وزارة التضامن تقرر إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    وزير الإسكان يُتابع مشروعات توسعات محطات الصرف الصحي في 3 مدن جديدة    محافظ الإسكندرية يتابع تداعيات الهزة الأرضية التي شعر بها المواطنون.. ويؤكد عدم وجود خسائر    وزيرة التخطيط: 62.4 مليار جنيه استثمارات تنمية محافظات الصعيد خلال 2025-2026    محافظ الدقهلية يضبط صاحب مخبز يبيع الخبز بالسوق السوداء: القرش اللى خدته هتدفعه عشرة    وقع في اليونان وأصداؤه في مصر.. تفاصيل زلزال الليل بقوة 6.4 ريختر    انطلاق القمة الخليجية الأمريكية لتعزيز التعاون المشترك بمختلف المجالات    بث مباشر.. فعاليات القمة الخليجية الأمريكية في الرياض    الصين تعتزم تعديل الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية المستوردة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء.. ميلان وبولونيا في نهائي كأس إيطاليا وظهور ريال مدريد    تشكيل ميلان المتوقع أمام بولونيا في نهائي كأس إيطاليا 2025    ارتفاع عدد الوفيات ل 8.. تطورات جديدة بحادث خط الغاز بطريق الواحات    الأرصاد تحذر من موجة حارة تبدأ الجمعة.. ودرجات الحرارة تتجاوز 40 جنوبًا    اليوم.. 8699 طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالإسكندرية    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم القاهرة الصحراوي    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ظهور سمكة قرش "بيبي تايجر" قبالة سواحل الغردقة يثير دهشة الغواصين    وزير الثقافة يستعرض موازنة الوزارة أمام لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب    وزير الصحة يشهد توقيع بروتوكول بين المجلس الصحي المصري والمجلس الأعلى لأخلاقيات البحوث الإكلينيكية    لليوم الثالث على التوالي.. محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى التأمين الصحي في جديلة    الرعاية الصحية: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر لتعزيز التعاون في التعليم الطبي والمبادرات الصحية المجتمعية    الصحة العالمية توصي بتدابير للوقاية من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية بعد ظهور 9 حالات جديدة    أحمد عيد عبد الملك مديراً فنيا لحرس الحدود    جمعية الفيلم تنظم مهرجان العودة الفلسطيني بمشاركة سميحة أيوب    هآرتس: إسرائيل ليست متأكدة حتى الآن من نجاح اغتيال محمد السنوار    وزير العمل يستعرض جهود توفير بيئة عمل لائقة لصالح «طرفي الإنتاج»    سعد زغلول وفارسة الصحافة المصرية!    الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية يلقي محاضرة عن تكنولوجيا الفضاء في جامعة القاهرة ويوقع بروتوكول تعاون مع رئيس الجامعة    وزير الخارجية: الدفاع عن المصالح المصرية في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسي بالخارج    مدرب سلة الزمالك: "اللاعبون قدموا أدءً رجوليا ضد الأهلي"    سر غضب وسام أبوعلي في مباراة سيراميكا.. وتصرف عماد النحاس (تفاصيل)    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 بعد آخر تراجع    السعودية.. رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج    ياسر ريان: حزين على الزمالك ويجب إلتفاف أبناء النادي حول الرمادي    نظر محاكمة 64 متهمًا بقضية "خلية القاهرة الجديدة" اليوم    القبض على الفنان محمد غنيم لسجنه 3 سنوات    فتحي عبد الوهاب: عادل إمام أكثر فنان ملتزم تعاملت معه.. ونجاحي جاء في أوانه    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 14 مايو 2025    فتحي عبد الوهاب: عبلة كامل وحشتنا جدًا.. ولا أندم على أي عمل قدمته    قبل التوقيع.. الخطيب يرفض طلب ريفيرو (تفاصيل)    رسالة مؤثرة يستعرضها أسامة كمال تكشف مخاوف أصحاب المعاشات من الإيجار القديم    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    فتحي عبد الوهاب: لم أندم على أي دور ولم أتأثر بالضغوط المادية    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    «السرطان جهز وصيته» و«الأسد لعب دور القائد».. أبراج ماتت رعبًا من الزلزال وأخرى لا تبالي    مصطفى شوبير يتفاعل ب دعاء الزلزال بعد هزة أرضية على القاهرة الكبرى    دفاع رمضان صبحي يكشف حقيقة القبض على شاب أدي امتحان بدلا لموكله    بقوة 4.5 ريختر.. هزة أرضية تضرب محافظة القليوبية دون خسائر في الأرواح    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    تعليم سوهاج يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2024-2025    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية الأزهرية 2025 الترم الثاني (الجدول كاملًا)    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بناء الثقة بين التونسيين
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 03 - 2015

كشفت العملية الإرهابية فى باردو عن هشاشة الوحدة الوطنية وتفكّك النسيج الاجتماعى، وانعدام الثقة بين مختلف الأحزاب السياسية، والتيارات الأيديولوجية. فبالرغم من تباهى التونسيين ب«التوافق» الذى لولاه لما عبرت تونس «برّ الأمان» فإنّ العمليّة الإرهابية لم تؤد بعد إلى التفاف جميع التونسيين وتوحدهم فى حربهم على الإرهاب.
ولئن توالت تصريحات عدد من قيادات حزب النهضة المُدينة للعملية الإرهابية بباردو، وعلى رأسها الغنوشى، الذى زمجر وهدّد وندّد.. فإنّ الأصوات ارتفعت لتوجه أصابع الاتهام إلى النهضة بالدرجة الأولى، والترويكا بصفة ثانية، فهم المسئولون عن تسلل الإرهاب إلى البلاد، ثمّ تمكّنه. ويسوق أصحاب هذا الطرح عدّة أمثلة كتراخى حكومة «العريّض» فى معاقبة المتشدّدين، وتكريس الإفلات من العقاب، ودعوة عدد من القيادات السلفية المتشددة إلى الحوار، وفتح الباب أمام الدعاة المروجين لخطابات التكفير، والكراهية، وتأسيس جمعيات خيرية تعمل على تجنيد الشبان إلى الجهاد فى سوريا، وغض الطرف عن مصادر تمويل هذه الجمعيات، والاستهانة بالميثاق الوطنى لمكافحة الإرهاب الذى لم تنخرط فيه عدد من الأحزاب، واعتبار عدد من نواب الشعب الإرهاب مجرد فزاعة بل وصل الأمر إلى اتهام وزراء من حزب النهضة بالتدخل فى قرارات وزارة الداخلية... وقد بادرت عدّة قيادات فى حزب النهضة باتخاذ موقف الدفاع داعية التونسيين إلى التوحّد من أجل مواجهة الخصم الرئيس شعارها فى ذلك «عفا الله عما سلف».
•••
ولكن ما سكتت عنه هذه القيادات وغيرها من الشخصيات السياسية، هو تحديد المسئوليات والاعتراف بالأخطاء المرتكبة والاستعداد للمحاسبة. فالإرهاب الذى تسلل تحت عباءة «الثقافة» الواعدة حينا وحرية التعبير، وحرية المعتقد حينا آخر ما كان له أن يتمكّن لو قدّرت الحكومات السابقة ما سيترتب عن ظاهرة الاستيلاء عن المساجد واتخاذ المنابر والساحات العامة فضاءات للتكفير من نتائج آنية وأخرى على المدى البعيد. كما أنّ الحكومات المتعاقبة لم تدرك عواقب استبعاد عدد من الكفاءات الأمنية التى عملت تحت نظام بن على، وحل جهاز أمن الدولة الذى كان يراقب المال المشبوه ويقوم بنشاط استخباراتى، ولم تنتبه إلى ما سينجر عن إصدار العفو العامّ من أضرار.
لا مراء فى أنّ كلّ الحكومات السابقة قد ارتكبت أخطاء ولكن ما الذى يجعل حزب النهضة الطرف الرئيسى المُدان ؟ فكلّما جدّ حادث إرهابى زهقت فيه الأرواح إلاّ وانهالت التهم، وتعالت الأصوات الغاضبة بل الداعية إلى الإقصاء، والمحاسبة، والمحاكمة...وانطلقت الروايات، وعرضت الحجج، والبراهين، ونشرت الوثائق، والصور وآخرها صورة منفذ عملية باردو وعبدالفتاح مورو نائب رئيس البرلمان ومن مؤسسى حركة النهضة.
تنمّ هذه الصراعات على أعمدة الصحف، وفى المنابر الإعلامية، وعلى الشبكة التواصلية الاجتماعية عن حالة الاحتقان داخل المجتمع التونسى. فالأزمة واضحة لا غبار عليها تغذّت حين تفشّى العنف بجميع أشكاله، وانقسم التونسيون إلى معسكرين: أهل اليمين وأهل اليسار، «المهتدون» والضالون»، «أنصار الحداثة» و«الظلاميون».. واحتدّت عند الاغتيالات السياسية ثمّ عند الانتخابات بل عند تشكيل الحكومة و«اضطرار» حزب نداء تونس إلى تشريك النهضة فى الحكم.
•••
يوجّه قياديو وأتباع حزب النهضة مسئولية ما يحدث من توتّر إلى «إعلام العار» فهو الذى يبحث باستمرار عن الإثارة، ويفعّل الذاكرة من خلال عرض بعض الفيديوهات، والشعارات ، والأحداث الماضية.... فيؤجّج بذلك الأحقاد الدفينة، ويؤلب الناس بعضهم ضدّ بعض... ولكن نرى فى تكرّر مثل هذه المواجهات علامة على وجود بنية علائقية تزداد تصدعا على مرّ الأيام نتيجة إصرار النهضة على إنكار مسئوليتها وغياب إرادة حقيقية فى تجاوز الخلافات وإدارة الأزمات. فلا الذين أخطأوا فى حق الوطن أبدوا استعدادا على الاعتراف بما اقترفوا وعلى تقديم الاعتذارات والخضوع للمحاسبة، ولا الذين انتصبوا قضاة اعترفوا بمسئولية أنصارهم فى التغاضى عن تفكيك منظومة الفساد، وفرض آلية المحاسبة، وتفعيل القوانين للقضاء على لوبيات التهريب، والتجارة الموازية، وتبييض الإرهاب، وغيرها من مظاهر الفساد. وطالما أنّ الأزمات تعالج عن طريق المواجهة، والعنف بدل المصارحة وتحمّل المسئوليات فإنّ بناء الوحدة الوطنية سيتأخر مثلما سيتعثّر مسار مكافحة الإرهاب. فأنّى لمجتمع مفكّك أن يقوى على الوقوف بوجه المارد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.