بدأت الجولة الخليجية التي يقوم بها العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، في السبت الماضي؛ من دولة الإمارات العربية المتحدة، للمُشاركة في احتفالاتها بالعيد الوطني ال45، ثم اتجه بعدها إلى دولة قطر، ومنها إلى مملكة البحرين لرئاسة وفد السعودية في القمة الخليجية ال37، والتي ستُعقَد في المنامة على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء، ليتوجه فيما بعد إلى دولة الكويت في زيارة من المُقرر استمرارها 3 أيام. كثير من الترحيب لاقته تلك الجولة الملكية في الأوساط الخليجية، لما للسعودية والملك سلمان من مكانة بين دول مجلس التعاون الخليجي، وأيضًا لما يتوقعه المُتباعون والسياسيون من جراء تلك الجولة من إيجابيات لصالح دول الخليج وربما المنطقة العربية بأكملها. فيما حاول البعض تفسير الأمور على محمل مُغاير في مُحاولة لتشويه العلاقات بين المملكة ودول عربية أخرى، حيث زيارته لدولة قطر تحديدًا. المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، أوضح أن جولة الملك سلمان لدول مجلس التعاون، جاءت لتجديد التأكيد على أن أمن المملكة من أمنهم، وأن أمنهم من أمن المملكة، وأن المصير والمستقبل واحد، وأن البناء على القواعد التي قام عليها المجلس سيتواصل وسيستمر، وأن ما يمس دولة سيمس الجميع. وقال لبوابة "صوت الأمة": "جولة الملك سلمان من شأنها أن تُعمِق التشاور بين شركاء المصير حول القضايا السياسية والعسكرية والاقتصادية، التي تمر بها منطقتنا الخليجية ولاسيما العربية والعالم ككل، خصوصًا أن دول المجلس أصبحت تتولى قيادة العمل العربي بالتنسيق مع الأشقاء وتتصدى لقضايا الأمن القومي العربي الذي بات على المحك حاليًا جراء ما تُعانيه المنطقة من أحداث وتدخلات إيرانية". وأكد "آل عاتي" أن أغلب الملفات السياسية الحالية، حيث ملفي العراق وليبيا، إلى جانب الأزمة السورية، وغيرهم من القضايا ستكون على طاولة العاهل السعودي، مع إخوانه الخليجيين في قمة البحرين، التي يراد لها أن تكون قمة الإتحاد أو التكتل الاقتصادي؛ ليتحول الخليج العربي إلى تكتل فاعل ومؤثر في قضاياه، وقضايا المنطقة والعالم أجمع، على حد تعبيره. وعن زيارة العاهل السعودي لدولة قطر، ومُحاولات البعض لإستغلال ذلك الأمر سلبيًا تجاه بعض الأشقاء العرب، أوضح الكاتب والمحل السياسي السعودي، حسن مشهور، قائلًا: "تأتي زيارة الملك سلمان لقطر لتشكل رافدًا لتعزيز المشاركة القطرية، واعطاء بُعد نوعي للدور القطري في الحلف الذي تقوده المملكة لإستعادة الشرعية في اليمن، وخاصة بعد قرار علي عبدالله صالح والجماعات الحوثية بتشكيل حكومة إنقاذ في اليمن؛ كما يبدوا جليًا للمتابع الجيد أن قادة الدول الفاعلة في الحلف في طريقهم لإقرار خطة موحدة ونهائية ستُشكِل مخرج نهائي من الأزمة اليمنية القائمة.. وهنا تأتي زيارة الملك سلمان لقطر لتوحيد القرار والرؤية، كون المملكة هي من يقود الحلف وهي من كانت في خط المواجهة منذ البداية". أما بالنسبة لما يُروج له البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن كون الزيارة لم تأتي إلا بعد تفاقم الخلاف بين حكومتي قطر ومصر، فقال "مشهور" لبوابة "صوت الأمة": "هذا كلام عارٍ من الصحة لأسباب عدة؛ أحدها إن في الوقت الذي كانت فيه قطر تقف وراء حكم الإخوان بمصر وتقدم له الدعم اللامحدود سواء كان بتلك المليارات التي تم تحويلها لحكومة محمد مرسي أو عبر تلميع نظام الإخوان، من خلال قناة الجزيرة بميكنتها الإعلامية الهائلة؛ فإن الحكومة السعودية كانت حينذاك تقف على الطرف النقيض وترمي بثقلها وراء الأحزاب والقوى السياسية الأخرى بمصر التي كانت تناوئ حكومة مرسي والاخوان"، مُشيرًا إلى أن المملكة كانت الأولى في الاعتراف بشرعية 30يونيو والأكثر ترحيبًا بإستلام الجيش المصري زمام السلطة في مصر. وأضاف أنه "لا يُخفى على الجميع حالات الشد والجذب التي تطرأ على العلاقات السعودية القطرية بين حين وآخر ويعكسها الإعلام في كلا البلدين، وخاصة عندما تغرد قطر خارج سرب مجلس التعاون الخليجي في القرارات التي تتطلب إجماع أعضاء هذا المجلس، في الوقت الذي يلحظ فيه الجميع سعي المملكة المطرد للإبقاء على علاقتها مع مصر في أحسن الأحوال، ادراكًا منها للدور المهم والمتصاعد الذي تستطيع أن تلعبه مصر في التعاطي مع أي متغير شرق أوسطي". وتابع "مشهور" بالتأكيد على حديثه من خلال التذكير بموقف المملكة عندما صوتت مصر في مجلس الأمن على القرار الروسي الخاص بمعالجة الوضع في سوريا؛ حيث احترمت الحكومة السعودية الخيار المصري الذي يُمثِل مصر في سيادتها على قرارها بغض النظر عن اختلافه مع الموقف السعودي