التقت «الشروق»، على هامش المنتدى العلمى بهايدلبرج، مجموعة من الباحثين الشباب المصريين والعرب، تحدثوا عن التحديات التى تواجه البحث العلمى فى بلدانهم، موضحين أن أبحاث الرياضيات والكمبيوتر تحتاج إلى الدعم، ودعوا متخذى القرار إلى وضع سياسات، من شأنها تحفيز الطلاب للالتحاق بأقسام العلوم والهندسة وتدريس برمجة الكمبيوتر فى المدارس، وتمويل الدراسات العليا فى هذا المجال، منعا لهجرة تلك العقول إلى الخارج. يسرا إبراهيم، باحثة مصرية خريجة كلية الهندسة قسم علوم الكمبيوتر سنة 2007، تستكمل رسالة الدكتوراة حاليا فى ألمانيا، رشحتها عدة جهات للمشاركة فى المنتدى، أولها مؤسسة ماكس بلانك للأبحاث التى تعمل بها، تقول إن المنتدى مكنها من التواصل بشكل مباشر مع 27 عالما حاصلين على جوائز عالمية، ونحو 200 من شباب الباحثين المتميزين من 50 دولة». وتابعت «مناخ البحث العلمى هنا مشجع جدا». غادرت يسرا مصر منذ ثلاث سنوات تقريبا «الجهات الأكاديمية فى مصر لا تقدم منحا للتفرغ فى البحث العلمى، وعلى الباحث أن يجد عملا لكى يستطيع أن يصرف على البحث». وترى أن عدم وجود أولوية من الدولة للاهتمام بأقسام الكمبيوتر والرياضيات بالجامعات، تسبب فى تراجع إقبال الطلاب على الأقسام العلمية، موضحة أن دفعتها بقسم الكمبيوتر 70 طالبا وطالبة، فى حين أن نفس القسم يتخرج منه سنويا الآلاف من الطلاب فى الدول المتقدمة. لم يختلف الحال بالنسبة لدولة المغرب فى ضعف إقبال الطلاب على الأقسام العلمية، حيث تشير الباحثة زهور ملاحي «25 سنة» الحاصلة على الماجستير من جامعة محمد الأول، إلى أن عدد طلاب قسم الرياضيات فى دفعتها 20 طالبا وطالبة فقط، وبلغ عدد الذين رغبوا فى إعداد رسالة الماجستير 6 طالبات و5 طلاب. أما عن هجرة العقول، تقول زهور: «فى السنوات الأخيرة بالمغرب وفرت وزارة الدراسات العليا والبحث العلمى، منحا تتضمن مرتبا، وأموالا لدعم البحث»، وتضيف «حصلت على منحة حكومية لكى أستطيع استكمال دراستى، لكن فى ظل محدودية الإمكانيات لا تستطيع الجامعة توفير منح للمشاركة فى المؤتمرات الدولية التى تفيد مجال دراستى»، لذلك سعت إلى الحصول على منحة لحضور المنتدى، وتتابع « الآن أرجع إلى بلدى وفى ذهنى قصص نجاح رأيتها هنا، أود تحقيها محليا». وتزداد حدة ظاهرة هجرة العقول فى سوريا، بسب الحرب بحسب الباحث السورى جورج قريط الذى حصل على الماجستير فى مجال الرياضيات بألمانيا، موضحا أن الظروف السياسية فى البلدان العربية، تؤثر بالسلب على التعليم والبحث العلمى، مضيفا «تخرج فى كلية العلوم قسم الرياضيات فى عام 2014 نحو 120 طالبا من إجمالى 500 طالب بسبب ظروف الحرب»، وتابع «الباحث الجاد لا يجد أمامه سوى السفر خارج بلده». ومن الصدمات التى تلقاها «قريط» عقب سفره إلى ألمانيا، أن مستوى التعليم متقدم جدا خصوصا فى الدراسات العليا، ويعتبر أن المقارنة غير عادلة بين الدول المتقدمة وبين البلدان العربية، بسبب تكدس الفصول فى الأخيرة، وعدم تأهيل الكادر التعليمى، وضعف المرتبات وقلة الدعم الحكومى، والإدارة السيئة للمؤسسات التعليمية. ويضيف «قريط»، أن حضوره للمتندى، سمح له بالاتصال بالعلماء والباحثين، وساعده على تحديد مجال دراسته للدكتوراة، ودعا متخذى القرار بالدول العربية إلى الاهتمام بتطوير المناهج الأكاديمية، قائلا: «بعض المناهج أصبحت متاحة على الإنترنت، مما يعطى الدول النامية فرصة لمواكبة أحدث المناهج وتطبيقها». كما قرر الباحث اللبنانى، أحمد صبرا، هجرة بلده والسفر إلى أمريكا، للحصول على الدكتوراة من جامعة تامبل بولاية فلادلفيا فى مجال الرياضيات، متفقا مع «قريط» ويسرى فى ضعف التمويل الحكومى للباحثين، وعدم وجود برامج للدكتوراة فى جامعته حيث تخرج فى الجامعة الأمريكية فى بيروت، يقول: «الرياضيات أساس التقدم فى مجال الهندسة والتجارة والاقتصاد». وقال أحمد على، باحث مصرى حاصل على الدكتوراة فى مجال الكمبيوتر فى إحدى الجامعات بالسويد، إن هجرة الباحثين الشباب أصبح يزداد يوما بعد يوم: «هناك أكثر من 30 شابا من دفعتى بقسم هندسة الكمبيوتر بجامعة عين شمس هاجروا إلى ألمانيا خلال سنة واحدة للدراسة». وتابع: «لا نحب الغربة ونتمنى أن نعود يوما إلى مصر، حينما تتحسن الأوضاع»، وكان على قد ألقى كلمة ختامية فى المنتدى أشعلت حماس المشاركين، حيث أشارت إحدى زوجات العلماء عليه قائلة «أنا أعرفه هذا مصرى».