تناولت في مقالٍ سابق استقالة السيد وزير التعليم دكتور يسري الجمل بعد مقتل التلميذة "ألمظ" في مدرسة بني غني بمحافظة المنيا ، والتي تزامنت مع جريمة تشويه طالب المدرسة الثانوية بالعجوزة "محمد عبدالعظيم" وقتل إسلام تلميذ الاسكندرية علي يد ُمدرسه .. وكما توقعت اعتياد الوزير مثل هذه الأخبار"البسيطة"مادامت بعيدة عن المقربين وكبار المسئولين!إذن لن يعر هؤلاء اهتماماً والحقيقة أنني حاولت التوقف عن حلم استقالة دكتور يسري الجمل إلا أن صوره تطاردني يومياً في كل الصحف بابتسامة تحمل نفس براءة الأطفال القتلي وهدوئه الذي كدت أطالبه بتعليم فنونه في المدارس..كل صورة تحمل بجانبها كارثة ..مثال الذعر الذي أحدثه اختطاف ثلاثة تلاميذ من مدرسة في عزبة النخل واستلام أولياء الأمور أبناءهم بعد الواقعة ببصمة اليد! يانور النبي ..عدنا مع وزارة حضرته نبصم لأن اللهو الخفي يدخل المدارس ويؤدي دخوله إلي قتل أو اختطاف الصغار..ثم تلميذة كفر الشيخ التي ألقت بنفسها من الدور الثاني خوفاً من بطش مُدرستها تهشمت تماماً فأصبحت لاهي قتيلة ولا سليمة ..ولا شك أن الدكتور يسري الجمل مشغول للغاية .. لا يسمع ولا يري أو يتكلم لأنه يجهِّز كارثة جديدة لحرق دم أولياء الأمورة ففي سرية شديدة قرر توزيع منشور علي المدارس يعلن فيه تقديم موعد الامتحان ذلك لأن الشعب المصري يحب المفاجآت والخاصة تحديداً بتعليم أبنائهم ..بينما مديرة مدرسة بالإسماعيلية توجه تلميذاً بمدرستها بغسل وجهه بعد أن تلقي ضرباً مبرحاً من مدرسه "بالبوكس والشلوت" أحدث له سحجات وكدمات والتلميذ الغريب تطاول وشكا للمديرة ! أما الواقعة التي أثارت استفزازي فهي ما شهدتها مدرسة الشيخ محمد متولي الشعراوي الصناعية بالقاهرة الجديدة والتي كان ضحيتها الطالب "مصطفي محمود"، عمره سبعة عشر عاماً، أصابه زميله بجرح نافذ بالرأس وكسر بالجمجمة وتهتك في جدار المخ نتيجة ضربه من زميله بسيخ في فناء المدرسة.. أي أن الطالب سقط صريعاً وزميله أصبح مجرماً ..فضلاً عن المدرس الذي سكب الماء المغلي علي وجه طالب ليحدث له حروقا من الدرجة الثالثة ..كل هذه الوقائع بين أسوار المدارس .. ولا يشغل معالي الوزير شيئاً مطلقاً سوي الاحتفاظ باللقب .. ما يشغلني الآن ومعي ملايين المصريين ..إذا كان السيد يسري الجمل لا يبالي بأرواح الأطفال التي تعلقت بعنقه ، وسلوكيات التلاميذ التي باتت تمتزج بالبلطجة أو الانحلال كما حدث في إحدي مدارس مدينة نصر وتحولت الطالبات إلي راقصات بعد أن حزمهن زملاؤهن وصَّورهن آخرون بأجهزة المحمول لتنتشر الصورةالقبيحة في المنازل وبين الشباب بعد أن كان الولد يحمي البنت من الصغر ويشب علي احترامها ورعايتها كأخت أو زميلة أو صديقة أو حتي حبيبة.. ومنذ أن نسيت وزارة الدكتور يسري الجمل التربية التي كانت محور التعليم في مصر ترتكز عليها العلاقة بين التلاميذ ومدرسيهم ! ضاعت ومعها هيبة المعلم الذي كنا نبجله تبجيلا وكاد حتي قبل قدوم وزير التعليم يسري الجمل أن يكون رسولا! يا سيادة الوزير .. المنصب زائل..زائل..اليوم أو غداً أو بعد غد ..المهم وما يبقي ماذا أعطيت وبم يذكرك الناس ؟! الناس الطيبون المغلوبون علي أمرهم أمام هذا التحول الكبير في تعليم أبنائهم وسلوكياتهم .. والعلاقة بين الأطفال ومدرسيهم ..إما يحكمها العنف أو الاستهتار وعدم الاحترام .. أمام كل هذه الأحداث التي أصبحت مصدر ألم نفسي لدي كل من تابعها وتابع معها انهيار التعليم والأخلاق في مصر .. مصر يا دكتور يسري .. مصر التي لم تؤذ يوماً حتي من آذوها.. مصر الحنون العطوف المعطاءة بجنون ولم يوقف عطاءها أحد مهما أساء أو تهاون في حقها ..رفقاً بها وأبنائها المسالمين .. ومنْ يتستر علي بقاء الدكتور يسري الجمل فليحمل معه وزر ما آلت إليه التربية والتعليم. [email protected]