عبر المفوض السامى لحقوق الإنسان بالامم المتحدة زيد رعد الحسين عن الوضع البائس لحقوق الإنسان في مختلف مناطق العالم ، مشيرا إلى أنه أصبح من الصعب الحديث عن المجتمع الدولي فى ظل الأوضاع العالمية لحقوق الإنسان ومواقف الكثير من الدول إزاء التزاماتها في هذا المجال . وتناول الحسين - في كلمته اليوم الاثنين أمام افتتاح أعمال الدورة 32 لمجلس حقوق الانسان في جنيف - تلخيصا لرؤيته لحالة حقوق الإنسان الراهنة في مختلف مناطق العالم ، كذلك مناطق الاضطرابات التي تشهد انتهاكات للقوانين الدولية لحقوق الإنسان سواء في آسيا او أفريقيا او أمريكا وأوروبا وأيضا الشرق الأوسط . وأكد الحسين أن الكارثة في سوريا لاتزال تتعمق أكثر وأكثر ويزداد جحيمها شهرا بعد شهر ، حتى أن الكثيرين في أنحاء العالم أصبحوا يشعرون بأنهم لاحول لهم ولاقوة في مواجهة هذا الرعب الذي تشهده سوريا جراء الصراع الدائر هناك ، وقال المفوض السامي أن الاحتجاز التعسفي مازال مستمرا وكذلك التعذيب وحالات الاختفاء القسري وعمليات الإخلاء القسرى وتدمير المدارس والأحياء بكاملها ، مشيرا إلى الهجمات على المستشفيات في سوريا التي تبدو متعمدة ، حيث أصيبت في حلب ثلاثة مراكز طبية فى يوم واحد ومركز طب الأطفال الوحيد ، كما لفت المتحدث إلى ماتواجهه فئات مثل الأقليات والفتيات والنساء من سوء المعاملة على أيدي المتطرفين والمتعصبين الذين يمارسون سادية مذلة لتلك الفئات . وقال المفوض السامي إن أكثر من نصف مليون شخص في سوريا محاصرون في مناطق مختلفة من قبل قوات النظام السوري أو من جانب الجماعات المسلحة ، ويواجهون أوضاعا مأساوية ومذلة للحصول على احتياجاتهم الأساسية ، وفي بعض الحالات يكون ذلك في مناطق تعاني من هذا الوضع لأربع سنوات مثل داريا - التي تعرضت للقصف المتعدد جوا وأرضا وذلك بعد ساعات فقط من إيصال بعض المساعدات لسكانها للمرة الأولى بعد 4 سنوات - . وأضاف أنه عند جرد الحساب فإن إرث صناع القرار في العالم سوف يتضرر إلى الأبد بسبب إخفاقهم في اتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حد للوضع الرهيب فى سوريا ، موضحا أن الجرائم الخطيرة والمنهجية التي يتعرض لها الشعب السوري يوميا ستكون عارا على جميع المسؤولين . وحول العراق أعرب الحسين عن قلقه البالغ إزاء أوضاع عشرات الآلاف من المدنيين الذين ما زالوا محاصرين داخل الفلوجة حاليا ، لافتا إلى ما طالب به في وقت سابق من الشهر الحالي من أهمية قيام السلطات العراقية باتخاذ خطوات فورية لتصحيح الوضع بالنسبة للفارين من ضواحى مدينة الفلوجة ، وأشار إلى ترحيبه بإعلان رئيس الوزراء العراقي عن تعيين لجنة تحقيق في مزاعم انتهاكات ارتكبت ضد هؤلاء النازحين . على جانب آخر أشار المفوض إلى قلقه إزاء معاناة الشعب اليمني ، ولفت إلى أن النزاع المسلح في اليمن - والذي بدأ قبل أكثر من عام - أدى إلى خسائر فادحة للمدنيين ، وقال إن مكتبه وثق سقوط ما يصل إلى 9700 ضحية من المدنيين في اليمن ، وحذر من أن الوضع الإنساني في اليمن كارثي ومستمر في التدهور، حيث أن أكثر من 21 مليون يمني الآن ( حوالى 80 % من السكان ) بحاجة إلى المساعدات الإنسانية الأساسية . كما نوه إلى أن حوالي 2.8 مليون شخص في اليمن أجبروا على مغادرة منازلهم ، وأشار المفوض إلى أن المساعدات الإنسانية كثيرا ما تتم عرقلتها من قبل أطراف النزاع ، كما أنها محدودة بسبب صعوبات في التمويل ، مطالبا أطراف النزاع في اليمن بالتقيد بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي ،ولاسيما فيما يتعلق بحماية المدنيين وكذلك وصول المساعدات إلى جميع المتضررين في كافة مناطق النزاع والمناطق المحاصرة . وحول الوضع الفلسطيني قال المفوض إن احتلال الأراضى الفلسطينية من قبل إسرائيل دخل عامه التاسع والأربعين ، في الوقت الذي لايزال التوتر سائدا في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل ، وحذر من أن مخاطر التصعيد المفاجئ لمزيد من العنف في الأراضي المحتلة وإسرائيل لاتزال قائمة وحقيقية ، وقال إن العنف هو أحد عواقب القمع لفترات طويلة بما فى ذلك غير المبرر ضد المدنيين .