بدأت شركتا لافارج والعربية للأسمنت استخدام الفحم فى توليد الطاقة الحرارية، بشكل رسمي، إستنادا إلى قرار ابراهيم محلب رئيس الوزراء، والذى اتفقت عليه المجموعة الإقتصادية فى شهر مايو الماضي، وفقاً لما أكده ثلاثة مصادر. يأتى ذلك فى الوقت الذى خفضت فيه وزارة البترول إمدادت الغاز للمصانع كثيفة الإستهلاك -ومن بينها الأسمنت- لإستخدامه فى توليد الكهرباء، فى ظل أزمة طاقة طاحنة تعيشها البلاد منذ عدة سنوات وخاصة فى فصل الصيف حيث يزيد إستهلاك الكهرباء فى المنازل. قال مدحت إسطفانوس رئيس شعبة مصنعى الأسمنت باتحاد الصناعات، ونائب الرئيس التنفيذى لشركة تيتان فى مصر، إن قرار رئيس الوزراء الصادر عن المجموعة الإقتصادية ينص على "السماح لمصانع الأسمنت بالعمل فوراً بإستخدام الفحم وفقاً لمعايير قانون البيئة الحالية وذلك بصفة مؤقتة لمدة 3 أشهر تمتد 3 أشهر أخرى لحين إنتهاء وزارة البيئة من وضع المعايير اللازمة لإستخدام الفحم فى صناعة الأسمنت". وأشار إلى أن "هناك مصنعيين يعملان حالياً بإستخدام الفحم وهما "العربية" ولافارج بإعتبارهما كانا جاهزين لإستخدام الفحم"، مضيفاً أنه "لا يمنع باقى المصانع من إستخدام الفحم سوى الإنتهاء من التجهيزات الفنية لتحويل خطوط الإنتاج للعمل بالفحم إلى جانب الغاز أوالمازوت". وقال خالد فهمى وزير البيئة فى تصريحات اليوم، نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، إن مجلس الوزراء يعكف حاليا على دراسة خليط الطاقة من البترول والغاز الطبيعى والشمس والرياح والمخلفات لاستخدامه فى مصر. وأضاف فهمي، أنه فيما يتعلق باستخدام الفحم فى صناعة الأسمنت، "سيتم طبقا للضوابط والمعايير الآوروبية التى تعد أكثر المعايير صرامة فى العالم، وفى حالة مخالفة المنشأة لهذه المعايير سيتم منع استيراد الفحم عنها، كما سيكون هناك تقرير للأداء البيئى الذى سيراقب مدى التزام شركات الأسمنت عند استخدامها للفحم". وقال خالد غريب رئيس قطاعات الاستراتيجيات فى شركة لافارج، لأصوات مصرية، إن شركته تعمل حالياً بإستخدام الفحم خاصة بعد قطع إمدادات الغاز عن الشركة بشكل شبه كامل خلال الأيام الماضية، على حد قوله. وأشار إلى أن الشركة لم تحصل على كامل كمياتها المتعاقد عليها من الغاز مع الحكومة منذ فبراير 2012. وأضاف إن إنخفاض إمدادات الغاز تسبب فى تراجع الكميات المنتجة إلى 5.5 مليون طن فقط مقارنة ب10 ملايين طن الطاقة القصوى للمصنع. وأوضح أنه لا يمكن العمل بإستخدام الفحم فقط وأن الشركة تعتمد عليه حالياً لإنتاج الكميات المطلوبة، وأنها وضعت خطة لإستخدام المخلفات فى توليد الطاقة الحرارية بنسبة تصل إلى 30% من الطاقة المستخدمة بحلول عام 2016، و50% فى عام2020، على أن تكون النسبة المتبقية للفحم وجزء صغير من الغاز. وقال "إن كميات الفحم التى إستوردتها الشركة فى فترة سابقة كانت كميات صغيرة بغرض التشغيل التجريبي"، وأنها تعتمد حالياً على إستخدام "الفحم البترولي" الناتج عن عمليات تكرير وتقطير البترول، وليس الفحم الحجرى "coal"، وذلك بالإتفاق مع