رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الصادرة اليوم السبت، أن الحرب الجوية التى تقودها الولاياتالمتحدة فى سوريا تقف على أعتاب بداية صعبة مع إنقلاب صفوف المعارضة المعتدلة السورية الأقرب إلى الولاياتالمتحدة ضدها، وفى ضوء رفض تركيا المساهمة ومحنة مدينة كوبانى الكردية المحاصرة التى تفضح القيود المفروضة على هذه الاستراتيجية. وأشارت الصحيفة - فى تقرير لها بثته على موقعها الإلكترونى اليوم - إلى تحذير المسئولين الأمريكيين من أن الضربات الجوية تعد مجرد بداية لاستراتيجية أوسع ربما يستغرق تنفيذها سنوات، فيما أدى الغضب المثار من أن شن هذه الهجمات ربما يتمخض عنه مخاطر تؤدى إلى تقويض جهود مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابى. واعتبرت أن المستفيد الرئيسى من هذه الضربات حتى الآن هو الرئيس السورى بشار الأسد، الذى استفادت قواته من التحول فى الميزان العسكرى لتصعد من هجماتها ضد قوات المعارضة المعتدلة، والتى وصفها الرئيس الأمريكى باراك أوباما بأنها "شريك لبلاده فى الحرب الدائرة ضد المتشددين". ولفتت الصحيفة إلى أن الأهداف الأمريكية تضمنت منشآت نفطية ومحطات كهرباء ومخازن حبوب تحت سيطرة "داعش"، فيما تسببت الخسائر الملحقة فى هذه المنشآت فى نقص وارتفاع أسعار المواد الغذائية بأنحاء المناطق الشمالية التى تسيطر عليها قوات المعارضة المعتدلة، مما يلحق الضرر بالسوريين العاديين أكثر من إضراره ب"المتشددين الممولين جيدا"، حسب قول سكان ونشطاء. وأوضحت أنه فى بداية الحملة الجوية، تم إطلاق العشرات من صواريخ "كروز" الأمريكية على المناطق التى تسيطر عليها المعارضة المعتدلة، والتى من المفترض أنها تقاتل "داعش" على نحو دفع السوريين الذين كانوا يطالبون فى السابق بتدخل أمريكى ضد الأسد إلى تنظيم التظاهرات للتنديد بالولاياتالمتحدة وإحراق العلم الأمريكى. ونقلت الصحيفة عن معارض سورى فى محافظة إدلب يدعى أبو وسيم قوله "إن جميع السوريين يعارضون هذه الضربات الجوية، فبعد أن كنا نطلب خلال الثلاثة أعوام الماضية العون من الغرب، قرر الغرب الأن محاربة داعش فقط!.. وهذه الضربات الجوية برغم تمخضها عن إضعاف داعش، إلا أنها تسببت فى تعزيز قوة النظام". ومن جانبهم، أكد مسئولون أمريكيون أن الضربات الأمريكية تسعى إلى تحقيق أهدافها، التى تتمثل فى إضعاف وهزيمة المسلحين فى نهاية المطاف، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارى هارف "إن الضربات الجوية تصيب الأهداف التى حددناها، فهى جرفت مواقع لداعش واستولت على دباباتها وأسلحتها، وهو أمر قدم أشكالا عديدة للمساعدة". وتأكيدا لهذه التصريحات، نسبت "واشنطن بوست" إلى بعض السكان فى المناطق التى سيطرت عليها داعش قولهم "إن الهجمات الغربية ضد التنظيم ألحقت تأثيرا واضحا بتكتيكاته وأساليبه، ففى مدينة الرقة، ظهر الجهاديون الأجانب الذين كانوا يجوبون فى السابق جميع أنحاء المدينة فى قوافل مدرعة متباهين بمركبات همفى الأمريكية والغنائم الأخرى التى استولوا عليها من الجيش العراقي، وهم يستقلون حاليا سيارات عادية". وأوضحت الصحيفة أن مسلحى "داعش" أخلوا مقارهم ونقاط التفتيش ومراكز القيادة والمحاكم وغيرها من المرافق، التى دهنت أغلبها بألوان أعلام "داعش" ذات اللونين الأسود والأبيض. وقال مواطن سورى أخر "إن الضربات الجوية الأمريكية لا تحظى بدعم شعبى بين أوساط الشعب السورى فى الرقة، الذين يتوقون إلى وضع حد لحكم داعش القاسي، مشيرا إلى أنه منذ بداية الحملة الجوية الأمريكية، توقفت الغارات الجوية التى كانت تشنها قوات الأسد".