، كما أعرب المفوض عن قلقه من استخدام القوات الاسرائيلية المفرط للقوة ، مذكرا الحكومة الاسرائيلية بالتزاماتها بموجب قانون حقوق الانسان والقانون الإنساني الدولي . ولفت المفوض إلى أن الزيادة في الاعتقال الإداري للفلسطينيين من قبل إسرائيل أصبح مصدرا للقلق الخطير ولاسيما بالنسبة للاعتقال الإداري بدون محاكمة ، ولفت إلى أنه في نهاية إبريل كان هناك مايصل إلى 700 معتقل فلسطيني إدارى ، وهو أكثر من ضعف الرقم في نهاية سبتمبر عام 2015 ، إضافة إلى وجود أكثر من 400 طفل فلسطيني في السجون الإسرائيلية بينهم 13 في الاعتقال الإداري أيضا ، وهو أعلى رقم منذ عام 2008 ، مطالبا إسرائيل بإلغاء ممارسة الاعتقال الإداري . وقال المفوض أن الوضع في غزة لايمكن الدفاع عنه أو قبوله، وذلك مع استمرار الحصار غير القانوني للقطاع والذي يعيق الأعمار والخدمات الأساسية ، كما انتقد بشدة مايسمى بمناطق الوصول المقيد على طول الحدود البرية والبحرية لغزة ،والذي يعرقل ليس فقط وصول سكان غزة إلى مصادر رزقهم ولكن أيضا يؤدي إلى وفيات وإصابات ، وقال إنه حتى الآن هذا العام ألقى القبض على 73 صيادا فلسطينيا واحتجزوا من قبل قوات الأمن الإسرائيلية ، محذرا من أن المناوشات الأخيرة على طول الحدود مع غزة هى إشارة تحذير بأن تصعيد آخر للأعمال العدائية هو وارد جدا ، مالم يكن هناك تحسن حقيقي لأوضاع شعب غزة . و في ليبيا أعرب المفوض السامي عن قلقه من الوضع في ليبيا وقال أنها لاتزال تعاني من العنف ومن الإفلات من العقاب ، مشيرا إلى أن مكتبه يوثق باستمرار الانتهاكات والتجاوزات من قبل جميع الأطراف ، لافتا إلى الهجمات على المدنيين وعمليات القتل والخطف لأسباب تعود إلى الأصل أو الدين أو الآراء السياسية . وقال المفوض أن جميع الأطراف يستخدمون الأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية دون اعتبار للحياة المدنية ، ونوه إلى أن المستشفى الرئيسي في بنغازي - ثانى أكبر مدن البلاد - تعرضت للقصف وبشكل متكرر خلال شهر مايو ، حيث تلفت وحدة العناية المركزة بها ، وأضاف أن الآلاف من الناس يواصلون المعاناة في مراكز الاعتقال التي تسيطر عليها كتائب مسلحة مختلفة ، حيث وثق موظفو مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة هذه الظروف القاسية في نفس الوقت الذي أشار المفوض إلى ما يتعرض له المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون في ليبيا من هجمات وعمليات اختطاف . المفوض الذي أشار إلى تقارير مقلقة بشأن ما يتعرض له الكثير من المهاجرين في ليبيا ، وبخاصة الاعتقال التعسفي لفترات طويلة وكذلك الهجمات وعمليات القتل غير القانونية والتعذيب وغيره من أشكال إساءة المعاملة والعنف الجنسى والاختطاف للحصول على فدية ، وقال إنه يجب تنفيذ جميع تدابير التعاون التي تجرى بين الاتحاد الأوروبي والسلطات الليبية على إدارة الحدود والهجرة مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان . وفى تقريره المحدث امام مجلس حقوق الانسان أعرب المفوض السامي عن قلقه من أوضاع حقوق الإنسان في العديد من مناطق العالم المختلفة ، مشيرا إلى الأوضاع في جنوب القوقاز وكذلك في أوكرانيا ، كما أعرب عن القلق من القوانين والتشريعات الروسية بخصوص منظمات المجتمع المدني ، وحذر أيضا من الضغوط التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان فى دول أوروبية هي المجر وبولندا ومقدونيا . كذلك انتقد وضع التدمير من استخدام الأسلحة الثقيلة فى بلدة نصيبين التركية ، وما يتعرض له الصحفيون هناك ، وطالب الحكومة بالاستجابة لطلب قيامهم بزيارة البلاد للتحقيق فى تلك الانتهاكات ، كما تناول المفوض السامى في كلمته أزمة المهاجرين إلى اوروبا ، مشيرا إلى الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون في كثير من البلدان الأوروبية بسبب إغلاق الحدود وأدان احتجاز المهاجرين والأطفال غير المصحوبين منهم في مراكز باتت معتقلات حقيقية ، مطالبا الدول الاوروبية بالبحث عن بدائل لهذه السياسة من خلال إعادة التوطين ، وكذلك العمل لحل مشكلات انتهاكات حقوق الإنسان في بلاد المنشأ لهؤلاء المهاجرين واللاجئين باعتبارها أصل الأزمة .