ثورة السيسى الدينية هدفها خطاب دينى معاصر الجهود المبذولة لتجديد الخطاب «غير مسبوقة».. لكنها لم تحقق غايتها حتى الآن قال الدكتور بكر زكى عوض، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن ميادين التجديد فى فكرنا الإسلامى واسعة، وأننا بحاجة إلى أن تجديد الفكر الإسلامى الذى سيطرح فى مجال «العقيدة والشريعة والأخلاق»، بالربط بين النص والفقة والفكر والمنتج العلمى الحديث. وأضاف، فى حواره مع «الشروق»، أن المادة التى تلقى على مسامع الناس، لابد أن تكون سهلة، بروح العصر ولغته فيما يتناسب مع متطلبات الزمان والمكان والأحداث، على ألا نهمل الأصول التى نستمد منها علومنا ومعارفنا، بحسب تعبيره وإلى نص الحوار: * ما رؤيتك لتجديد الخطاب الدينى؟ - هو إعادة طرح الإسلام بروح العصر ولغته بما يتناسب مع متطلبات الزمان والمكان والأحداث، ولابد عند التناول ألا نهمل الأصول التى نستمد منها علومنا ومعارفنا، وهى تنقسم إلى قسمين: كتاب، أى القرآن الكريم، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، نأخذ منهما فقها بفهم جديد، فى ضوء ما نحن فيه، وهناك ما لا يتأتى طرحه ولا يتوقف تركه إلا على فقه محكم له، وهو ما يعرف بوقائع العين فى التشريع الإسلامى فلا يجوز أن نطرح واقعة خاصة بفرض أنها قضية عامة فيها تشريع لكل الأمة مثل حديث إرضاع الكبير وحديث طهارة بول الرسول – صلى الله عليه وسلم ويلحق بها بعض الأحاديث التى كانت لزمانها أو لمكانها. * ماذا عن مجالات التجديد ؟ - ميادين التجديد فى فكرنا الإسلامى واسعة، فنحن بحاجة إلى أن نجدد الفكر الإسلامى الذى سيطرح فى مجال «العقيدة والشريعة والاخلاق»، والتجديد فى هذه الميادين يكون بالربط بين النص والفقة والفكر والمنتج العلمى الحديث، ولابد وأن تكون المادة التى تلقى على مسامع الناس سهلة ميسرة؛ يتأتى إدراك المراد منها لكل قارئ أو سامع ليسهل عليه استيعاب القضية محل الطرح عند التناول، كما أن مجال الشريعة والأخلاق من المجالات التى تتطلب تجديدا فى بعض الأحكام الفقهية، أو بعثا فى مجال الأخلاق الإسلامية بعد أن غابت عنا، أو غُيّبت، لمأرب خاصة فنحن لم نسمع فى خطب الجمعة أو العيد أو نقرأ فى الأعمال العلمية حديثا عن النظام، أو النظافة، أو احترام المواعيد، أو اتقان العمل، أو احترام التخصص، إلخ. لم نسمع عن هذا متناولا على ألسنة الدعاة، مع أنها من القيم الأخلاقية التى ينهض بها المجتمع وتستقيم بها الحياة وما تقدم الغرب إلا بتخلقه بهذه القيم رغم أنه لا يدين بالإسلام. إننا لن نضيف إلى أصول الدين الثابتة أو نحذف منها، ولكن التجديد يكون فى الفكر الناتج عن دراسة الأصول المتصلة بهذه الأسس، ولنا الحق شرعا أن نضيف إلى فكر السابقين ما ندركه من النص نحن المعاصرين، ورواد التجديد فى مصر بخاصة كثيرين بدءا من الشيخ جمال الدين الأفغانى والإمام محمد عبده، ورشيد رضا وفريد وجدى، والشيخ شلتوت، ومحمد الغزالى، وآخرون، نستفيد من رؤاهم وتجاربهم ونبنى عليها، وننتفع بها فى واقعنا المعاصر. * وهل تعتقد أن تجديد الخطاب الدينى مهمة المؤسسات الدينية وحدها؟ - كل من يتكلم باسم الدعوة الإسلامية فى قضية الدين عليه أن يتكلم بما يتناسب مع واقعنا وأن يراعى الزمان والمكان ومقتضى الحال، ومن يعجز عن ذلك، فإنه سيقف عند حد الفكر الذى نتج فى القرن الثانى والثالث الهجرى، وذلك يعنى أنه سيشد الناس إلى الوراء بدلا من الانطلاق بهم إلى الأمام، فالقضية عامة وليست خاصة. * إذن، فما تقييمك لجهود المؤسسات الدينية حتى الآن فى هذا الإطار؟ - أرى أن الجهود المبذولة الآن غير مسبوقة من قبل، لتحقيق هذه الغاية، عن طريق الدوارت التدريبية التى تعقد بقسم الوعظ بالأزهر الشريف، كذلك المؤتمرات والمنتديات والكتابات الحديثة التى تهدف إلى تحقيق هذه الغاية، وإن كان الواقع يقول إن الغاية لم تتحقق حتى الآن. * ماذا قصد رئيس الجهورية عبدالفتاح السيسى بالدعوة للثورة الدينية؟ - ينبغى فهم الكلمة فهما صحيحا، فهو يريد ألا يوظف الدين لمآرب شخصية أو فئوية أو جماعات أو جمعيات أو أن نأتى بنصوص كانت لها مناسباتها وننزلها على واقعنا الراهن. هى دعوة إلى تحريك العقل والفكر من أجل خطاب دينى معاصر يعبر عن روح الإسلام السمحة ويعطى تصورا مشرقا للإسلام، ويحبب الناس فيه بدلا من تنفيرهم منه، وبخاصة أن كل الجرائم ترتكب الآن باسم الإسلام من خلال التنظيمات الباغية أو «الحرابية» التى تدعى أنها حاملة لواء الإسلام مثل داعش، والنصرة، وبيت المقدس والجهاديين. * كيف نستطيع مواجهة الفكر المتطرف؟ - بفكر معتدل متزن من خلال مناظرات، وحوارات، وجدل وتمكين أهل الاعتدال والاتزان فى فكرنا الإسلامى من أن يبثوا أفكارهم النيّرة، فى مواجهة الفكر المتطرف المتشدد.