• يجب ألا يقاتل جيشنا بمفرده لأن لدينا مصادر تهديد عديدة • مشاركة مصر فى «عاصفة الحزم» عودة حميدة لقيادة النظام العربي • مصر تؤكد مصداقية أن أمن الخليج خط أحمر.. والرياض أيقنت أن القاهرة حليف موثوق به • أدعو لتشكيل مجلس دفاع عربى مشترك.. والقتال يجب أن يشمل داعش فى ليبيا والعراق إلى جانب اليمن • التدخل فى اليمن جعل القوة العسكرية العربية المشتركة واقعًا على الأرض اعتبر مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور محمد السعيد إدريس، مشاركة مصر فى التدخل العسكرى العربى فى اليمن، عودة حميدة لدورها فى قيادة النظام العربى. ودعا فى حوار مع «الشروق» بشأن الأزمة اليمنية، إلى تشكيل مجلس دفاع عربى مشترك، وأن يشمل القتال، ليبيا والعراق إلى جانب اليمن، وحذر من استنزاف جيشنا فى القتال بمفرده فى اليمن، مشددا على أن المشاركة المصرية السريعة، برهنت للمملكة العربية السعودية على أن «القاهرة حليف موثوق به»، على حد تعبيره. وإلى نص الحوار: • ما تقييمك للتحرك الخليجى المصرى فى اليمن ضد الحوثيين؟ تحرك إيجابى وضرورى جدا، وجاء فى الوقت المناسب، لأن الحوثيين المدعومين بالانقلابيين من أنصار على عبدالله صالح، كانوا يريدون السيطرة على عدن، وإعلان نهاية ازداوجية السلطة، لصالحهم، بالقضاء على وجود السلطة الشرعية فى عدن، وكانوا سيقضون بذلك على أى فرصة للتدخل العسكرى العربى فى اليمن، لأن التدخل يكون إما بطلب من السلطة الشرعية أو بقرار أممى من الأممالمتحدة ومجلس الأمن، والأخير لم يكن مستعدا للتصريح بهذا التدخل، ليس فقط بسبب الموقف الروسى الداعم للحوثيين لأسباب غريبة وغير مبررة، وإنما لأسباب أمريكية أيضا، لذا كان من المستحيل صدور قرار من مجلس الأمن بالتدخل العسكرى فى اليمن استنادا للبند السابع، الأمر الذى كان سيقطع الطريق على أى رغبة عربية فى التدخل ضد الانقلاب الحوثى. • إذن.. الوقت كان عاملا مهما فى المبادرة بالتدخل ضد قوات الحوثيين؟ دول الخليج ومصر، كانت فى سباق مع الزمن، لأن أى تأخر لساعات كان سيضع نهاية لأى تدخل، وإن كنت أتمنى أن يكون هذا التدخل بقرار من الجامعة العربية، لكن، كما قلت لك، فإن انتظار صدور هذا القرار كان سيصطدم بإسقاط السلطة الشرعية فى عدن على أيدى قوات الحوثيين وعلى عبدالله صالح، لذلك فإن التدخل جاء فى الوقت المناسب جدا. • هل هناك شروط محددة لضمان نجاح هذا التدخل بأكبر نسبة ممكنة؟ المهم أن يكون تدخلا يحمى عدن، ويضع نهاية لهذا التمرد، ويطلق مجددا الحوار الوطنى الذى رفضه الحوثيون، فقد كان هناك حوار وطنى بسبب التهديدات التى تتعرض لها السلطة الشرعية، وطلب الرئيس عبدربه منصور هادى نقل هذا الحوار إلى الرياض، لكن الحوثيين وعلى صالح، رفضوا هذا الطلب بالمطلق، فقد كان الحوار الوطنى والحل السياسى، خيارات مرفوضة بالنسبة لهم، بعدما أحدثوا انشقاقا داخل الجيش اليمنى، وإعلان صالح، ترشيح نجله اللواء أحمد على عبدالله صالح، لرئاسة الجمهورية، لينتقم من ثورة الشعب اليمنى فى 2011. ونحن الآن نجنى سلبيات المبادرة الخليجية فى 2011، لأنها أبقت على وجود عبدالله صالح فى اليمن، ولم تضع نهاية للميليشيات العسكرية المسلحة، كما أن السلطة التى جاءت بناء على هذه المبادرة، كانت ضعيفة ولم تحقق الأمن والاستقرار، بدليل ما حدث من اجتياح الحوثيين لصنعاء وعمران ووصولهم لتعز واتجاههم بعد ذلك إلى عدن، وقصفهم قصر الرئاسة، فى انقلاب كان مدبرا ومدعوما بشكل فعلى من إيران، والتصريحات الإيرانية تؤكد هذا، كما تُظهر قدرا من الاستعلاء نتيجة وجودهم فى سورياوالعراق واليمن، وهذا كلام خطير، وما كنا نتصور أن تعلن ايران عن ميولها للهيمنة والإمبراطورية على أرض العرب بهذا الشكل، متجاهلة أفغانستان وآسيا الوسطى. • وما تأثير الحرب فى اليمن على اقتراح مصر أخيرا تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة؟ مصر اقترحت منذ أسابيع تأسيس قوة عسكرية عربية مشتركة وكان هناك اعتراضات من بعض المفكرين السعوديين، وكانوا ينتقدون رغبة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قتال داعش، ولم يقرأوا الرسالة المصرية الصحيحة. مصر اليوم فى اختبار مهم، والسعودية باتت على يقين أن مصر حليف موثوق به، وأنه ليس هناك حل ولا تحالف إلا الحل العربى والتحالف العربى، بعدما كان يعول بعض الخليجيين على تحالف سُنّى تقوده تركيا، لكن مصر أثبتت أن التحالف العربى هو الحل بدليل أنها لم تتأخر لحظة عن القتال فى اليمن لإدراكها أن الأمن القومى العربى لا يتجزأ، وهو تأكيد على مصداقية الرئيس السيسى حين قال إن أمن الخليج خط أحمر. وأعتقد أن ما حدث من مبادرة خليجية مصرية بالتدخل فى اليمن، هو إعلان فعلى عن تشكيل القوة العربية العسكرية المشتركة بمن يريد، فسلطنة عمان غير مشاركة والقرار بالتدخل لم يصدر بالإجماع. القوة العسكرية العربية المشتركة موجودة بالفعل، وتقاتل فى اليمن ويجب أن تقاتل فى ليبيا والعراق لأن ايران هى التى تقاتل فى العراق، وهو ما يخلق لها مناطق نفوذ فعلية فى العراق، ويجعلها تتحدث عن الإمبراطورية والوحدة الفعلية بينها وبين العراق. • ما الضوابط الواجب على مصر مراعاتها أثناء المشاركة فى حرب اليمن حاليا؟ المسألة فنية وتقع ضمن مسؤولية العسكريين وفقا للميدان، والواجب أن تكون هناك مشاركة فعلية من الدول الخليجية مع الجيش المصرى، وألا يقاتل وحده ويتم استنزافه، لأن لدينا مصادر تهديد عديدة، وأن يكون لهذا التدخل أفق سياسى، وأن يصدر بشأنه قرار من القمة العربية التى تنعقد فى الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من الشهر الحالى، وأن تكون هناك تسوية سياسية تحت رعاية الجامعة العربية وليس مجلس التعاون الخليجى، وأن يكون هذا التدخل جزءا من مشروع عربى، وأن يعاد إحياء اتفاقية الدفاع العربى المشترك، ويجب ألا يكون هذا التدخل موسميا حسب أهواء دول عربية بعينها فى الجامعة العربية، فقطر مثلا ترفض تسليح الجيش الليبى، كما يجب وضع ميثاق للقوة العربية العسكرية المشتركة، وأدعو لتشكيل مجلس دفاع عربى مشترك، وقيادة عسكرية مشتركة للقوة العربية، لتكون بداية نواة لقيادة اقتصادية وسياسية مشتركة، حتى نسقط كل رهانات الغرب واسرائيل وإيرانوتركيا بشأن العالم العربى. • التدخل المصرى فى اليمن الآن يعيد لذاكرة البعض دور جيشنا هناك فى ستينيات القرن الماضى.. هل هذه المقارنة فى محلها اليوم؟ المشاركة الأولى لم تغز اليمن، وإنما تدخلت لحماية الثورة اليمنية، والبعض حاول تشويه دورنا فى ستينيات القرن الماضى بسبب نكسة 1967 واعتبارها نتيجة لهذا الدور وهذا غير صحيح، لأن النكسة كانت مؤامرة مدبرة من واشنطن لإسقاط النظام المصرى وقتها، فضلا عن تشويه أنور السادات لسياسات الرئيس جمال عبدالناصر بعد وفاة الأخير. فى الستينيات، كانت السعودية ضد تدخل الجيش المصرى، وكانت تتصور أن دوره يهددها، لكن اليوم هناك تحالف مصرى سعودى يواجه انقلابا «طائفيا» على السلطة يهدف لإعادة اليمن لما قبل ثورة 1962 التى أسقطت الحكم العشائرى، والسعودية ستقاتل هذا الانقلاب حتى الرمق الأخير، لأن تمريره بدعوى منح الحكم للهاشميين، معناه اسقاط النظام السعودى نفسه. وأود أن أقول إن الدور المصرى اليوم يحسم قيادتها للنظام العربى، مصر تعود للعرب الآن، وتشكل شراكة وتحالفا استراتيجيا مصريا خليجيا، قائما على توازن المصالح، لتقدم ما تستطيع تقديمه، فى عودة حميدة لدورها القيادى للنظام العربى، وليس دور التابع لأى دولة. • السعودية قالت إن التدخل فى اليمن مستمر حتى تحقيق أهدافه.. ما تصورك لآفاق هذا التدخل ومستقبله ؟ أرى أنه يجب تفعيل مخرجات الحوار الوطنى اليمنى وبنود المبادرة الخليجية الأخيرة، فالحوار الوطنى اليمنى شاركت فيه كل القوى الوطنية هناك، وجرى تحت رعاية الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى.