«مش أنا اللى بارمى الزبالة هنا، فيه ناس تانيه هى اللى بترميها»، رد بسرعة صاحب عربية كارو كانت تحمل بقايا طوب ورمل وفرغها عند سور مجرى العيون أمام مستشفى الأطفال 57357، ثم فر هاربا. أكوام القمامة ومخلفات المدابغ وجزارات «السقط» كانت تمتد بطول السور فى الجهة المقابلة لحى السيدة زينب، الأمر الذى دفع المسئولين لإنشاء نقاط أمنية عند المستشفى وتحت كوبرى فم الخليج. وعلى مسئولية رئيس حى السيدة زينب اللواء أحمد عبد الفتاح «انخفضت كمية ما يتم رميه إلى 60%، وانحسر إلقاء المخلفات عند أسفل الكوبرى». النقاط الأمنية التى تحدث عنها اللواء مهمتها منع أى شخص من إلقاء القمامة، فى كل مكتب أربعة مندوبين، اثنان قسم شرطة السيدة زينب وشرطة المرافق وآخران من الحى والهيئة العامة للتجميل ونظافة القاهرة. وعلي الرغم من ذلك فالرائحة المنبعثة من القمامة تملأ الشارع وتؤذى سكان منطقة فم الخليج المحيطة. «أنا زهقت من كتر ما اشتكيت للحى من الزبالة ورائحتها والحشرات اللى بتجبها، وبطلت استقبل قرايبى وأصحابى بسبب الإحراج من المنظر». جزء من معاناة أشرف أحد السكان الذى يقع بيته خلف السور، وكلما اشتكى للحى ردوا عليه بأن المنطقة أمام السور تتبع حى السيدة زينب. النقطة الأمنية عبارة عن مبنى من غرفة صغيرة ودورة مياه وهى خالية من أى وسيلة اتصال حتى التليفون وتحيط بالمكتب القمامة التى يكاد ارتفاعها يضاهى ارتفاع الكوبرى. تحت الكوبرى يجلس بمفرده أمام الباب يسرى لطفى مهندس الهيئة المنتدب منذ إنشاء المكتب قبل عامين «المكان دا مش مكانى، بفتح المكتب من الساعة 8 الصبح إلى 4 العصر ومش باعمل أى حاجه». المهندس يسرى يأتى يوميا إلى المكتب، لكن الثلاثة الآخرين لا يتواجدون إلا قليلا. «القسم وهيئة المرافق يبعثان مندوبيهما عندما يتوافر لديهما عناصر، ومندوب الحى تم نقله، وأنا لوحدى فى المكتب». اعتراض يسرى على وجوده هناك ليس لكونه وحيدا بل لأنه وضع فى مكان لا يملك فيه أى سلطة لمنع الناس من إلقاء القمامة» لم يتم تدريبى أو إعطائى أى معلومات عن طريقة العمل قبل احضارى إلى هنا، فأفضل السكوت وتجنب المشاكل والجلوس فى المكتب»، وهو يخشى من أن يتعرض للإهانة أو الضرب على يد من سماهم «العصابات» وهم أصحاب الشاحنات والعربات الكارو الذين يأتون يوميا بحمولات يرمونها بالتنظيم مع بعض السكان خلف السور «البلطجية بيأخذوا فلوس على كل عربية بترمى عند السور، ولو أنا اعترضت هما إلى هيقفوا قدامى، لأن دى مصلحة لهم». لم يوقف يسرى أى سيارة مخالفة «حتى لو عندى سلطة لمنع المخالفين أمامى على الأقل 30 مترا حتى أصل لأقرب سيارة، ومش هلحق أمسك المخالف، لأنه بيرمى الحمولة ويجرى». وعندما يتواجد أحد مندوبى الأمن فإن السيارة التى تضبط مخالفة، يتم التحفظ عليها، ثم يتم إرسالها إلى «الإنقاذ»، وهو جراج تابع للحى توضع به السيارات حتى يدفع السائق الغرامة التى تتراوح بين 1500 و3000 جنيه للكارو والعربات الصغيرة، وتصل إلى 5000 جنيه لسيارات اللورى الكبيرة. إدارة الحى اتخذت بعض الإجراءات فحاولت إقناع أصحاب محلات اللحوم فى المنطقة بترك المحال والانتقال إلى منطقة المجزر الآلى. «وفرنا لهم محلات بديلة فى المنطقة الجديدة حتى نخلى السيدة من محلاتهم لكن دون فائدة»، لأن سبب تمسكهم بهذه المحلات فى رأى اللواء أحمد عبدالفتاح هو اعتيادهم على المنطقة. «كل واحد يقول أنا مش هامشى من مكانى». سلطات الحى سدت أيضا فتحات السور الذى يفصل بين السيدة زينب وحى مصر القديمة حتى تمنع خروج سائقى الكارو الذين يرمون القمامة، «وحتى لا نشوه الشكل الإسلامى للسور صممنا الحواجز بشكل يتناسب معه»، كما يقول رئيس الحى، الذى يعتبر حاويات القمامة فى منطقة أبوالريش صغيرة، تصلح لمخلفات البيوت، ولا تسع أبدا كميات الردش والزبالة التى تلقيها عربيات النقل الكبيرة.