"فجأة وصلت الطائرات وبدأت تهاجم"، هذا ما يرويه لاجئون من اليمن الذي تمزقه الحرب لدى وصولهم إلى جيبوتي عن حالة الرعب والدمار جراء الضربات الجوية. وتحت وهج شمس حارقة وصل أمس مئات من الناجين من الحرب إلى السواحل الجيبوتية بعد رحلة محفوفة بالمخاطر في خليج عدن. وجيبوتي لا تبعد عن باب المندب الذي يفصل بين القرن الافريقي وشبه الجزيرة العربية سوى حوالى ثلاثين كيلومترا. وروت مرسالة محمد أحمد "جئنا في مراكب صغيرة، مراكبنا الخاصة. كل الأسر - نحو ثلاثين أسرة أي قرابة مئتي شخص". وأضافت أن "مواقع عسكرية أقيمت في الجوار وتملكنا الخوف على أولادنا لم يكن أمامنا من خيار سوى الهرب إلى جيبوتي". وفي الوقت الحالي لم يقم سوى بضع مئات من اللاجئين بهذه الرحلة إلى جيبوتي بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. لكن هذه الوكالة الأممية تستعد الآن لوصول عدد متزايد من اللاجئين. وتستضيف جيبوتي التي تعتبر استراتيجية بحكم موقعها الجغرافي عند منفذ البحر الأحمر - أحد الطرق البحرية الرئيسية في العالم - عددا كبيرا من اللاجئين معظمهم من الصوماليين علما بان عددها سكانها يقدر بحوالى 850 الف نسمة. وروى عبد الله مراد عبدو الطالب في كلية الصحافة في جامعة مرفأ عدن "ان الرحلة استمرت يومين مكدسين في قاع مركب بدون اي مقعد"، مؤكدا "تمكنا من رؤية الضربات الجوية، انه امر مرعب". واستطردت شهيرة شهباز الطالبة أيضا "أحب بلادي، لا أريد مغادرتها لكن الوضع هناك بات مريعا"، مضيفة "لم يكن هناك من حل اخر سوى الهرب بمركب". وكان اليمن فيما مضى أرض نفي وعبور للاجئين الصوماليين الهاربين من الحرب الأهلية في بلادهم. وشاءت صدف التاريخ أن يصبح تدفق اللاجئين في الاتجاه المعاكس لأن اليمييين هم من يبحث الآن عن ملجأ على الشواطىء الإفريقية. واكدت كارلوتا فولف المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين للصومال "ان جميع الذين يصلون الى الصومال يقولون ان مزيدا من الاشخاص يستعدون لمغادرة اليمن". ويهرب اليمنيون من الحرب لكن بعض اللاجئين الافارقة لا يعرفون شيئا عن العنف الدائر في عدن وصنعاء وما زالوا يصلون الى سواحل اليمن. وبحسب المفوضية العليا للاجئين فان الهلال الاحمر اليمني "ما زال يسجل مئات من طالبي اللجوء معظمهم من الصوماليين والاثيوبيين الذين لا يعرفون ما يجري في البلاد او وقعوا بين ايدي مهربين وعاجزين عن وقف رحلتهم". أما اليمنيون الذين وصلوا الى الشواطىء الجيبوتية فجاء دورهم ليتحسروا على حياتهم السابقة وعلى الامان الذي كانوا ينعمون به. وقال أحمد بأنين "نرفع شكوانا الى الله ضد اولئك الذين دفعونا الى الهرب وفرضوا علينا هذا الوضع"، مضيفا "اننا ضائعون لا نعلم ما سيحل بنا".