إذا كان افتراض البعض حضور تناقض بين رفض السلطوية الجديدة والعصف بسيادة القانون وانتهاكات الحقوق والحريات وبين الإدانة الشاملة للإرهاب والتضامن لتخليص مصر من شروره هو عنوان لوعى زائف وقراءة فاسدة تنقلب على كل القيم الأخلاقية والإنسانية وتتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا وأوضاع المجتمعات البشرية المعاصرة التى تقطع باستحالة البناء الديمقراطى حال غياب الدولة الوطنية المتماسكة والمجتمع المحافظ على سلمه الأهلى والمواطن الآمن من جنون العنف والعنف المضاد، فإن افتراض حضور تناقض بين رفض السلطوية الجديدة ومواجهة انتهاكاتها المتكررة وبين التطلع بإيجابية إلى الجهود العامة والخاصة لإطلاق التنمية المستدامة وتجاوز أزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والمالية ومن ثم التحسين التدريجى للأوضاع المعيشية للناس هو عنوان لوعى زائف آخر أتمنى أن تكون الحركة الديمقراطية المصرية فى منأى عنه. على الأصوات والمجموعات الفاعلة داخل الحركة الديمقراطية المصرية، وهى تتابع اليوم وقائع المؤتمر الاقتصادى المنعقد فى شرم الشيخ والهادف لتنشيط الاستثمارات الإقليمية والخارجية، أن تدرك أهمية نجاح المؤتمر فى دعم فرص التنمية المستدامة وفى المساعدة على جذب مصر بعيدا عن دوائر الأزمات الراهنة. وهى بإدراكها هذا تضع فى الصدارة صالح المواطن المصرى الذى تدمى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية أغلبيته الفقيرة والضعيفة ومحدودة الدخل، وتمتنع عن الخلط الكارثى بين الرفض المشروع للسلطوية الجديدة وبين الاستعلاء على الصالح العام للوطن بمواطنيه ومجتمعه ودولته والمرتبط حتما بفرص التنمية المستدامة، بل وتنتصر للأمل فى العودة إلى مسار تحول ديمقراطى حقيقى من بين شروطه فاعليته واستمراريته ونجاحه يأتى التحسين التدريجى للأوضاع المعيشية للناس فى موقع أساسى. على الأصوات والمجموعات الفاعلة داخل الحركة الديمقراطية، وهى ترصد التعديلات الكثيرة التى أدخلت على قوانين الاستثمار والخدمة المدنية والإجراءات الجنائية قبل انعقاد المؤتمر وتحلل التفاصيل المحددة لما أعلن فى شرم الشيخ من مشروعات فى مجالات البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة وما سيتوالى إعلانه على الأرجح خلال الأيام والأسابيع المقبلة، أن تدرك أن مسئوليتها لجهة صالح المواطن وصالح الوطن تلزمها بالاجتهاد للترشيد التنموى والديمقراطى لنتائج المؤتمر الاقتصادى ولمجمل التوجهات والأداء الاقتصادى الرسمى أى للحكومة ومن وراءها لمنظومة الحكم / السلطة، والتمييز الصارم فى هذا الإطار بين القراءة الموضوعية الهادئة وبين عموميات الرفض المسبق والنقد غير الموضوعى. واجب الحركة الديمقراطية المصرية، بمعايير التنمية المستدامة وبمعايير الدفاع عن الديمقراطية هو: 1) التركيز على ضرورة توجيه بعض الاستثمارات الإقليمية والخارجية إلى المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وليس فقط إلى مشروعات البنية التحتية الكبرى التى لا يشارك فيها مصريا إلا مؤسسات وأجهزة الدولة والقطاع العام وكبار القطاع الخاص ونخبهم الاقتصادية والمالية. 2) الإصرار على حتمية أن تضبط الحكومة ومن وراءها منظومة الحكم / السلطة سقف توقعات المواطنات والمواطنين وأن توضح للرأى العام وزن قضايا العدالة الاجتماعية والتوزيع المجتمعى العادل لعوائد الاستثمارات الإقليمية والخارجية ومن ثم للعوائد المرجوة للتنمية المستدامة. 3) المطالبة بتفعيل قواعد الشفافية والرقابة والمساءلة والمحاسبة بشأن جميع أوجه النشاط الاستثمارى والاقتصادى، إن السابقة لمؤتمر شرم الشيخ أو التالية له، إن المرتبطة بالبنية التحتية والمشروعات الكبرى أو المتجهة إلى مجالات وقطاعات أخرى. 5) الضغط باستخدام وسائل الحراك السلمى والمعارضة السلمية لتوعية الناس على نحو محدد بشأن أوجه النشاط الاستثمارى والاقتصادى وبشأن قضايا العدالة الاجتماعية ودفعهم إلى المطالبة بالمشاركة الفعالة فى اتخاذ القرارات الهامة ومقاومة استئثار مؤسسات وأجهزة الدولة وكبار القطاع الخاص المصرى ومانحى ومستثمرى الخارج بها بعيدا عنا وعن حقوقنا.