحيتها، فهى تمثل رمزًا كبيرًا، مشيرة إلى أن مصر أرسلت مدرسيها لتعليم الجزائريين اللغة العربية بعد خروج الاحتلال الفرنسي بناء على طلب من قادة الجزائر، لافتة إلى أن مصر وقفت إلى جوار الجزائريين باعتبارهم مثلًا للكفاح العربى ضد الاستعمار.
تابعت مني عبدالناصر، خلال احتفالية المجلس القومي للمرأة إلى تكريم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد:" منذ عام 1964 لم تكن المرأة قد تحررت، لكن كان هناك دور كبير للمرأة في الكفاح ضد الاستعمار، ولم تتأخر عن خدمة وطنها، وحيت منى جمال عبدالناصر المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد عن دورها فى شحذ الهمة العربية".
كما عرضت شاشة كبرى فى المؤتمر لقطات أرشيفية لاستقبال جميلة بوحيرد فى مصر، حيث استقبلها الرئيس جمال عبدالناصر وعدد من كبار المسئولين، وشهد حفل التكريم حضور عائشة عبد الهادى، وزيرة القوى العاملة الأسبق، وقد كرمت مايا مرسى المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد ومنحتها درع المجلس القومى للمرأة، ورفعت جميلة بوحيرد علامة النصر.
ومن المنتظر أن تسافر جميلة بعدها إلى أسوان لحضور فعاليات مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة ضيفة شرف، وتكريمها ضمن فعاليات المهرجان، التي ستستمر في الفترة بين 20 و26 من فبراير الجاري، وتحمل اسم جميلة بوحيرد.
يذكر أن جميلة بوحيرد ولدت فى سنة 1935 في حي القصبة الجزائر العاصمة و هي مقاومة جزائرية من المناضلات اللائي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي لها في منتصف القرن الماضي
ولدت جميلة من أب جزائري مثقف و أم تونسية من القصبة، و كانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها فقد أنجبت والدتها 7 شبان كان لوالدتها التاثير الأكبر في حبها للوطن، فقد كانت أول من زرع فيها حب الوطن و ذكرتها بأنها جزائرية لا فرنسية رغم سنها الصغيرة آنذاك واصلت جميلة تعليمها المدرسي.
التحقت "بوحريد" بمعهد للخياطة و التفصيل فقد كانت تهوى تصميم الأزياء مارست الرقص الكلاسيكي وكانت بارعة في ركوب الخيل إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية سنة 1954 حيث انضمت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها ثم التحقت بصفوف الفدائيين.
تعد " بوحريد" أول المتطوعات لزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي و نظراً لبطولاتها أصبحت المطاردة رقم 1 تم القبض عليها سنة 1957 عندما سقطت على الأرض تنزف دماً بعد إصابتها برصاصة في الكتف وألقي القبض عليها وبدأت رحلتها القاسية من التعذيب وجملتها الشهيرة التي قالتها آنذاك"أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا إنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة " بعد 3 سنوات من السجن تم ترحيلها إلى فرنسا وقضت هناك مدة ثلاث سنوات ليطلق سراحها مع بقية الزملاء.
كانت المناضلة جميلة بوحريد قد صلت إلى مطار القاهرة على متن رحلة مصرللطيران رقم MS846القادمة من الجزائر لتكريمها في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته الثانية، لكونها أيقونة ورمز للنضال ضد الاستعمار، وأعطت للعالم مثالا في أن المرأة دورها في الكفاح لا يقل عن الرجل بل يكمله.
كما وجه شريف فتحى وزير الطيران المدني بتقديم كافة التسهيلات اللازمة والترحيب بالمناضلة، وإنهاء إجراءات سفرها، كما استقبلها بالورود مدير مكتب مصرللطيران بالجرائر ومدير المحطة، وكذلك موظفو المحطة والعلاقات العامة بمطار القاهرة الدولي.
كما أهدت لها مصرللطيران تورته تحمل صورتها وعلم الجزائر، وقام الركب الطائر للرحلة بعمل تنويه علي المسافرين علي متن الرحلة بوجود المناضلة الجزائرية بينهم والترحيب بها، وقد اعربت عن سعادتها البالغة بحفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة المقدمة من مصرللطيران منذ وصولها محطة الشركة بالجزائر.
يذكر إن الشركة الوطنية مصرللطيران قامت بنقل بوحيرد في زيارتها الأولى الشهيرة إلى مصر، حين كانت مصرللطيران تسمى وقتها ب"شركة الطيران العربية المتحدة في الستينيات.
الجدير بالذكر أن السينما المصرية خلدت بطولات جميلة بوحريد فى فيلم يحمل، بطولة الفنانة ماجدة وقصة وسيناريو الرائعين، عبدالرحمن الشرقاوى، ونجيب محفوظ، وعلى الزرقانى، وإخراج يوسف شاهين، عام 1958.
