الجوانب الفنية متروكة للدراسة ومصر اقترحت التعجيل بالاتفاق السياسي.. ولا شيء اسمه «تعطيش مصر» قال السفير المصري في أديس أبابا محمد إدريس، إن اتفاق المبادئ الثلاثي حول سد النهضة الذي وقع اليوم بين قادة مصر والسودان وإثيوبيا، يمثل نقطة توازن المصالح بين الأطراف الثلاثة، ولا يعني بالضرورة حصول كل طرف على كل ما يريده، بل يعبر عن تلبية الشواغل الأساسية التي تهم كل طرف، على قاعدة "المكسب للجميع" وفي زمن وسياق معين قد يتفق الأطراف على تغييره مستقبلاً. وأضاف إدريس في تصريحات صحفية بمقر السفارة بأديس أبابا، صباح الاثنين، أن الاتفاق استغرق جهداً كبيراً وكان يعتبر مسألة معقدة، وأنه لن يتضمن التفاصيل الفنية الدقيقة المرتبطة بفترات ملء السد، التي يجرى عليها العمل لاحقاً، لأنها تحتاج دراسات مطولة سيستعان فيها ببيوت خبرة عالمية، ونظراً لطول فترة الدراسة الفنية بادر الجانب المصري بطرح فكرة اتفاق المبادئ السياسية لطمأنة الشعب المصري والتأكيد على أن الأمور تسير في إطارها الصحيح. وأكد إدريس أن المبادئ تلبي مصالح مصر، وأن إقرارها في شكل اتفاق ثلاثي يعطيها صفة الإلزام للدول الثلاث، كما لا يجيز لأي طرف أن ينفرد بالتصرف وحده دون الرجوع للآخرين فيما يخص قضية سد النهضة، وأن هذا يحمل معطيات جديدة إيجابية تجعل من السهل التعاون الثنائي بين مصر وإثيوبيا مستقبلاً في هذا المجال. وشدد إدريس على أن المواطن الإثيوبي البسيط لا يرغب بأية حال في قطع المياه عن مصر، لكن سد النهضة هو نقطة التقاء وطني في إثيوبيا ومشروع مطروح منذ بناء السد العالي في مصر، فللشعب الإثيوبي لا يظهر لديه ما قد يشغل بال المصريين من أضرار محتملة، وهو فقط يفكر فيما سيوفره له السد من تنمية وتطوير، فعلى سبيل المثال مصر تنتج 33 ألف ميجاوات من الكهرباء مقابل ألفي ميجاوات فقط لإثيوبيا رغم التقارب الشديد في عدد السكان. وأوضح أن موضوع سد النهضة يجب أن يتعامل معه الإعلام المصري بدون تهوين أو تهويل، فلا يوجد شيء اسمه تعطيش مصر، ولا يجرؤ أحد على تعطيش 90 مليون مصري يعيشون في بلد استراتيجي، وأن على جميع من يتناولون هذا الملف بالتحليل في مصر ألاّ يقطعوا أواصر العلاقات مع دول جارة وألاّ يهينوا أحداً لمجرد خلاف في الرؤية، مستطرداً: "في كل الأحوال لا يوجد حلول بدون ثمن، وعلينا أن نخرج من الدائرة السلبية التي يريد البعض البقاء فيها إلى تطوير علاقاتنا بإثيوبيا في كل المجالات". وأشار إلى أن الجانب الإثيوبي كان يرى أن تقديم تعهدات مكتوبة بعدم الإضرار بمصر أمر لا داع له، معتبراً أن تعهداته الشفهية المتكررة كافية، وفي المقابل كان الجانب المصري يريد تحقيق نقطة أبعد من ذلك لضمان عدم الإضرار بمصالح مصر في المستقبل، وهو ما تحقق. وحول مدى إمكانية مشاركة مصر في مشروع سد النهضة، قال السفير إن "اكتتاب الأسهم الخاص بالمشروع مطروح للإثيوبيين فقط وليس للأجانب أو الدول، والشركة التي تقوم ببناء السد إيطالية، وكان رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي قد طرح في أبريل 2011 رؤية المشاركة المصرية السودانية في مشروع السد، غير أن عدم الاتفاق السياسي أفشل هذا الطرح، ولا بد من توافق سياسي كامل لإعادة طرح هذه المسألة مرة أخرى". وذكر إدريس أن أحد المناهج المقترحة للتعامل مع قضية السد أن تدشن الدول الثلاث حزمة منافع تكاملية في مختلف المجالات من طاقة وزراعة وإنتاج حيواني وإنتاج سمكي وغيرها، على أن تخرج كل دولة من الحزمة بحصيلة إيجابية في محور أو أكثر، لكن لم يتم الخوض في تفاصيل هذه الحزمة حتى الآن. وشدد على "ضرورة خلق شبكة مصالح مصرية في إثيوبيا وغيرها من الدول الإفريقية بتكثيف الاستثمارات المصرية التي تبلغ حالياً نحو ملياري دولار بين مشروعات مفعلة وأخرى مرتقبة" مشيراً إلى أن المستثمرين الصينيين والهنود والأتراك والخليجيين يسبقون المصريين في هذا المجال. ونفى إدريس ما تردد عن فوز شركة إسرائيلية بمناقصة توزيع كهرباء سد النهضة، موضحاً أنها تقدمت بالفعل لكن شركة هندية فازت بالمشروع.