الحديث عن رحلة «أذربيجان» لا ينتهي خصوصًا وأنه قبل السفر كنت أعتقد أنها دولة فقيرة ولا تملك أية مقومات سياحية ولا تتمتع بأية شواهد جمالية رائعة لأنها كانت من الجمهوريات «المهملة» في زمن الاتحاد السوفييتي السابق.. ولكن بهرني الجمال وطيبة وبساطة شعبها حتي عندما تتاح لك فرصة التجول في العاصمة «باكو» خصوصًا في وسط المدينة أو من خلال الجلوس بإحدي حدائق ومتنزهات العاصمة المطلة علي بحر قزوين وما أحلي مساء وليل «باكو» مدينة الهواء والرياح والنسمات المنعشة.. وآه لو أتيحت لك الفرصة للعشاء في مطعم قديم يعود بناؤه إلي أكثر من 400 عام حيث الطراز المعماري الإسلامي كما في مطعم «قصر قروان» الذي يتماثل من الداخل ببيت «السحيمي» بقاهرة المعز فتستقبلك فرقة غنائية تماثل فرقة التخت العربي وكل عازف يحتضن آلته الموسيقية حتي المزمار والرق والطبلة والكمنجة فتستمع إلي الألحان الشرقية القديمة فتتذكر الأيام الخوالي لألمظ وعبده الحامولي أو الشيخ سلامة حجازي ثم تتناول المأكولات الأذربيجانية مثل «التوشي برا» أو الضلمة «المحشي باللحمة» أو أكلة الكباب والكفتة المسماه «بالشاتش» ويتم تزيين الطبق بشرائح التفاح والفلفل والباذنجان المقلي والطماطم وأصابع البطاطس المحمرة وتوضع أكواب العصائر المتنوعة أيضًا.. وعندما تتاح لك فرصة الانتقال من العاصمة «باكو» إلي خارجها تسعد بالجو والهواء النظيف وجمال الطرق التي تظللها أشجار البندق وعين الجمل وعلي مرمي البصر تري المراعي الخضراء وعلي جانبي الطرق توجد استراحات الراحة فندلف إلي داخل غابة شجرية لتجد مطعمًا بسيطًا وأنيقًا.. ليس شرطًا أن تتناول أطعمته وبالإمكان أن تحتسي الشاي الساخن ذو المذاق الخاص وتسعد بالابتسامة علي وجه من يلقاك ويستقبلك بالترحاب ولا تجد التسكع من الجرسون انتظارًا لطلب «البقشيش»! حتي وجوه الفتيات والصبايا مشرقة وليست عابسة.. وبصراحة خفف مرافقنا الأذربيجاني «جعفر» من متاعبنا في الترحال والتنقل بابتسامته الودودة ولباقته في التعامل والمعاملة لأننا ضيوف دولته وخصوصًا أنه من خريجي كلية الألسن بجامعة عين شمس وكان يحكي لنا ذكرياته واستمتاعه بتناول وجبة الفول علي أحد العربات بمنطقة منشية الصدر وحبه للتواجد في منطقة الأزهر والحسين والدراسة والتجول في شوارع وسط القاهرة.. في هذه الرحلة كان لابد من اللقاء مع السفير المصري الذي رحب بأفراد البعثة السياحية ودعا الجميع إلي تناول الغذاء داخل مقر السفارة المصرية وأبلغنا بضرورة إلقاء الضوء علي «أذربيجان» الواعدة اقتصاديًا واستثماريًا وسياحيًا خصوصًا أنهم يرحبون بكل تعاون مصري.. عمومًا لا أريد أن أطيل في الكلام لأن المشاهد الساحرة داخل ربوع أذربيجان تغني عن أي كلام.