صمد هكذا طيلة ما يقرب من مئتي عام، جامعا الأسلوب الأوروبي في الزخارف وروح تخطيط العمارة الإسلامية وكان هو بداية ما نعرفه حاليا بحي شبرا الخيمة.. إنه قصر محمد علي الأثري الذي أعطى الأمر ببنائه عام 1808، لتدور السنين ويقع على بعد 500 متر منه مبنى الأمن الوطني. اختار محمد علي موقعا فريدا لقصره المميز الذي بناه بهدف الاستجمام وهدوء النفس، وعلى شاطئ النيل في منطقة شبرا شيد القصر على مساحة مقدارها 50 فدانا استولى فيه على عدة قرى وإقطاعيات، وبدأ البناء معتمدا على المعماري «ذو الفقار كتخدا» بنمط جديد لم تكن مصر تعرفه من قبل. بُني القصر على مراحل عدة استمرت 13 عاما انتهت في 1821م ثم أضيفت إليه سرايا الجبلاية عام 1836م، وهو عبارة عن مساحة مستطيلة أبعادها 76.5 متر × 88.5 متر. يتكون القصر من طابق واحد ويفتح بأواسط أضلاعه أربعة أبواب محورية يتقدم كل منها سقيفة، ويشغل كل ركن من البناء حجرة تبرز من الواجهة كأنها برج، ويتوسطه حوض به نافورة تنخفض عن أرضية البناء. وللوصول إلى قصره، أمر محمد علي بإنشاء شارع شبرا الذي كانت بدايته في عام 1847م كأحد أكبر الشوارع المصرية عرضا، هادفا إلى تحويله مكانا للنزهة والترويح خارج العاصمة. انفرد القصر بأنه شهد إدخال أول نظم الإضاءة الحديثة، فقد عرفت إنجلترا هذا النظام سنة 1820م على يد «جالوي»، فأمر محمد علي باستدعائه لعمل التجهيزات الخاصة بذلك في قصره وكان ذلك يعد نقلة نوعية هائلة. أما زخارف القصر فنفذت بأسلوب الرسوم الإيطالية والفرنسية في القرن التاسع عشر ، حيث استعان محمد علي بفنانين من الأرمن وفرنسا وإيطاليا واليونان. صبيحة اليوم الخميس 20 أغسطس، وقع انفجارا بمحيط مبنى الأمن الوطني الكائن على بعد 500 متر من القصر، الذي نعم بالهدوء طيلة قرنين من الزمان، وتسبب طبقا لوزارة الآثار في حدوث شروخ بالأرضيات والحوائط بسراي الجبلاي، وسقوط الشراعات التي تعلو المدخل الغربي والشرقي، وتحطم الزجاج المعشق بها. لتذهب تلك التحفة الفنية هباء جراء الإرهاب.