• نيويورك تايمز: إعادة حكم «أسرة السنوسى» مقترح لإخراج البلاد من أزمتها.. ويجد صدى بين قطاع من الليبيين • مؤيدو المقترح: الشعب بحاجة للالتفاف حول شخصية أبوية محل احترام.. ومعارضوه: درب من الخيال • الأمير محمد السنوسى المرشح الأبرز لمنصب الملك يجد منافسة من ابن عمه إدريس المقيم فى إيطاليا فى طرابلس، العاصمة الليبية التى يسيطر عليها حكومة وبرلمان ينازعان المؤسسات المعترف بها دوليا، السلطة منذ عام ونصف العام، يختبئ القصر الملكى المهجور خلف بوابات مغلقة وحديقة مترامية، إلا أنه مازال يمثل رمزا لرفض العقيد معمر القذافى الذى أطاح بآخر ملوك ليبيا، إدريس السنوسى، فى انقلاب عسكرى عام 1969، للنظام الملكى فى البلاد. القذافى لم يطح فقط بالملك ادريس، لكنه ألغى النظام الملكى والعلم الملكى، وقام بنفى أو سجن أقارب الملك، وحول القصر ذا القبة الذهبية إلى ساحة مكتبية، ثم صار مكتبة. وفى 2009، أصبح القصر متحفا خاصا فخما للآثار الكلاسيكية. وبعد 47 عاما على انقلاب القذافى، مازال السنوسى الذى توفى فى القاهرة عام 1983، يعتبر لدى قطاع من الليبيين، رمزا لوحدة البلاد والاستقرار. والآن، تمخضت خزانة الملكيين عن اقتراح راديكالى لانتشال البلاد من أزمتها السياسية والأمنية، ألا وهو استعادة النظام الملكى، بشكل مؤقت على الأقل، بما يسمح لليبيين بالالتفاف حول شخصية أبوية محل احترام، والبدء فى إعادة بناء دولتهم الممزقة، حسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أمس. وخلال الفترة الأخيرة، وصلت ليبيا إلى حالة كبيرة من الفتكك، إذ إن هناك ميليشيات متناحرة تسعى باستمرار من أجل الهيمنة. وفى قتال عنيف يوم الثلاثاء الماضى، شرقى مدينة بنغازى، تبدلت القوة المسيطرة على عدة أحياء، حيث طرد الجيش الليبى إسلاميين متطرفين من أماكن سيطروا عليها شهورا طويلة. وفى الغرب، قام مقاتلو «داعش» بقطع رءوس 12 مسئولا فى بلدة صبراتة، وهو المكان الذى شهد قصف الطائرات الأمريكية لمعقل للتنظيم خلال الأسبوع الماضى. وفق «نيويورك تايمز»، فإن قطاعا من الليبيين بات يدعو بقوة إلى عودة الحكم الملكى لإنقاذ البلاد من التفكك وإخراجها من الفوضى الحالية، باعتبار أن الملك هو «رمز وحدة الشعب». إلا أن ليبيين كثرا يسخرون من تلك الفكرة باعتبارها دربا من الخيال يقوده حنين ليس فى محله لعصر اعتبار ليبيا مملكة موحدة، خلال الفترة بين 1951 و1969. وتعليقا على هذا الاقتراح، قال عبدالرحمن السويحلى، وهو أحد السياسيين المؤثرين بمصراتة (غرب): «ليس بإمكاننا العودة للوراء 60 عاما، الأشخاص الذين يتحدثون عن تلك الأشياء يعيشون على سحاب أرض الواقواق». ورغم الخلاف بين الليبيين بشأن اقتراح عودة النظام الملكى ولو لفترة مؤقتة، فإنهم جميعا يتفقون على أن الويلات فى ليبيا تزداد سوءا وتتسارع. فسياسيا، تتمزق ليبيا بين برلمانين متناحرين، أحدهما فى طرابلس بالغرب، والآخر فى طبرق بالشرق. وعسكريا، تتنافس جماعات من الميليشيات التى تدين بالولاء لمدن وقبائل وأيديولوجيات دينية مختلفة من أجل السيطرة، ما يخلق أزمات انسانية حادة، فى وقت يتراجع فيه انتاج النفط، مصدر الثروة فى البلاد.
ووسط الفوضى، وجد تنظيم «داعش» موطأ قدم له فى البلاد، وبات مسيطرا على 150 ميلا من الساحل الليبى، ويملك 6500 مقاتلا، وفق تقديرات أمريكية، ما فتح الباب أمام حديث يزداد صداه يوما بعد يوم عن تدخل غربى لضرب مواقع التنظيم فى البلاد، يراه مراقبون لن يزيدها إلا تمزقا. وهؤلاء الذين يدعمون اقتراح عودة الملكية، يراهنون على ولى العهد الذى لا يذكره أحد، محمد السنوسى، وهو ابن أخ الملك إدريس. وقد عمل من قبل لدى وزارة الزراعة بحكومة القذافى، ولكنه نُفِى فى أواخر عام 1980. محمد السنوسى كان له حضور بارز فى وسائل الإعلام عندما سقط نظام القذافى فى أوائل عام 2011، مُقدما خدماته لإعادة بناء البلاد، ولكن فى السنوات الأخيرة أصبح شخصية أكثر بعدا عن الساحة، ويطل على الليبيين عبر تسجيلات مصورة منشورة على الإنترنت بين الحين والآخر. ورفض السنوسى الحديث إلى نيويورك تايمز عن الحراك الداعى لعودة الملكية، لكن أحد مساعديه، علاء السنوسى، قال إن «الأمير كان مستعدا للعودة إلى ليبيا لو طالب الشعب بذلك». ويبقى عدد المؤيدين لإعادة الملكية سؤال بلا إجابة، لكن حقيقة أن الفكرة تلقى دعما رمزيا من الخارج ومن بعض الليبيين، يعتبر اشارة، بحسب كثير من المراقبين، إلى حاجتهم إلى زعيم بإمكانه إيجاد طريق للخروج من الفوضى الحالية. وقال قائد ميليشيا الإسلاميين الذين أصبح لهم الحضور الطاغى فى طرابلس، عبدالرءوف كاره: «إذا استمر هذا القتال، فإن العديد من الليبيين سوف يرون عودة الملكية حلا قابلا للتطبيق»، مضيفا: «عقب خمس سنوات من الحرب، يئس الناس من السياسيين لأنهم كاذبون، وهناك الكثير من الفساد والهدر». ولكن ملكا بدون جيش يبدو أمرا متهورا فى بلد يعج بالأسلحة وشكاوى العنف، كما أن التقليد الليبى لنظم الحكم وحتى العائلة الملكية ليسا بمنأى عن الطائفية. وفى قاعات الفنادق بتونس والمغرب، حيث تدور الكثير من النقاشات حول مستقبل ليبيا، يواجه ولى العهد منافسة يمثلها ابن عمه الأمير إدريس السنوسى، والذى يقدم أيضا خدماته كبانٍ للدولة. وقال الأمير إدريس، وهو ورجل أعمال مستقر بإيطاليا فى حديث تليفونى مع «نيويورك تايمز»: «الليبيون فى حاجة لشخص بإمكانهم النظر إليه كأب. أنا لا أقول إنه على أنا أن أقود، ولكن إذا أراد الناس لى أن أتولى هذا الموقع، فأنا أرغب فى ذلك».