إلى أن تتضح التفاصيل الكاملة بشأن «التحالف الإسلامى العسكرى لمحاربة الإرهاب» فسوف نعرض سريعا لمجموعة من الملاحظات والمخاوف حتى لا نجد أنفسنا كامة عربية وإسلامية فى ورطة أكبر من تلك التى نعيش فيها. الملاحظة الأولى وهى مبدئية: إن الدول العربية والإسلامية تحتاج فعلاً أن تقوم هى قبل أى طرف آخر بمحاربة الإرهاب الذى يتمسح بالإسلام ويشوه الدين الحنيف أكثر من الأعداء. لكن السؤال الجوهرى: هو كيف يتم ذلك بأفضل صورة ممكنة؟ الملاحظة الثانية: إن التحالف الذى أعلنته السعودية تم فجأة، بل إن البيان السعودى نفسه، قال إن التحالف تم تشكيله خلال ال72 ساعة الأخيرة، وسيتم وضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة لاحقا، وإن هناك عشر دول أبدت تأييدها للتحالف، وهو ما يعنى أن عامل السرعة، كان حاسما، من دون دراسة كافية، وهى نقطة فى غاية السلبية. الماحظة الثالثة:إن بيان الإعلان عن التحالف قال انه يتكون من 35 دولة، وبالتدقيق فى أسماء هذه الدول يتضح أن معظمها هامشى من ناحية القوة العسكرية، وإن البلدان الأبرز فيه هى: السعودية ومصر وتركيا والإمارات وباكستان والسودان وماليزيا ونيجيريا،إلا إذا كانت بقية الدول سوف تتكفل بإرسال قوات إلى مناطق النزاع الملتهبة فى اليمن وسوريا وليبيا وغيرها. الملاحظة الرابعة: إن من بين الموقعين دول لا توجد لديها قوات بالمرة مثل فلسطين الواقعة تحت الاحتلال الصهيونى الكامل، والصومال المفككة، واليمن التى تعانى حربا أهلية طاحنة، وليبيا المقسمة، وربما يكون المقصود فى هذه النقطة المعنى السياسى بوجود دول كثيرة داخل التحالف. الملاحظة الخامسة: وهى الخطيرة إن التحالف يضم الدول السنية بالأساس، ولا توجد به دولة ذات غالبية شيعية مثل إيران، وبالتالى فالخشية أن يفهم البعض هذا التحالف باعتباره سنيا ضد الشيعة أو يساهم فى تأجيج هذا الصراع الطائفى المقيت بدلاً من تهدئته. الملاحظة السادسة: هى أن هذا التحالف جاء بعد تأكيدات أمريكية رسمية متتالية بضرورة تشكيل تحالف إسلامى سنى لمحاربة داعش خصوصا من قبل جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى، وقبل أيام قليلة دعا النائبان فى الكونجرس الأمريكى جون ماكين وليندساى جراهام إلى تشكيل هذا الجيش من مائة ألف مسلم سنى لمحاربة داعش، وهى الفكرة التى هاجمها كثيرون باعتبارها تكرس الانقسام الطائفى، وتعنى أن المناطق التى سيتم تحريرها بواسطة هذا الجيش السنى ستصبح بالضرورة تحت سيطرة السنة، ما يعزز الانقسام على أساس طائفى. الملاحظة السابعة: إنه لم يصاحب الإعلان عن هذا التحالف أى تفصيلات عن طبيعته وآليات عمله، وعدد القوات المشاركة، ومن أى دول وعلى أى أساس، وما معنى أن المقر والقيادة فى السعودية فقط، وما الميزانية المخصصة، ومن الذى سوف يتكفل بها؟ الملاحظة الثامنة: إن هذا التحالف قد يعنى عمليا إجهاض القوة العربية المشتركة التى اقترحتها مصر وتبنتها عمليا القمة العربية الأخيرة فى شرم الشيخ فى آخر مارس الماضى. هل نفهم الآن إن الاعتراضات السعودية والخليجية هى التى أوقفت القوة العربية، وبالتالى نسأل على أى اساس ستكون القوة الإسلامية الجديدة، هل على أساس الدين فقط أم المذهب، وما معنى تبعيتها لمنظمة المؤتمر الإسلامى طالما أنها لم تضم كل دولة؟! الملاحظة التاسعة: تتمثل فى سؤال يقول: هل هذا التحالف العسكرى مرتهن فقط بالقضاء على داعش فقط أم أنه مستمر؟ والمعنى إن داعش قد ينتهى كتنظيم غدا أو بعد شهر أو عام وربما يستمر كفكرة أو فلول لأعوام كثيرة، وبالتالى ينبغى أن تكون التوقيتات واضحة وهل هى مؤقتة بفترة أم مفتوحة؟ الملاحظة العاشرة: هل يمكن لهذة القوة الجديدة أن تحارب داعش والقاعدة فى اليمن والقاعدة، ثم يتطور الأمر إلى مواجهة الحوثيين أيضا؟ لأن الإعلان المبدئى لم يحدد بالضبط الأماكن، التى سيتم فيها مواجهة داعش؟ الملاحظة العاشرة: ما موقف التحالف الجديد من الأزمة السورية، وهل تكون البداية بإرسال قوات إلى هناك حيث يحتل داعش نصف سوريا، وإذا تم القضاء على داعش هناك، فهل يتطور الأمر ويواجه التحالف الجيش السورى المؤيد للأسد وحلفائه إيران وحزب الله وروسيا، وبالتالى تبدأ الحرب السنية الشيعية رسميا بدلاً من كونها مستترة الآن؟! الملاحظة الأخيرة: رجاء حار إلى القيادة السعودية وكل أعضاء التحالف الجديد أن يدرسوا كل الملاحظات السابقة بعناية شديدة، ويحسموها قبل أن نتورط فى أى كوارث جديدة نحن فى غنى عنها، ولدينا منها الكثير عربا ومسلمين.