قد يكون الفوز الذي حققه ريال مدريد الاسباني على مانشستر يونايتد الانجليزي (2-1) مساء أمس الثلاثاء في اياب الدور الثاني من مسابقة دوري ابطال اوروبا، مثيرا للجدل بسبب البطاقة الحمراء التي رفعت بوجه البرتغالي لويس ناني، لكنه توج ثمانية ايام مجنونة بالنسبة للنادي الملكي الذي "خرج من بين الاموات" وابقى على اماله بإنفاذ موسمه. قبل اسبوع فقط كان الجميع يتحدث عن أن ريال مدريد خرج من الموسم الحالي خالي الوفاض بسبب تخلفه عن صدارة الدوري المحلي بفارق 16 نقطة واكتفائه بالتعادل 1-1 في المباراتين اللتين خاضهما بين جماهيره في ذهاب نصف نهائي الكأس المحلية أمام غريمه الازلي برشلونة والدور الثاني لمسابقة دوري أبطال أوروبا أمام يونايتد. لكن النادي الملكي انتفض وتمكن من حجز بطاقته إلى نهائي المسابقة المحلية بالفوز على برشلونة ايابا في معقل الاخير 3-1، ثم جدد تفوقه بعد أيام على غريمه الكاتالوني بالفوز عليه 2-1 في الدوري، ليتحضر بشكل مثالي لموقعته مع يونايتد في "اولد ترافورد". من المؤكد أن علاقة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو بلاعبيه الكبار في النادي الملكي كانت بعيدة كل البعد عن المثالية هذا الموسم، ما دفع وسائل الاعلام المحلية والاوروبية على حد سواء للتحدث عن رحيله في نهاية الموسم. لكن ما سيحصل في نهاية الموسم لم يعد من أولويات مورينيو بعد مباراة الأمس، إذ تلقى المدرب البرتغالي دفعة معنوية هامة من بوابة يونايتد من أجل مواصلة حلمه بأن يصبح أول مدرب يتوج باللقب الأوروبي المرموق مع ثلاثة اندية مختلفة، إذ سبق له أن احرزه عام 2004 مع بورتو وعام 2010 مع انتر ميلان الايطالي. ومن المؤكد أن مورينيو يحلم اكثر من أي وقت مضى باللقب الاوروبي لأنه سيكون العاشر لريال مدريد في المسابقة بصيغتيها القديمة (كأس الاندية الاوروبية البطلة) والحالية، والأول للنادي الملكي منذ 11 عاما، اي منذ عام 2002، بعدما اكتفى منذ حينها بمشاهدة غريمه برشلونة يفرض سطوته بإحرازه اللقب ثلاث مرات اعوام 2006 و2009 و2011. لكن جماهير النادي الملكي لن تكون راضية تماما عن مورينيو بسبب التصريح الذي أدلى به أمس بعد المباراة حين قال بان "الفريق الافضل لم يفز" في اشارة منه الى سيطرة يونايتد على اللقاء الذي كان فيه البادئ بالتسجيل قبل أن تنقلب الامور رأسا على عقب بطرد ناني. وقد اعتبرت الصحف البريطانية الصادرة اليوم في تحليلاتها البعيدة عن انتقاد الحكم التركي جنيات شاكير، ان التصريح الصادر عن مورينيو يعزز فرضية أنه يرغب باستلام الاشراف على يونايتد بعد ان يقرر "صديقه" الاسكتلندي اليكس فيرجسون الاعتزال. ويعتبر الدوري الممتاز الوجهة المحتملة لمدرب تشيلسي اللندني سابقا في حال قرر ترك "سانتياغو برنابيو"، واصبح منصب فيرجسون ما يبتغيه المدرب البرتغالي بحسب وسائل الاعلام البريطانية بسبب الغزل والمودة بين الرجلين اللذين اشتهرا بمشاداتهما العلنية خلال فترة وجود البرتغالي مع تشيلسي. وبعيدا عن المستقبل والرغبة في خلافة فيرجسون من عدمها، لقد أثبت مورينيو في الايام القليلة الماضية قيمته كمدرب من الطراز الرفيع جدا بعد أن عرف كيف يتعامل مع برشلونة ويجبره على كشف نقاط ضعفه، ثم بخياراته الصحيحة في مباراة الأمس أمام يونايتد حين زج بالكرواتي لوكا مودريتش في الوقت المناسب فكان الاخير عند حسن ظنه واهدى ريال هدف التعادل ورجح كفته من ناحية السيطرة. وقد اكد مورينيو انه كان مصيبا في سعيه جاهدا من أجل خطف خدمات مودريتش من توتنهام، ورغم انه لم يعتمد على الاخير كثيرا في مشوار هذا الموسم، فهو كان يعلم بان بإمكان الكرواتي ان يقلب توجه المباراة رأسا على عقب كونه يعرف الكرة الانجليزية جيدا، كما حال مواطنه كريستيانو رونالدو الذي اطاح بفريقه السابق من المسابقة بتسجيله هدف الفوز. كما ظهرت حنكة مورينيو باعتماده في قلب الدفاع على الفرنسي الشاب رافايل فاران رغم ان الاخير لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، وذلك على حساب مواطنه المتهور بيبي الذي لم يتمكن من استعادة مكانه في التشكيلة رغم شفائه من العملية الجراحية التي خضع لها في كاحله اوائل العام الحالي. ومن المؤكد ان جميع الاندية التي ستخوض غمار الدور ربع النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا الذي تسحب قرعته في 15 الحالي، تأمل تجنب مورينيو ورجاله المنتفضين على نفسهم والاخرين لكي لا تذهب ضحية "فورة" النادي الملكي.