دعا "مجلسُ حكماء المسلمين" عقلاءَ الأمَّة وجميعَ الغيورين على الإسلام وأهله والأجيال المقبلة إلى العمل كتفًا بكتفٍ من أجل وقف حمامات الدم، التي تسيل بغزارة هذه الأيام في بعض ديار الإسلام؛ دون رادع من دين أو وازع من وجدان أو ضمير. وناشدَ المجلسُ جميع الأطراف، المؤسسات الرسمية والأهلية، أو الفئات الطائفية بغرض تضميد الجروح النازفة، ومِنْ ثَمَّ الانخراطُ فورًا في حوار بين كلِّ الجهات المتنازعة، مهما كانت المسوغات أو الذرائع والمبررات. وناقش المجلسُ في اجتماعه الثالث الذي عُقِد في أبو ظبي يوم الخميس الماضي (22 ربيع الآخر 1436 هجرية – 12 فبراير 2015 ميلادية) أهمية إيجاد أدوات ووسائل عملية لتعميم ثقافة السلم والتسامح وتعزيز الحوار داخل المجتمعات المسلمة، بمؤازاة الحوار مع جميع الأديان حول مختلف القضايا الإشكالية أو المختلف عليها أو حولها. وأقرَّ المجلسُ خُطَّتَه وأهدافَه الاستراتيجية على مدى السنوات الثلاث المقبلة، التي تنطلق من نشر وتعميم صحيح الإسلام، وفَهْمِ رسالته السامية، التي تتطلب من أجل تحقيقها العمل على إطفاء الحرائق، وضرورة تلاقح الثقافات على شتى المستويات الدينية والأخلاقية والفلسفية أو المعرفية، وإعداد الجيل المقبل من العلماء العقلانيين والمتنورين، من أجل عمارة الأرض بالسلم والوئام بدل الحرب والخصام. وتقتضي إستراتيجية "مجلس حكماء المسلمين" العمل على ثلاثة محاور:تعزيز الحوار. بناء القدرات. نشر الوعي. وقد تضمنت إستراتيجية "مجلس الحكماء" خطة شاملة تؤكد أهمية الحوار في مجال تعزيز الخطاب الديني، الذي يعكس قيم وتعاليم الإسلام، والانخراط في حوار مفتوح مع جميع النخب الدينية والفكرية والسياسية وقادة المجتمع المدني في العالم أجمع من دون استثناء. هذا بالإضافة إلى العمل الفوري والحثيث على بناء القدرات من خلال مناهج تلبي احتياجات الشباب في القرن الحادي والعشرين، وتدريب الشخصيات الدينية على رفد الخطاب السلمي العالمي بقيم التعارف الإسلامية المدهشة، ونبذ العنف والتطرف وإقصاء الغلاة والمتشددين، الذين يضيقون على الناس حياتهم. إلى جانب ذلك تتضمن الإسترايجية مرتكزات عملية وخطوات ميدانية جادة تساهم بفعالية في رفع مستوى الوعي بالإسلام ورحمته وسماحته، ومساعدة الشباب المسلم وغير المسلم على تنظيم الملتقيات والمنتديات بغرض تبادل الخبرات في إطار تعزيز ثقافة السلام، من خلال تنظيم ورش التدريب والتأهيل لإعداد العلماء الشباب للنهوض بثقافة السلم والتسامح والحوار، كما يليق بالدين الحنيف، الوجه الآخر للسلام كما أراده الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله والسنة الشريفة. كذلك تضمنت استراتيجية "مجلس حكماء المسلمين" تشكيل "فرق سلام" مهمتها زيارة المناطق الساخنة في إطار المحاولات لفض النزاعات بالسبل السلمية، وتنظيم مؤتمرات إقليمية سنوية تشارك فيها جميع النخب من الطوائف والمذاهب الإسلامية لتعميق ثقافة السلم والحوار والانفتاح على العصر والزمان بأدواته العلمية والعقلانية. كما تضمنت الاستراتيجية إقامة شراكات مع الجامعات المهمة حول العالم بغرض تنظيم ندوات وملتقيات دورية للطلبة بغرض تعزيز ثقافة الحوار والتسامح وقبول الاخر على اختلافه أو تباينه سواء في الآراء والأفكار أو المعتقدات. هذا بالإضافة إلى إقامة المكتبات المعززة بالكتب التنويرية التي تضيء على الإسلام بروحه النقية الخالية من أدران التعصب والإنغلاق، المطرزة بالقيم الإنسانية النبيلة على كل المستويات الدينية والأخلاقية، لمساعدة الباحثين والدارسين في تعميق ثقافة السلم والتسامح وترسيخ قيم الحوار والمشاركة الإيجابية في عمارة الأرض بالخير والجمال والمسرة. ومن ضمن الخطوات العملية في استراتيجية المجلس إنشاء دار نشر تعنى بطباعة محتوى "ثقافة السلم" وتعميمها على أكبر قدر ممكن من شرائح المجتمعات المسلمية. هذا إلى جانب "مشروع 100 سؤال ملح"، وهو برنامج ثقافي معرفي يهدف إلى معالجة أبرز المسائل المثيرة للجدل، التي تواجه المسلمين راهناً ومستقبلاً، وهي مستقاة من متابعة دقيقة لاهتمامات وتساؤلات المسلمين وغير المسلمين حول الإسلام، وحول موقفه من العنف المستشري في غير مكان، بالإضافة إلى موقفه من السلام كقيمة إنسانية ملحة للنماء والرخاء. ومن جملة ما يسعىإليه البرنامج من خلال الإجابة على هذه التساؤلات،تبديد الصورة النمطية السائدة عن الإسلام في وسائل الإعلام والمؤسسات والمجتمعات الدينية والفكرية والمدنية. هذ فضلاً عن إشاعة ثقافة الإسلام السمحاء الرحيمة.