شركة "ميدور"، موضحاً أن فحم المغارة لايصلح للإستخدام فى مصانع الأسمنت لأن "جودته غير جيدة". وأشار غريب إلى أن الشركة تقوم بتدبير إحتياجاتها من الفحم عن طريق شركة تابعة لمجموعة لافارج العالمية والتى تتولى عملية تنسيق توريد الفحم لمصانع الشركة فى العالم كله وليس مصر فقط، و أن لافارج مصر لن تقوم بالإستيراد بنفسها أو من خلال وكلاء. وأضاف أن قرار رئيس الوزراء كان واضحاً وأنه طالب المصانع باحترام المعايير الحالية من حيث الالتزام بالحد الأقصى المسموح به للانبعاثات الكربونية. وقال إن الحكومة لم تناقش الشركة فى المعايير التى تعتزم تطبيقها، إلا أنه قال إن الشركة تنتظر هذه المعايير للتوافق معها. ويذكر أن وزارة البترول توقفت عن إمداد شركة العربية للأسمنت بالغاز بشكل كامل بداية من يوم الأربعاء الماضي، وفقاً لمصدر مطلع، وأن الشركة تعمل حالياً بإستخدام الفحم فقط، وذلك لعدم قدرة خطوط إنتاجها على العمل سوى بإستخدام الغاز أو السولار، ولذلك لا يمكنها إستخدام المازوت على غرار مصانع أخرى. وقال مصدر مسئول بإحدى شركات الأسمنت العاملة فى السوق -رفض ذكر إسمه- إن قرار مجلس الوزراء نص فى بداية الأمر على إعتماد الفحم كأحد مصادر خليط الطاقة، و أمهل وزيرة البيئة وقتها ليلى إسكندر 14 يوماً لوضع معايير إستخدامه فى مصانع الأسمنت، إلا أن الوزيرة التى قادت حملة ضد إستخدام الفحم طلبت وقتاً للدراسة، وهو ما دفع المجموعة الإقتصادية برئاسة محلب بإصدار قرار بالسماح "فوراً" بإستخدامه ومهلة 3 أشهر لوزارة البيئة لوضع المعايير. ونص قرار مجلس الوزراء فى إجتماعه يوم 2 إبريل الماضى على "استخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة فى مصر مع الإلتزام بوضع الضوابط والمعايير البيئية والحصول على موافقة دراسات تقييم الأثر البيئى فى كل مراحل إستيراد وتداول وتخزين وإستخدام الفحم، وإتباع أحدث التكنولوجيات التى من شأنها تقليل الإنبعاثات إلى أقل درجة ممكنة، مع الإلتزام بإجراءت الوقاية الموصى بها فى منظمة الصحة العالمية وإلزام الهيئات والشركات والمصانع التى تتعامل فى تصنيع أو إستيراد أو نقل أو تخزين أو إستخدام الفحم بكافة الإجراءات، والعمل على تعديل قانون البيئة بزيادة العقوبات على الجهات المخالفة للضوابط والمعايير البيئية وفرض ضريبة على مستخدمى الفحم أسوة بما هو مطبق دولياً". وأشار المصدر إلى أن قرار رئيس الوزراء الصادر عن المجموعة الإقتصادية فى مايو الماضي، ألزم الشركات بمراعاة المعايير الحالية فى قانون البيئة وألا تكون المصانع فى مناطق سكنية أوسياحية، وكذلك مراعاة عدم إحداث تلوث أثناء عمليات النقل والمناولة والتخزين. وأضاف أن المصانع المحلية مستعدة لتطبيق المعايير الأوروبية فيما عد البند الخاص ب"الغبار" والذى ينص على ألا تزيد عن 50 ميلى جرام فى كل متر مكعب من الغازات، بينما النسبة المسموح بها فى مصر 100 ملى جرام، مشيرا إلى أن تبديل الفلاتر الحالية لتتوافق مع النسبة المنصوص عليها فى المعايير الأوروبية سيكبد المصانع تكلفة عالية.