المفاوضات مستمرة بشأن «العاصمة الإدارية وأرابتك».. وقطاع المقاولات يواجه تحديات ضخمة لا يوجد مهندس أو عامل فى قطاع العقارات بدون عمل منذ العام الماضى.. والحكومة تدير المشروعات الكبرى بالتليفون تحسن أجور المهندسين وعمال اليومية لارتفاع الطلب عليهم.. وسياسة الشراكة مع القطاع الخاص ناجحة الشباب يفضل أن يكون عاطلًا على أن يقبل العمل فى مصنع ولو بشكل مؤقت أكد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الدكتور مصطفى مدبولى، أن قطاع المقاولات المصرى سيواجه تحديات كبيرة خلال الفترة المقبلة، بعد إطلاق عدد من المشروعات القومية والتى تحتاج إلى عمالة كثيفة، مشيرا إلى أن دور وزارة الإسكان اختلف تماما عن الماضى، فلم تعد الوزارة معنية فقط بالتسكين بقدر ما باتت معنية برسم مستقبل مصر العقارى. وأضاف خلال حواره مع «الشروق»، أن الحكومة لم تعد تدير الملفات بطريقة المكاتبات البريدية، وأن الوزراء يتواصلون هاتفيا بشكل يومى لبحث أى أزمة تخص المشروعات العملاقة التى أعلنت مصر عنها أخيرا، لافتا إلى أن سياسة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاصة تعد من أنجح السياسات التى ظهرت خلال الفترة الماضية. مشيرا إلى أن المفاوضات لا تزال قائمة بشأن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وأن إعلان أية تفاصيل جديدة يتم بحرص حفاظا على أسهم تلك الشركات المتداولة فى البورصة وعدم الإضرار بها.
ما هو مستقبل مشروعى العاصمة الجديدة وأرابتك؟ المشروعان فى مراحل التفاوض، ولكن الإفصاح عن تفاصيل تلك المفاوضات كثيرا ما يكون مضرا، وليست هناك أى نية لوقف المشروعين على عكس ما هو شائع، ولكن يتم الإعلان بشكل رسمى عن انتهاء كل مرحلة من مراحل التفاوض، حتى لا نؤثر على سوق العقارات وسوق الأوراق المالية، لأن جميع الشركات التى نتعامل معها فى المشروعات العملاقة مسجلة فى البورصات، إلى جانب تأثر سوق العقارات بأية أخبار تخص القطاع سواء كانت سلبية أو إيجابية. كيف تدير الحكومة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟ تعمل الحكومة الحالية بأسلوب مختلف تماما عن سابقتها، فالتواصل يتم تليفونيا وبشكل يومى بين جميع الوزراء المعنيين بالمشروعات القومية العملاقة وليس العاصمة الجديدة فقط، فحين يكون لدى مشكلة مع وزارة الكهرباء أو الزراعة أو الرى، يتم حلها بالاتصال تليفونيا بالوزير المعنى بالموضوع وحل المشكلة فى نفس اليوم، ولم تعد الحكومة تنتظر إرسال مخاطبات مكتوبة بين مكاتب الوزراء فى الحكومة لحل مشكلات بسيطة يمكن حلها بشكل فورى، ولا يعنى ذلك أنه لا تصدر قرارات مكتوبة ومعتمدة بين الوزارات، ولكن حل المشكلات أصبح يسبق كتابتها فى تقارير وخطابات رسمية. وماذا عن مستقبل مشروع أرابتك؟ المفاوضات مستمرة مع الجانب الإماراتى ولم تتوقف، شابها بعض التعثر بسبب تغيير مجلس إدارة الشركة بالكامل مرتين متتاليتين فى أقل من عام، ولكن من المتوقع البدء فى تنفيذ المشروع قريبا، ولكن النجاح الأهم هو أن سياسة الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة فى تنفيذ مشروعات الإسكان للشرائح الاجتماعية المختلفة، أصبحت سياسة ناجحة، وبالفعل تلقت الوزارة عدة طلبات للمشاركة فى تنفيذ وحدات إسكان اجتماعى ومتوسط بنفس شروط مشروع ارابتك، ومنها طلب لمجموعة من المستثمرين لتنفيذ 500 ألف وحدة سكنية خلال 5 سنوات. استطاعت الوزارة تحويل 3 برتوكولات من قمة شرم الشيخ إلى عقود، فماذا عن الباقى؟ وزارة الإسكان هى الوحيدة التى استطاعت تحويل 3 بروتكولات تم توقيعها فى قمة شرم الشيخ إلى عقود خلال أقل من 3 شهور بما قيمته 95 مليار جنيه، وخلال أسابيع قليلة سيتم الإعلان عن توقيع عقدين جديدين متوسط قيمة كل منهما 30 مليار جنيه، ومن المتوقع أن تدخل هذه العقود حيز التنفيذ خلال الربع الأول من العام القادم، بالإضافة إلى تلقى الوزارة 12 عرضا جديدا لمشروعات استثمار عقارى عملاقة شبيهة بالتى وقعت فى قمة شرم الشيخ، جميعها لتحالفات بعضها مصرى وأجنبى وخليجى وتحالفات بين مستثمرين مصريين وأجانب. لأى درجة يعتبر ما سبق نجاحا للوزارة؟ قطاع العقارات والمقاولات فى مصر حقق 17% نسبة نمو خلال العام الماضى، وهى أفضل مؤشرات تدل على أنه لا يوجد مهندس أو عامل فى قطاع المقاولات بدون عمل طوال العام الماضى، فحجم المشروعات العقارية والقومية الكبرى مثل المشروع القومى للطرق، حقق انتعاشا كبيرا وقويا للسوق المصرية، ووفر فرص عمل اضافية، فالوزارة تجاوزت سياسات الأيدى المرتعشة وانطلقنا فى عدد من المشروعات الكبرى أهمها ما تم توقيعه فى قمة شرم الشيخ. كما قمنا بتسوية عدد كبير من الملفات العالقة مع كبار المطورين العقارين، ويكفى أن أغلب المطورين العقاريين فى الخليج أعلنوا عن خططهم التوسعية فى مصر لسنوات قادمة، وهو نتيجة حالة الاستقرار التى تتمتع بها مصر مقارنة بالدول المحيطة فى المنطقة، وهناك مؤشرات أكثر أهمية من ذلك. ما هى هذه المؤشرات؟ ارتفاع متوسط مرتبات المهندسين والعمال فى قطاع التشييد والبناء، حيث أصبح متوسط أجر العامل الذى يعمل باليومية نحو 150 جنيها، وهو ما يعنى أن الطلب عليه أصبح أعلى وبالتالى يطلب أجرا عاليا، كما وصلت رواتب سائقى اللوادر والأوناش المحترفين إلى 7 آلاف جنيه، وهم أقل فئات فى منظومة البناء والمقاولات وهو النجاح الأهم، وهذه الأرقام رصدناها من أصحاب الشركات التى تعمل مع الحكومة فى المشروعات الكبرى. ما هى حقيقة فتح باب استيراد عمالة من الخارج؟ تلقينا عددا من الطلبات من أصحاب المصانع الكبرى، بفتح باب استيراد عمالة من الخارج، فهم يصرخون بسبب عدم إقبال الشباب على فرص العمل المتاحة لديهم فى المصانع، وكثير من أصحاب المصانع يشتكون من أنهم يعرضون رواتب اصبحت تبدأ من 1500 إلى 3 آلاف جنيه، بالإضافة إلى التأمينات وفترة تدريب على مهارات العمل، ولكن لا يجدون من يعمل لديهم، بسبب الثقافة المجتمعية، فالشباب ينظر إلى مهنة العامل باعتبارها تقليل من شأنه اجتماعيا، فى الوقت الذى نرى فيه مجتمع صناعى عملاق مثل ألمانيا أكثر من 50% من طاقة العمل خريجى معاهد فنية ومتوسطة، لكن فى مصر لا يقبل أى شاب وظيفة عامل فى مصنع ولو حتى بمنطق أنه حل مؤقت بديلا للبطالة إلى أن تتوافر له الفرصة الأفضل التى يبحث عنها. إلى أى درجة تعتبر طاقة العمل فى مصر قادرة على تلبية احتياجات المشروعات الحالى تنفيذها الآن؟ ستواجه مصر وتحديدا شركات المقاولات تحديات غاية فى الصعوبة خلال أعوام قليلة مقبلة، الأول هو قدرة شركات المقاولات المصرية المسجلة فى الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء على سد حاجة الطلب على المشروعات العملاقة التى سيتم البدء فى تنفيذها خلال شهور معدودة، ومنها قناة السويس والعلمين الجديدة والمثلث الذهبى واستكمال المشروع القومى للطرق، ومشروعات الإسكان الاجتماعى والمتوسط، والمرافق من محطات مياه وصرف صحى، وهو أمر بدأنا فى دراسته مع اتحاد المقاولين ليقوم أعضاء الاتحاد بتطوير قدراتهم وامكاناتهم لتتناسب مع حجم الأعمال التى ستنفذ فى مصر. الأمر الثانى وهو الأهم والأصعب، يتمثل فى تغيير الثقافة المجتمعية ليكون الشباب أكثر إقبالا على فرص العمل المتاحة فى القطاعات التنموية الأكثر جذبا للاستثمار مثل قطاع العقارات والمقاولات.