«ليس الشعر رأيًا تُعبّر الألفاظ عنه، بل أنشودة تتصاعد من جرحٍ دام أو فم باسم»، هكذا عبّر الشاعر اللبناني جبران خليل جبران عن الشعر وقيمته الأدبية، وعن مكانة الأدباء والشعراء والمثقفين على مرّ العصور، وعن قُرائّه أيضًا، الذين يتم وصفهم طوال الوقت ب «أعلى الطبقات الفكرية» في المجتمع، إلا أن الأمر تغيّر كثيرًا خلال العامين الماضيين، حيث أصبح معدومو الموهبة يتهافتون على كتابة أبيات لا تمت بصلة للشعر والثقافة والأدب ويطلقون عليها «دواوين أدبية» أو كما يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي ب «شعر العامية». «إزاي أصدق واحد على كل لون يكون دلوقتي معايا بكره عدوه أكون»، مجموعة كلمات ارتصت بجانب بعضها البعض أملا في أن يُطلق على قائلها «شاعر»، إلا أنها نالت من السخرية والاتهامات ما نالته من المثقفين في العام الماضي، فكاتب هذه الكلمات شاب يُدعى «زاب ثروت» رأى أن مجموعة منشورات على موقع التواصل الاجتماعي وحدها كافية بأن تصنع أبيات أشبه بالأحاديث التي تقال بين المراهقين. ورغم ما نالته من سخرية المثقفين والأدباء إلا أن تهافت الشباب والفتيات عليها من الأعمار الصغيرة في معرض الكتاب أكسبها شهرة زائفة، في ظاهرة وصفها كبار الكتّاب العام الماضي ب «الكارثية»، ولم تندثر هذه الظاهرة في معرض الكتاب هذا العام، فهناك كتب مشابهة ل «زاب ثروت» ظهرت هذا العام، أبرزها ديوان «خمسة خصوصي» ل «علي حسن»، الذي جاء في مضمونه كلمات عامية ليس لها أي قيمة أدبية. «غادة يا غادة أنتي ليه رمز السعادة.. عنيكي فيها كلام كتير وجمالهم أصلا بزيادة»، كلمات عامية أثارت استياء المثقفين في مصر والعالم العربي على حد سواء, وظهر هذا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، كما جاء في الديوان «فاطمة يا فاطمة أنا يا حبيبتي بحبك موت بس خايف أوي من الصدمة». ولم يخل ما كتبه «علي حسن» من الإيحاءات الجنسية، حيث كتب «هاتي خدودك ألعب لك فيهم وأنتي العبي في موبايلك حبة.. مهما حبيبتي هتغطيهم بردو هرخم أصل رخامتي بتبقى محبة»، ما جعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي يتداولونها بسخرية واستنكار أيضًا. وتفاعلا من المصريين على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بخفة ظلهم المعتادة مع ديوان «خمسة خصوصي» دمجوا صورًا من الأفلام مع مقتطفات من الكلمات التي وصفوها ب «الكوميدية» وسرعان ما تم تداولها فيما بينهم، قائلين «ما كفاية جمال بقى يا هبة.. الله مش بإيدي يا لمبي»، و«مش قولتلك يا مدام بوسي تقري خمسة خصوصي». وعلى غرار الرسائل النصية الشهيرة، كتب أحد النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي «يا محمد انزل بسرعة لقينا خدود حلوة وعاوزين حد أمين يلعب فيهم»، بينما علّق آخر «يا مدام كوثر يا مدام كوثر أنا متعكنن أنا متحسر، حتى المج بتاعك اتكسر، يا مدام كوثر يا مدام كوثر».